اخبار البلد - مع تواصل الجدل حول دعوات تناول أكل لحم الحمير في مصر، تحول الأمر إلى ما يشبه الهستيريا الجماعية، بعد تداول أنباء تفيد بالعثور على عشرات الجثث لحمير مذبوحة ومسلوخة الجلود ومنقوصة من بعض أجزاء أجسادها، وسط مخاوف من احتمال استخدام لحومها في المطاعم.
وقالت وسائل إعلام محلية ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي إن الجثث "منزوعة الكبد”، مما أثار حالة من الفزع. وتصدرت قضية تناول لحم الحمير المشهد الإعلامي المصري خلال الأيام القليلة الماضية، مع انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء بشكل يفوق ميزانيات معظم الأسر.
وتداول ناشطون على الشبكات الاجتماعي تصريحات الإعلامي تامر أمين الذي دعا إلى أكل لحوم الحمير والخيول.
وقال أمين، خلال تقديم برنامجه في إحدى الفضائيات إنّ لحم الخيول والحمير يُباع ويؤكل في دول كثيرة من العالم ومنها الدول المتقدمة، ولحم الحصان من الأطباق الغالية جداً في باريس، و”يقال إنه صحي جداً وآمن”.
وتابع خلال مداخلة هاتفية في برنامج "آخر النهار”، الذي يقدمه هو نفسه ويذاع على قناة "النهار”، "يسمح في هذه الدول بتناول هذه اللحوم لأنها تخضع للرقابة”.
دا واحد بيتقال عليه مثقف وتنويرى وبيشتغل فى أخطر مهنة على وجه الأرض حاليا ومش عارف احنا ليه مش مناكل لحم الحمير وسبحان الله رغم كده لم يستضيف حد من الشيوخ تلاقيه عمال يتفلسف. (هذا أحد الذين يقال إنه مثقف وتنويري ويمتهن أخطر مهنة على وجه الأرض حاليا ولا يعرف لماذا لا نأكل لحم الحمير، سبحان الله رغم ذلك لم يستضف أي شيخ من الشيوخ الذين بإمكانهم أن يفتوا في هذه المسألة، لعله يدعي في العلم فلسفة).
واستندت تصريحات أمين إلى قول الدكتور مجدي نزيه، وهو استشاري التثقيف والإعلام الغذائي بالمعهد القومي للتغذية: "إنّ بعض الدول تسمح بتناول لحوم الفصيلة الخيلية (الحمير والأحصنة)، وتُعدّ آمنة تماماً”، مشيراً إلى أنّ هذه الدول مسموح فيها استهلاك هذه اللحوم لأنّها تخضع للرقابة.
وأوضح نزيه، في مداخلة مع البرنامج ذاته الذي يقدمه أمين، أنّه بالنسبة إلى الدول التي لا تسمح باستهلاك هذه اللحوم، يعود ذلك إلى عدم خضوع هذه اللحوم لأيّ رقابة، وبالتالي لا يمكن الجزم بمدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
وكشف أنّ سعر لحم الخيول مرتفع جداً بالمقارنة بأسعار اللحوم العادية في الدول التي تسمح ببيعها. وأضاف أنّه لا توجد موانع علمية للسماح بتناول لحوم الحمير والخيول، ولكنّ الأمر يحتاج إلى توافق مجتمعي قبل التشريع القانوني، مشيراً إلى أنّ هناك مجتمعات تتناول الحشرات وأخرى لا تقبلها، فالأمر خاضع لأذواق الشعوب.
ويخشى ناشطون أن تكون هذه التصريحات تمهيدًا لتشريع بيع لحوم الحمير والخيول واستبدالها بلحوم الماشية بعدما ارتفعت أسعارها بما يقارب الضعف خلال الفترة القليلة الماضية.
وعبر الكثير من المصريين عن خوفهم من احتمال قيام الحكومة بتشريع أكل لحم الحمير فعلا، خاصة في ظل وصول أسعار اللحوم المحلية إلى مستويات غير مسبوقة، بين 250 و350 جنيها للكيلوغرام الواحد (الدولار يساوي نحو 31 جنيها). وفي وقت سابق قالت دار الإفتاء المصرية إن ذبح الحمير وأكلها حرام شرعاً، في تعقيب لها على ما أشيع حول جواز أكل هذا اللحم.
وأكدت الدار حرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمي، مشيرة إلى أن الأصل في الحمير الأهلية أنه لا يجوز أكلها ولا ذبحها، وهو ما يؤيد قرار وزارة الصحة رقم 517 لسنة 1986 بشأن ذبح الحيوانات وتجارة اللحوم، في مادته الثالثة.
وأوضحت أن ذلك هو الذي اعتمدته دار الإفتاء المصرية عبر عقود مختلفة، بدءاً من محمد سيد طنطاوي، فتوى رقم 180 وفتوى رقم 389 لسنة 1992، مروراً بأحمد الطيب، فتوى رقم 202 لسنة 2002، وانتهاء بالدكتور شوقي علَّام في الرد على خطاب الهيئة العامة للخدمات البيطرية الصادر بتاريخ 16 يناير 2014، حيث أفتَوا جميعاً بحرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمي، مستدلين بما ورد في الصحيحين من أن "النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمير الأهلية”.
وكان رواد التواصل قد تداولوا في وقت سابق فيديو صادما لعدد من رؤوس الحمير ذبحت حديثًا في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية شمال القاهرة. كما عثر أهالي محافظة الفيوم على مقبرة تضم بعض الهياكل العظمية لحمير، قام مجهولون بذبحها وسلخ جلودها. وقال متحدث باسم المحافظة إن النيابة تحقق في الأمر وسيتم فحص اللحوم في المجازر المحيطة.
وصرح مسؤولون حكوميون بأن نتيجة الفحص تبين أنه تم العثور على 14 جثة لحمير ملقاة بالمصارف، لكن أجسادها كاملة وبطونها سليمة، مما ينفي ما نشر عن أخذ أكبادها أو أي أجزاء لحوم منها.
وذكرت تقارير إخبارية أن الجثث مسلوخة ومنزوعة الجلود فقط، حيث يعمد بعض الخارجين على القانون إلى ذبح الحمير والحصول على جلودها لبيعها أو تصديرها إلى الخارج، لأن تلك الجلود مرتفعة الثمن ومطلوبة في صناعات عدة، خاصة في الصين.
وأعادت الواقعة إلى الأذهان وقائع مماثلة حدثت وتكررت كثيرا خلال الآونة الأخيرة في مصر، وأثارت المخاوف من انتشار عمليات الغش وبيع لحوم الحمير بديلا عن لحوم الماشية التي ارتفعت أسعارها بوتيرة كبيرة بسبب تحرير سعر الصرف واحتدام أزمة الأعلاف.
وتعاني مصر أزمة اقتصادية كبيرة وتوصلت في الآونة الأخيرة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يقضي بحصول القاهرة على ثلاثة مليارات دولار من الصندوق، إضافة إلى حزمة أخرى تشمل ثلاثة مليارات دولار من صندوق الاستدامة والمرونة التابع لصندوق النقد وخمسة مليارات دولار من الدول الشريكة للتنمية. وهو ما يعني إجمالا مساعدات بقيمة تسعة مليارات دولار.