اخبار البلد - عاد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى الاستعانة بنظرية المؤامرة في مواجهة الغضب الشعبي المتنامي من حدة تدهور الأوضاع في البلاد وهو غضب عكسته الاحتجاجات الأخيرة التي نسبها خامنئي الذي يرفض الإقرار بمشكلات بلده إلى تحريض من "عدو خارجي”.
طهران- استنجد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بنظرية المؤامرة السبت لدى حديثه عن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عقب انهيار مبنى في إحدى المدن جنوب غرب إيران.
واتهم خامنئي "أعداء” أجانب يسعون للإطاحة بحكومة الجمهورية الإسلامية، وحمّلهم المسؤولية عن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في أعقاب انهيار مبنى متروبول بمدينة عبادان.
ومنذ مطلع مايو الماضي، سجّلت في مدن إيرانية تحركات احتجاجية شارك فيها المئات، بدأت على خلفية ارتفاع أسعار مواد غذائية أساسية، واستمرت بعد انهيار مبنى بجنوب غرب البلاد، في حادثة أودت بحياة 37 شخصا.
وقال خامنئي في خطاب متلفز "يعوّل العدو اليوم على الاحتجاجات الشعبية لضرب النظام الإسلامي”، مشيرا إلى أن هذا العدو "يأمل في أن يضع الشعب في مواجهة الجمهورية الإسلامية من خلال العمل النفسي، النشاطات على الإنترنت، المال وتحريك المرتزقة”.
وتابع "سبق للأميركيين والغربيين أن أخطأوا في الحساب بشأن مسائل عدة (…) اليوم أيضا يخطئون الحساب إذا اعتقدوا أنهم قادرون على وضع الأمة الإيرانية في مواجهة الجمهورية الإسلامية”.
وجاءت تصريحات خامنئي خلال خطاب في الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيل الإمام روح الله الخميني، قائد الثورة الإسلامية ومؤسس الجمهورية بعد الانتصار على نظام الشاه عام 1979.
وألقى خامنئي خطابه عند ضريح الخميني بجنوب طهران، في حضور مسؤولين سياسيين وعسكريين وحشد من الإيرانيين، وذلك للمرة الأولى بعد توقف لعامين بسبب جائحة كوفيد – 19.
وسجلت في مناطق عدة من إيران احتجاجات في الآونة الأخيرة، بدأت أوائل مايو الماضي مع تحركات رافضة لارتفاع أسعار مواد غذائية أساسية مثل زيت الطهو واللحوم والبيض، وشهد بعضها مهاجمة متاجر وإضرام نيران، وفق ما أفادت وسائل إعلام إيرانية. وشهد الأسبوع الأخير من الشهر ذاته، انطلاق تحركات ليلية في العديد من المدن، بعد انهيار مبنى في مدينة عبادان بمحافظة خوزستان (جنوب غرب).
وتركزت الاحتجاجات الليلية شبه اليومية في هذه المدينة، إلا أنها شملت أيضا مدنا أخرى وسط البلاد وغربها، وتخلل بعضها استخدام غاز مسيل للدموع وإطلاق نار تحذيري في الهواء من قبل قوات الأمن، وفق وسائل إعلام إيرانية.
وكشفت مقاطع مصورة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي أن محتجين في العديد من المدن الإيرانية رددوا شعارات مناهضة للحكومة منها "الموت لخامنئي” في أعقاب انهيار مبنى في جنوب غرب البلاد.
وفي مدينة بوشهر الساحلية في جنوب البلاد سُمع هتاف المحتجين "الموت للدكتاتور”، في إشارة أيضا إلى خامنئي. ورددوا أيضا "يكذبون ويقولون أميركا، عدونا هنا”. وشاع هذا الهتاف في احتجاجات مناهضة للحكومة في إيران.
ويسود الإحباط بين الإيرانيين بالفعل بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والمشكلات الاقتصادية، بينما تتعثر جهود إحياء اتفاق 2015 النووي مع القوى العالمية ومع يتبع ذلك من تخفيف العقوبات.
وسرعان ما اكتسبت الاحتجاجات الأخيرة منحى سياسيا، إذ دعت الحشود إلى نهاية الجمهورية الإسلامية في تكرار للاضطرابات التي وقعت عام 2019 وانطلقت شرارتها بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
ويخشى حكام إيران تكرار احتجاجات عام 2019، وهي الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، على الرغم من أن السلطات رفضت تقارير عن عدد القتلى في تلك الاحتجاجات ومنها تقرير لمنظمة العفو الدولية عن سقوط أكثر من 300 قتيل، ورواية رويترز عن سقوط 1500 قتيل.
وخفضت الحكومة أيضا دعم سلع أساسية مثل زيت الطهي ومنتجات الألبان ووصفت قرارها بأنه "إعادة توزيع عادلة” للدعم على أصحاب الدخل المنخفض.
لكنّ المحتجين وسعوا مطالبهم، إذ نادوا بالمزيد من الحريات السياسية وإنهاء الجمهورية الإسلامية وسقوط قادتها، بحسب شهود ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتخللت التحركات مظاهر حداد وتضامن مع عائلات الضحايا، وهتافات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن انهيار المبنى واتهامات بفساد تسبب في الحادث.
خامنئي اتهم "أعداء" أجانب يسعون للإطاحة بحكومة الجمهورية الإسلامية، وحمّلهم المسؤولية عن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد
وكرر خامنئي السبت دعوته إلى "معاقبة” المسؤولين عن الحادث. ورفض المرشد الأعلى اتهام اليونان لإيران بـ”القرصنة”، على خلفية احتجاز طهران ناقلتي نفط يونانيتين في مياه الخليج، بعد إعلان أثينا أنها ستسلّم واشنطن نفطا إيرانيا كان على متن ناقلة تحتجزها.
وقال خامنئي "تمت سرقة النفط الإيراني قبالة اليونان، ثم قام الشجعان من الجمهورية الإسلامية بتوقيف ناقلة نفط للعدو”. وأضاف أن العدو "يتهم إيران بالسرقة من خلال دعاية في وسائله الإعلامية، لكن أنتم من سرقتم نفطنا”.
وأعلن الحرس الثوري في السابع والعشرين من مايو احتجاز ناقلتين يونانيتين بسبب "مخالفات ارتكبتها الناقلتان”، من دون أن يوضح طبيعتها.
وسارعت اليونان إلى اتهام إيران بـ”القرصنة”، داعية مواطنيها إلى تجنب السفر إلى الجمهورية الإسلامية. وأتى ذلك بعد إعلان اليونان أنها ستسّلم حمولة نفط إيراني إلى الولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات على تصدير الخام من الجمهورية الإسلامية.