اخبار البلد - توافد الآلاف من أنصار التيار الصدري على ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد للتظاهر ضد مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني، في خطوة قالت مصادر عراقية إن مقتدى الصدر يهدف من ورائها إلى قطع الطريق على خصمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لترؤس الحكومة هو أو أيّ مرشح يمثله.
وتقول مصادر عراقية مطلعة لـ”العرب” إن الصدر يعرف جيدا أن وصول رئيس وزراء موال للمالكي يعني أن تفكيك المنظومة الصدرية أمنيا وسياسيا مسألة وقت، ويعني كذلك خطة لاقتلاع الصدريين من مفاصل الدولة وحرمانهم من المناصب والإمكانات المالية.
وتشير هذه المصادر إلى أن الصدر يسعى لعدم تكرار خطأ المالكي السابق عندما وجه ضربة قوية للصدريين لكنه لم يقض عليهم تماما ليعودوا الآن لخنقه سياسيا، مرة في البرلمان ومرات في الشارع، معتبرة أن المعركة بالنسبة إلى الصدريين هي معركة وجود مع المالكي.
سيطرة المالكي ستفضي إلى تبني خطة لاقتلاع الصدريين من مفاصل الدولة وحرمانهم من المناصب والإمكانات المالية
ويعرف الصدريون خصمهم جيدا، ويتذكرون عملية "صولة الفرسان” التي كانت أطلقتها حكومة المالكي في مارس 2008 ضد ميليشيا جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر، واستمر القتال قرابة الثلاثة أسابيع وأفضى إلى استسلام جيش المهدي وهزيمة الصدر.
ويقول مراقبون إن التيار الصدري أخذ ما يكفي من الدروس والعبر في علاقته بالمالكي، وهو ما يفسر لجوءه إلى الشارع مباشرة لإفشال عودة المالكي مجددا إلى الواجهة واستلام الحكم.
وما يثير مخاوف الصدريين أكثر التسريبات الصادرة مؤخرا على لسان المالكي التي لوح فيها بحرب شيعية – شيعية للقضاء على الصدر بعد أن وصفه بأنه جاهل وحاقد "ولديه ثلاث خصال سيئة، فهو يريد دماً، وهو جبان، ويريد الأموال وسرق البلاد كلها، ويريد أن يكون ‘ربكم الأعلى’، والإمام المهدي، كما يدّعي جماعته بذلك”.
وعمد المئات من المحتجين إلى اختراق المنطقة الخضراء شديدة التحصين، والتي تضم المقار الحكومية والبعثات الدبلوماسية، ما أدى إلى صدام مع القوات الأمنية التي عمدت إلى إطلاق النار، واستخدام قنابل دخانية، في محاولة لوقف تقدم المتظاهرين.
وانطلقت التظاهرة بعد الظهر من ساحة التحرير في وسط العاصمة، حيث رفع المتظاهرون الأعلام العراقية وصوراً للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، معبرين عن رفضهم ترشيح الإطار التنسيقي للسوداني لرئاسة الوزراء، ثمّ توجهوا عبر جسر الجمهورية إلى بوابات المنطقة الخضراء.
وحمل بعض المتظاهرين لافتات كتبت عليها شعارات منددة بترشيح السوداني لرئاسة الحكومة. ونجح البعض من المحتجين الذين كانوا يحملون صورا للصدر في اقتحام مقر رئاسة الوزراء، وكذلك مقر البرلمان.
كما طالبوا بإيقاف العمل بالدستور الحالي إلى حين كتابة دستور جديد وحل مجلس القضاء الأعلى وإعادة ترتيب السلطة القضائية من خلال فصل المحكمة الاتحادية عن القضاء.
في الأثناء، دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المتظاهرين في بيان إلى "الالتزام بسلميتهم.. وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين” وإلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء”.
وأضاف البيان "سوف تكون القوات الأمنية ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أيّ إخلال بالأمن والنظام”.
وكانت قيادات في التيار الصدري لمّحت إلى تحريك الشارع ضد مساعي الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة جديدة، وكان من بين هؤلاء مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الموسوي، الذي قال في تغريدة إن "الحكم للشعب وليس للإطار (التنسيقي)”.
ويرى المراقبون أن تحريك التيار الصدري للشارع كان متوقعا، وسبق أن هيأ له قبل نحو أسبوعين عبر ما سمّي بصلاة الجمعة الموحدة، مشيرين إلى أن الصدر يريد قطع الطريق على خصومه في الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة، لاسيما بعد نجاح هؤلاء في تجاوز عقبة اختيار رئيس للوزراء عبر الاتفاق على السوداني الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامي الذي يقوده غريمه نوري المالكي.
ونشر زعيم التيار الصدري في الرابع عشر من الشهر الحالي تغريدة عدّت رسالة منه إلى أنصاره بالاستعداد للنزول إلى الشارع قال فيها "الخيار للشعب وإني داعم له سابقاً وفي الأيام المقبلة، إن أراد الوقوف من أجل مناصرة الإصلاح”.
ويشهد العراق منذ سبتمبر الماضي أزمة سياسية معقدة نتيجة إصرار التيار الصدري صاحب الأغلبية النيابية على تشكيل حكومة "أغلبية وطنية” في مقابل إصرار القوى الموالية لإيران المنخرطة ضمن تحالف الإطار التنسيقي على حكومة توافقية. وقد أقدم الصدر على خطوة دراماتيكية الشهر الماضي بتقديم نواب كتلته البالغ عددهم ثلاثة وسبعين نائبا استقالاتهم من البرلمان، ما منح الإطار التنسيقي الأغلبية النيابية.
وفسح انسحاب التيار الصدري المجال للإطار التنسيقي الذي يضم القوى الموالية لإيران للإمساك بدفة العملية السياسية، وقد أعلن الإطار قبل أيام عن توصله إلى اختيار رئيس للوزراء.