خالد عياصرة- ماضيا: انطلقت ثورة زمن الأردني من قلب الجنوب الثائر، الذي مازالت أصدائها تتردد في جنيات المكان إلى اليوم.
من هية الكرك إلى هبة نيسان المجيدة، تشكل الوعي الإصلاحي الأردني القائم على استعادة الدولة من أيادي المستعمرين الجدد، والعوائل الحاكمة المستفيدة والفاسدين والمستثمرين وعهرهم الذي فاحت روائحه. نعم انطلقت من هناك من الجنوب، لتمتد في بعض الأحيان إلى كافة الإرجاء بقيادة رجال وطنيين، طمس ذكرهم وإثرهم من كتب التاريخ الحكومي، فقط لأنهم طالبوا بتحرير الدولة.
هذه الثورات قوبلت بالحديد والنار، وأخمدت بواسطة القوة، واسقط قادتها بوسائل عشائرية، قائمة على إنتاج شيوخ تابعين للحكومات الفاسدة لا يتقنون الا فنون البصم بالعشرة و"أمرك سيدي"، بمقابل استبعاد الشيوخ الحقيقيين، الأمر الذي أدى إلى سقوطها ، وحال دون تحقيقها لأهدافها الوطنية الشعبية المرجوة، لكنها بقيت بمثابة نبراسا لأبناء الأردن يمكن الاستفادة منها إلى اليوم.
حاضرا: اليوم الحراك الشعبي الأردني انطلقت جمرة غضبة وغيرته على حال الدولة من هناك كذلك، حتى وان بشكل خجول بسبب سيطرة أجهزة الدولة، التي اشتغلت كثيرا على تقزيم الحراك في الكرك كما في الطفيلة ومعان.
هذه الصورة لم تراوح مكانها إلى ان انطلق حراك الشمال الخارج من عقل وقلب العشائر الأردنية المدعوم من إخوانه في الوسط والجنوب، هذا الحراك الذي شكل كابوسا مرعبا للأجهزة الدولة، خصوصا مع رفض قادته الرضوخ لأساليب الترغيب والترهيب المستخدمة من بعض الأجهزة وبعض أبناء العشائر التابعين لها، حال دون السيطرة عليه أو أساقطة، بعد رفضه الخضوع لمبادئ الفزعة، وفنجان القهوة، وعباءة الشيوخ المستفيدين من الحكومة. نعم الشمال اليوم، كان له دورا في خلط أوراق الدولة، بل وأصابها بنوع من الجنون.
فمن الشمال تم تأسيس الجبهة الوطنية للإصلاح بقيادة دولة احمد العبيدات، ومن الشمال ابتعث حراك العياصرة الإصلاحي باعتباره أول حراك شعبي أردني يتسمى باسم عشيرته، الحراك – العياصرة – شكل مصيبة كبرى لعقل الدولة الأمر الذي جعل بعض الأجهزة والشخصيات المستفيدة منها ، باستخدام الأساليب المعتمدة على الاستخدام المفرط للقوة كرد على خطى هذا التيار، وما حادثة المهندس ليث شبيلات والمهرجان الإصلاحي في بلدة ساكب – إلى الشمال من العاصمة عمان - ببعيدة عن الأذهان .
هذه الحادثة شكلت لبنة لإنتاج عدد كبير من المهرجانات والفعاليات، بل مثلت كسرا أكيدا لحاجز الخوف في المحافظات والقرى والبوادي الأردنية.
ومن الشمال كسرت أكذوبة أن الشمال لا يمكن الاعتماد عليه وان الأمر منوط فقط بالجنوب، ليحل مكانها نحن أصحاب الدولة وسندافع عنها، باعتبار الجميع شركاء في الوطن، ولا فرق بين ابن معان وابن جرش، كما لا فرق بين ابن الطفيلة وابن اربد.
في عين الوقت يجد لمتتبع للحركات إصلاحية عدم تمثلها لشخصيات أو أحزاب أو تيارات سياسية مهينة، كونها تنطق بمطالب الشعب الأردني وحقوقه المستباحة والمباعة، في زمن أصيب فيه المواطن الأردني بمرض الوعي الذي لا يمكن إنكاره من قبل الحكومات، التي تحاول تشويه صورته، وصورة رجالاته، الرافضين الرضوخ لمطالبها بالرضا بالأمر الواقع.
مستقبلا: لابد أن يبدأ إنقاذ و إصلاح الدولة باستخدام أسلوب تشاركي أكثر فاعلية، يعتمد على التنسيق المشترك بين كافة الإطراف.
نعم، دينمو الحراك الإصلاحي الأردني في الشمال، والرهان عليه كبير جدا، لكن هذا الحراك لن يستطيع الاستمرار الا أن لقي دعما من إخوانه في الوسط والجنوب، هذا ان أريد الوصول إلى الهدف المنشود، القائم على استعادة الدولة، وتحريرها من يد عصابات الغستابو الفاسد والأرغون الإرهابي المختبئة خلف النظام الذي نطالب كذلك باستعادة هيبته التي أصيبت بشرخ عميق جراء وجود نوعيات طفيلية معتاشة عليه وتختبئ خلفه، تسئ للدولة كما تسئ للنظام أكثر مما تفيدها .
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com