اخبار البلد - لم تشهد وزارات المجموعة الاقتصادية الأساسية، ممثلة في وزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولي، تغييرا بعد جلسة البرلمان الطارئة السبت التي تمت فيها الموافقة على تغيير 13 وزيرا.
ويتساءل المصريون عن الأسباب التي دفعت الرئيس المصري إلى الإبقاء على هذه الوزارات، لاسيما في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تشهده البلاد.
ويفسر مراقبون الإبقاء على وزير المالية محمد معيط بحرصه خلال الفترة الماضية على زيادة حصيلة الدولة من الضرائب والرسوم، دون أن يتعارض ذلك مع توجهات البنك المركزي.
ويرى هؤلاء أن وجود وزير المالية الحالي أو غيره لن يغيّر شيئا؛ لأن الضغوط والالتزامات هي نفسها، خاصة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي ليس لأي وزير رأي مؤثر فيها، فشروط صندوق النقد مجحفة والموافقة عليها تكون من السلطات العليا في البلاد.
وجود نائب لرئيس الحكومة مطلب مهم لوضع رؤية شاملة للتنمية الاقتصادية للبلاد خلال هذه الفترة
ويقر المراقبون بأنه كان من الضروري أن تتمّ إعادة إحياء وزارة الاقتصاد نظرا إلى أهميتها خلال الفترة الراهنة نتيجة الأزمات الاقتصادية الداخلية والخارجية التي ينبغي أن يتولى إدارتها أحد المتخصصين الكبار، وتقوم بهذا الدور حاليًا وزارة التخطيط التي تقودها هالة السعيد، وهي أستاذة اقتصاد مرموقة.
ويعاون السعيد فريق من المساعدين قامت بتعيينهم في الوزارة، جميعهم ذَوُوا خلفيات اقتصادية وأساتذة في جامعة القاهرة والجامعة الأميركية في مصر، إلى جانب معهد التخطيط القومي برئاسة أشرف العربي، وهو وزير سابق وأستاذ اقتصاد أيضًا، فضلاً عن المعهد القومي للحكومة والتنمية المستدامة.
وتقوم رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي بدورها في جلب التمويلات والقروض التنموية إلى البلاد، اعتمادًا على العلاقات الوطيدة بينها وبين المسؤولين في المؤسسات الدولية، وعلى رأسها البنك الدولي.
وقال الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب "كان ينبغي عودة وزارة الاقتصاد في التعديل الحكومي الجديد أو وجود نائب لرئيس الوزراء يختص بشؤونها ويشرف على وضع السياسات المالية والاستثمار والتعاون الدولي والتجارة الخارجية والجمارك”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن "وجود نائب لرئيس الحكومة كان مطلبًا مهمًا لوضع رؤية للتنمية الاقتصادية الشاملة، بداية من إنشاء المصانع ومرورًا بتوفير التمويل ونهاية بتحديد إطار متوازن بين التصدير ومتطلبات السوق المحلية”.
اقرأ أيضا:
وزراء مصريون فاشلون طالما لم تولد طبقة سياسية
وشمل التعديل حقيبتين فقط من المجموعة الاقتصادية؛ هما التجارة والصناعة، وقطاع الأعمال العام. ويوحي تعديل الأولى بإخفاق وزيرة الصناعة نيفين جامع -التي رحلت عن الحكومة- في تعميق وتوطين الصناعة بالبلاد، فضلاً عن عدم زيادة الصادرات بالقدر المأمول، وتراهن السلطات على الوزير الجديد أحمد سمير باعتباره من الوسط الصناعي وعضوا بجمعية مستثمري السادس من أكتوبر.
