اخبار البلد - قاد الصيف الأشد حرارة، منذ بداية تسجيلات الأرصاد الجوية قبل أكثر من 60 عاما، إلى إتلاف المحاصيل وتكبيد المزارعين خسائر فادحة، وهو وضع لم تشهده البلاد من قبل، والسبب وفق الخبراء هو الاحترار المناخي.
منذ عشر سنوات يكدح المزارع تشين بين (50 عاما) في أرضه ويزرع الخوخ وفاكهة دراغون فروت من أجل بيعها للسياح الذين يزورون بستانه في ضواحي مدينة تشونغتشينغ الصينية، لكنّ موجة الحر التي تضرب جنوب البلاد قضت على أشجاره.
وتقع مزرعته في منطقة ريفية تابعة لمقاطعة تشونغتشينغ (جنوب غرب الصين) في قلب المنطقة المتضررة من موجة جفاف لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجغرافيا الصينية المعاصرة وطالت نصف البلاد.
وقال تشين بين لوكالة فرانس برس "إنها المرة الأولى في حياتي التي أشهد فيها كارثة مثل هذه. هذا العام مزر للغاية”. وأضاف "كان يجب أن نبدأ الحصاد الآن. لكن لم يبق شيء، أحرقت الشمس كل شيء”.
◙ الجفاف الذي ضرب 66 نهرا في 34 مقاطعة بمنطقة تشونغتشينغ مخاوف من تأثر إمدادات السلع بين المقاطعات
وتعد موجات الحر في منتصف الصيف معتادة في الصين، خصوصا في المناطق القاحلة في غرب البلاد وجنوبها، لكن العلماء يقولون إن البلاد تواجه طقسا قاسيا هذا العام، يزيد حدتَه الاحترارُ المناخي.
وتشكل موجة الحر "تهديدا خطيرا” للمحاصيل، وفق الحكومة التي خصصت للمزارعين 10 مليارات يوان (1.45 مليار يورو) من المساعدات لتأمين حصاد الخريف، خصوصا الأرز.
لكن بالنسبة إلى تشين بين ستكون الأشهر القليلة المقبلة صعبة بغض النظر عن المساعدات؛ فقد جفت محاصيله، ومن ثمة "جف” مصدر دخله الرئيسي.
وقال المزارع الخمسيني "قُضي على كل شيء تقريبا. الحكومة تبذل كل ما في وسعها لمساعدتنا. لكن كل ما يمكن إنقاذه هو الأشجار، لا يمكن فعل أي شيء من أجل الفاكهة”.
لكنّه ليس الوحيد الذي يواجه هذا الوضع في بلدته، حيث يتم زرْع أكثر من ألف هكتار من فاكهة الليتشي التي أصبحت الآن مهددة. وقال بين "إذا سرتم في شوارع البلدة سترون حجم الضرر”.
وتصل الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية بعد الظهر، لذلك يعمل تشين بين والمزارعون المحليون الآخرون في الليل بالتّناوب من العاشرة مساء حتى الرابعة صباحا ويرتاحون خلال النهار.
وقال بين "من المستحيل العمل في البستان خلال النهار لأن حرارة الأرض تصل إلى 60 درجة مئوية”.
◙ موجة الحر تمثل تهديدا خطيرا للمحاصيل
لكن هذه الجهود قد تذهب سدى إذا استمر الجفاف الشهر المقبل.
وأوضح تشين بين "إذا استمرت (موجة الحرّ) حتى الرابع من سبتمبر، وفق تقديرات البعض، من المرجح أن يُتْلَف أكثر من نصف الأشجار التي نحاول إنقاذها”.
وتابع "ستكون رؤية ذلك أمرا مروعا”، خصوصا أن آثار الجفاف ستبقى محسوسة حتى عام 2023، كما قال تشين. وأضاف "لن تزهر أشجاري جيدا الموسم المقبل؛ ستتأثر الثمار بشكل كبير نتيجة ما يحصل”.
وأشار إلى أن كل ما يمكن فعله الآن هو أن يأمل في هطول أمطار منقذة.
ويقول خبراء إن الصين ستكون بدورها عرضة لجفاف شديد في العقود القادمة مثلها مثل بقية بلدان العالم، بما في ذلك بلدان أوروبا.
ويثير الجفاف الذي ضرب 66 نهرا في 34 مقاطعة بمنطقة تشونغتشينغ مخاوف من تأثر إمدادات السلع بين المقاطعات، بحسب التلفزيون الرسمي؛ فنهر اليانغتسي، أطول أنهار الصين وثالث أطول نهر في العالم، لم يسلم من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الذي يطال أجزاء واسعة من البلاد.
ومن مظاهر هذا الجفاف تقلص بحيرة بويانغ إلى ربع حجمها، وأهميتها تكمن في أنها أحد أحواض الفيضان المهمة لنهر اليانغتسي، وفق وكالة شينخوا.
وهذا النهر العظيم يقطع الصين عرضيا ليصب في بحر الصين الشرقي، ونضوبه يعني أن أكبر بلد من حيث السكان مهدد بالجوع، ما سيخلق طلبا غير مسبوق على إمدادات الغذاء في العالم.