اخبار البلد - يعمق تبادل الاتهامات بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هوة الخلافات بين أكبر حزبين مسيحيين، في وقت يرجح فيه محللون دخول البلاد في فراغ رئاسي حتمي وسط ضيق خيارات التسوية بين الفرقاء المسيحيين.
وقال جعجع خلال لقاء حزبي "أمامنا ثلاثة أشهر صعبة والسؤال اليوم إذا ما كنا سنتمكن من إيصال رئيس بالحد الأدنى المقبول، يكون قادراً على اتخاذ بعض القرارات وأن يكون باتجاه سيادي وأن يكون إصلاحياً ومن أصحاب الأخلاق الحسنة”، مضيفاً أن "الإتيان برئيس من دون طعم أو لون أو رائحة لمجرد أن يسكن في قصر بعبدا وألا يقوم في نهاية المطاف بأي شيء، هو بمثابة من لم يقم بأي شيء أساساً”، في إشارة إلى الرئيس ميشال عون.
ورأى جعجع أن الإيرانيين وحدهم "يمكنهم أن يؤثروا في هذا الاستحقاق من خلال حزب الله الذي لديه الكتلة النيابية إلا أنه بالنسبة إلى باقي الدول فكيف بإمكانها التأثير؟”.
سمير جعجع: لبنان بحاجة إلى رئيس سيادي وأن يكون إصلاحيا
وفي رده على تصريحات جعجع، قال باسيل "القوات لا مشروع لها سوى إسقاط الرئيس ميشال عون وباسيل والتيار”.
واتهم باسيل القوات بأنهم "يريدون رئيساً يقوم بعكس ما نقوم به، أي أنهم يطلبون رئيساً يتخلى عن الشراكة والتمثيل والميثاقية والمناصفة في الإدارة وعن الإصلاحات”.
وتابع باسيل "وعدوا الناس بأن الأزمة تحل بالانتخابات… حصلت الانتخابات وبدل أن ينخفض الدولار ارتفع، واليوم يعدون الناس بأن الحل هو في الانتخابات الرئاسية وليس لديهم مشروع لرئيس… بل مشروعهم هو التحدي والنكاية”.
وينتظر اللبنانيون اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل شبه إجماع على أن البلاد ذاهبة إلى الفراغ، بسبب عدم بروز أي شخصية قادرة على أن تكون نقطة التقاء بين الأفرقاء المحليين الأساسيين، يمكن أن يتم التوافق عليها أيضاً بين الجهات الدولية والإقليمية المؤثرة.
ويرى محللون أنه لا يمكن لأي تسوية أن تمر من دون أن تتوفر لها ظروف محلية وخارجية مساعدة، أي أن انتخاب الرئيس الجديد يتطلب أن يكون هناك توافق على الاسم متعدد الاتجاهات.
ويشير هؤلاء إلى أن هذا الأمر، في الوقت الراهن، غير متوفر، الأمر الذي يدفع إلى الاعتقاد بأن الفراغ سيكون سيد الموقف، على أن يقود ذلك لاحقاً إلى الاتفاق على رئيس جديد، بحسب الظروف التي ستكون متوفرة في لحظة التسوية.
ويقول المحللون إن تحديد المواصفات المطلوبة في الرئيس اللبناني القادم قد يجري العمل على تحضيره في وقت لاحق وهي أن يكون الرئيس ذا خلفيات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية ومقبولا من أكثر الفرقاء السياسيين.
ويتوقع على نطاق واسع أن تساهم الضغوط الخارجية المرتقبة التي قد تصل إلى حد التلويح بفرض عقوبات على بعض الأفرقاء، في الدفع إلى تقديم تنازلات.
جبران باسيل: القوات لا هم لها سوى إسقاط عون والتيار
وإلى حد الآن، لا تزال الدول المؤثرة في لبنان تراقب في صمت السجالات السياسية بين الأفرقاء اللبنانيين مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم.