وجاءت إقالة وزير قطاع الأعمال هشام توفيق بعد إخفاقه في طرح الشركات الحكومية بالبورصة، وهو الهدف الأساسي من توليه منصبه، فلم يحقق تحسنًا ملموسًا إلا في قطاع الغزل والنسيج، كما أن طرح الحكومة لوثيقة سياسة ملكية الدولة بهدف التخلص من أصولها وتمكين القطاع الخاص يستوجب وجود وزير لإدارة هذا الملف ذي خلفيات اقتصادية متعددة للتنسيق مع الوزارات الأخرى، بينما توفيق خلفياته جميعها ترتبط بالبورصة وهو ما يتوافر في خلفه محمود عصمت.
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد الشامي أن التعديل لم يأت مواكبا للأزمة الاقتصادية، ومازالت البلاد تعاني من غياب السياسات الاقتصادية، إذ يوجد تحجيم للمصنّعين الذين يواجهون معاناة شديدة بسبب سياسة الانكماش في البلاد.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن "التعديل أهمل الاستثمار أيضًا، وكان من باب أولى وأحرى أن توجد وزارة متخصصة بهذا الشأن تروج لجذب الاستثمارات الخليجية والأوروبية إلى مصر، مع مساعي الدولة لجذب مليارات الدولارات من وراء الاستثمار المباشر”.
اقرأ أيضا:
وزارة الإعلام سقطت سهوا أم عمدا من التغيير الوزاري بمصر
ويدار ملف الاستثمار حاليًا بواسطة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة التي أصبحت تابعة لمجلس الوزراء بعد رحيل وزيرة الاستثمار منذ قرابة أربعة أعوام، وبالتالي فإن الحملات الترويجية يقوم بها رئيس الهيئة الحالي محمد عبدالوهاب ويصطحب خلالها وزراء من المجموعة الاقتصادية على رأسهم وزير الصناعة.
وتستدعي كل مرحلة من التعديل الوزاري أن تكون على رأس الحكومة شخصية تواكب المرحلة، ولذلك يرى مراقبون أن بقاء مصطفى مدبولي حاليًّا أمر مقبول في ظل الطفرة العمرانية ومشاريع البنية التحتية، باعتباره مهندسًا في مجال الإنشاءات والمقاولات ووزير إسكان سابقا.
كما أن فترات الأزمات الاقتصادية والتخبط في السياسات النقدية على مستوى العالم، يكون الدور الأبرز فيها للبنوك المركزية؛ لذلك وجود رئيس وزراء بخلفية اقتصادية خلال الفترة الراهنة ربما يقود إلى نزاعات لا طائل من ورائها مع المسؤولين عن السياستين النقدية والمالية في البلاد، ورغم التوقعات التي كانت تشير إلى رحيل مدبولي في التعديل الجديد إلا أن بقاءه يلبي تطلعات الدولة خلال الفترة المقبلة.
وقال محمود البرعي عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري السادس من أكتوبر إن "الأفراد ينظرون إلى تغيير المجموعة الاقتصادية في شخص وزير المالية فقط، رغم أن بقاءه أو رحيله غير مؤثريْن، لأن من يخلفه يلتزم بنهج واحد هو الالتزام بسداد فوائد وأقساط الديون بالتنسيق مع البنك المركزي وزيادة حصيلة البلاد من الضرائب والرسوم الأخرى”.
وذكر في تصريح لـ”العرب” أن "وزير المالية يلتزم أيضًا بتوفير مخصصات الوزارات والهيئات الأخرى بالتنسيق مع وزارة التخطيط، وهي مسؤولية يقوم بها أي شخص يتولى المسؤولية”، لافتًا إلى أن تغيير حقيبة الصناعة هو الأهم حاليًا، لأن الصناع على قاب قوسين أو أدنى من إغلاق مصانعهم.
وأشار البرعي إلى أن أهم مطلب أساسي أمام وزير الصناعة الجديد هو مساعدة الصناع خلال الوقت الحالي على الاستمرار في أنشطتهم، لأن غالبية المصانع تواجه أزمة نظرا إلى عدم وفرة الخامات نتيجة عدم تغطية الاعتمادات المستندية بسبب شح الدولار، ما يُنذر بتوقف الشركات العالمية التي تمد المصانع المصرية بالخامات.