أخبـار البـلد - رامـي المعـادات
أثار إعلان حكومة الدكتور بشر الخصاونة حول خطة الدمج الحكومي لبعض الوزارات من خلال الغاء البعض ودمجها مع أخرى ضمن خطة تطوير القطاع العام، حالة من الإستهجان بين الأوساط السياسية والحزبية وخبراء الإدارة العامة في الدولة.
الخطة الأخيرة التي أطلقتها الحكومة قبل أيام، لا يتوقع أن تجد مصيرا أفضل من سابقاتها المتبعة من الحكومات المتعاقبة على مدار الـ20 عام الأخيرة، بل يمكن القول أنها الأكثر جدلا خصوصا أنها أهملت بشكل تام التطرق إلى الهيئات المستقلة التي يرى جل خبراء الإدارة العامة ومسؤولي الدولة في القطاعات الحكومية أنها المسؤول الأول عن تراجع مستوى أداء الإدارة العامة في المملكة وتداخل الصلاحيات بين المؤسسات الحكومية، مما يسهم بإضعاف المنظومة الحكومية ككل وجعلها غير متكاملة.
وهنا وعلى ما يبدو ان رئيس الوزراء بشر الخصاونة وضع رقبته بين أذرع المنتقدين والمشككين بقدرته على قيادة المرحلة الحساسة التي تعصف بالدولة، حيث سقط الرئيس بفخ الاندفاع غير المبرر في إتخاذ قرارات من شأنها التأثير سلبًا على العمل العام وعرقلة عجلة الحد من التدهور الاقتصادي وآفة البطالة التي تشكل العبئ الأكبر في الدولة، وفق متحدثون.
ويرى وزير أسبق وقانوني مخضرم "فضل عدم الكشف عن هويته"، أن التعديلات الأخيرة محبطة وغير مدروسة ولا تنتمي للإصلاح المنشود الذي يتطلع إليه المواطن الأردني.
وأضاف لـ أخبار البلد، أن وضع الحكومة لا يسر ولا يبشر بخير وأضعف المؤسسات السيادية الأخرى، حيث فقد المواطن الثقة بالنواب والمؤسسات العامة والإعلام، وعليه الدولة اليوم فقدت أدواتها الشرعية بشكل رسمي، مؤكدا أن الأردن اليوم وصل للفشل الإداري بإمتياز وبات رهين القرارات الفردية العشوائية غير المسؤولة والتي لم تدرس بشكل صحيح ولم يتم استشارة مختصيين بأمرها.
ونوه "على أن رئيس الوزراء أشار في إجتماع سابق وفي أكثر من محفل أنه لن يكون هناك أي زيادة للعاملين أو المتقاعدين في القطاع نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وللأسف كما جرت العادة للحكومة الحالية يتم مخالفة التصريحات بقرارات مغايرة، حيث تم دعم النواب بمبلغ 200 دينارًا بهدف التخفيف عليهم بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، ومن باب الأمانة المطلقة هذا القرار كان مستفزا وربما يكون المسمار قبل الأخير في نعش الحكومة الحالية".
وتابع "بالتعقيب على عدم إشراك الهيئات المستقلة بقرارات الإصلاح والتطوير الإداري للدولة، يتضح أن الدولة تدار بالمجاملات والتنفيعات وهو السبب الرئيس في تردي الأحول العامة، حيث اتضحت فكرة الحكومة بعدم المساس بالهيئات مهما كلف الأمر ولا إمكانية للدمج بينها والتي بلغ عددها 56 هيئة وتقدر ميزانيتها 2 مليار دينار، وبالتالي فإن النظرة الإصلاحية للرئيس تبدو مختلفة عن الجميع حيث يرى شيئا لا يراه المختصون".
وعلى صعيد متصل، قال نقيب المحاميين الأسبق النائب صالح العرموطي، إن قرارًا نيابيًا كان قد اتُّخذ منذ سنوات ماضية بإلغاء الهيئات المستقلة وضمها للوزارات المعنية والمختصة لكل هيئة إلا أنه يبدو أن الهيئات المستقلة تخضع للمتنفذين.
وأضاف لـأخبار البلد، قرارات الحكومة الأخيرة فيها ما فيها من التخبط والإرتجال، مؤكدًا أن الأمر في غاية الخطورة، باعتبار كيف يتم إلغاء وزارات سيادية قائمة منذ سنوات طويلة، كقرار دمج وزارتي التعليم والتعليم العالي تحت مسمى ووزير واحد؟، فمن غير المعقول أن يدير شخص بمفرده وزارة تحتوي جيشًا جرارًا كالتربية والتعيلم وأخرى تحمل في ثنايها العديد من الملفات العالقة وتعنى في عملها طلبة الجامعات في الداخل والخارج.
وأكد أن إلغاء الهيئات المستقلة مطلب شعبي وبرلماني، منوها على أن عمل الهيئات يشكل مخالفة دستورية واضحة، مستندا بنص المادة السادسة من الدستور الاردني والتي تنص على ان؛ "الأردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين"، وبالتالي لا يجوز ان نفعل نظام الخدمة المدنية على اشخاص ونستثني أشخاص في دولة يحكمها الدستور والقانون.
ودلل العرموطي الفكرة التي تحدث عنها بمثال حي قائلًا "لا يُعقل أن يتخرج زميلين بالجامعة مثلا، أحدهم يذهب لهيئة مستقلة براتب خيالي جداً يفوق راتب رئيس الحكومة، والآخر وهو متفوق يذهب لقطاع آخر خاص كان أم حكومي ولا يتجاوز راتبه 260 أو 350 دينارا فأي عدالة يتحدثون عنها.؟".
وأشار إلى أن الدولة تتحمل أعباء مالية بالمليارات نتيجة وجود هذه الهيئات، مؤكدا أن غالبية الهيئات واردة ومدرجة في الموازنة العامة للمملكة من اجل تغطية العجز فيها. ويذكر أن ما يزيد على 12 خطة ومبادرة واستراتيجية أطلقت منذ العام 1999 لتطوير القطاع العام في الأردن، ولا زالت المعضلات تتفاقم وتتزايد خصوصا بعد فكرة إنشاء الهيئات المستقلة بين الأعوام 2003-2010.