ولم يتم تحديد موعد الاستحقاق الرئاسي بعد، فيما يحذر مراقبون من مخاطر كبرى للفراغ الرئاسي.
ويقول هؤلاء "أمامنا اليوم فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية بين سبتمبر وديسمبر، ذلك أنّ الخشية الكبرى في أن نصل في لبنان إلى لحظة يفرز فيها حقل الاحتمالات المفتوحة الماثل أمامنا طارئاً ما نجد أنفسنا أمامه مكرهين على انتخاب رئيس”.
وحذر المراقبون بالقول "هناك مشكلة كبرى تحيط بالاستحقاق الرئاسي حالياً، وهي الانقسام السياسي الحاد، والخريطة النيابية المبعثرة، بحيث يصعب معها تأمين نصاب انعقاد الجلسة، وخصوصاً في ظل المخاوف المتبادلة بين الأطراف السياسية من أن يؤدي انعقاد الجلسة إلى انتخاب مرشح سيادي، أو انتخاب مرشح من 8 آذار”.
وهذه المشكلة من النوع المستعصي على أي حل في ظلّ الافتراق الجذري بين المكونات السياسية وهو الأمر الذي يعزز فرضية الفراغ الرئاسي طويل الأمد، مع ما يرافقه من إرباك على مختلف الصعد، وخصوصاً في المجال الحكومي، مع احتمال دخول هذه المكونات في سجال عقيم حول حكومة تصريف الأعمال ومدى صلاحيتها في أن تُناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، بعد خروج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من القصر الجمهوري دون أن يُنتخب خلف له.
ويرى مراقبون أن الصراع الجاري على رئاسة الجمهورية هو في الأساس صراع بين تيار "سيادي” وتيار "ممانع”، وتتفرع عن كليهما خلافات ذات حسابات سياسية في علاقة بصراع نفوذ بين القوى المارونية، مشيرين إلى أن أيا من المرشحين المفترضين لم يكلف نفسه عناء عرض أي من التصورات والبرامج التي يعتزم تنفيذها على اللبنانيين، في ظل قناعة لدى هؤلاء بأن حسم المعركة ليس في يد الشارع اللبناني بل في مكان آخر.
تحديد المواصفات المطلوبة في الرئيس اللبناني القادم قد يجري العمل على تحضيره في وقت لاحق وهي أن يكون الرئيس ذا خلفيات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية ومقبولا من أكثر الفرقاء السياسيين
ومن أبرز المرشحين لخلافة عون كل من جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان وفرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
وشارفت العهدة الرئاسية لميشال عون، حليف حزب الله، على النهاية دون إنجازات تذكر، بل شهد لبنان خلالها أسوأ أزمة اقتصادية وضعت البلاد على حافة الإفلاس، بينما يحمّل جزء كبير من اللبنانيين الرئيس عون وفريقه السياسي مسؤولية ذلك.
وتبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد مطلع سبتمبر المقبل. وبحسب الدستور يمكن المباشرة بعملية انتخاب رئيس جديد مع بداية الشهر المقبل، في ظل استمرار الأزمة المعيشية والانهيار الاقتصادي منذ أكثر من عامين، إضافة إلى عدم تشكيل الحكومة حتى الآن.
وإلى جانب مسألة حسم رئاسة الجمهورية في المهلة الدستورية المحددة، فإن صفات الرئيس المقبل تشكل نقطة جوهرية بالنسبة إلى اللبنانيين في ظل قلق من أن ينجح حزب الله مجددا في فرض شخصية قريبة منه، لهذا المنصب الحيوي.
وكان حزب الله قد زكى ميشال عون لمنصب الرئيس في سنة 2018 بالرغم من تحفظ حركة أمل الشيعية عليه وتزكيتها لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
ويشير محللون إلى أن حزب الله لا يصطف خلف مرشح دون آخر حتى الآن بل إن تزكيته للرئيس القادم تقوم على حساباته وأجنداته للمرحلة المقبلة.