اخبـار البلـد - رامـي المعـادات
يعود تاريخ إنشاء جرش إلى القرن الرابع قبل الميلاد في عهد الإسكندر الأكبر؛ وكانت حينها تحمل اسم (جراسا)، ومع قدوم بني كنعان حُرِّف اسمها لتصبح جرشو، ويشار تاريخياً إلى أنّ مدينة جرش عاشت عصراً ذهبياً خلال فترة حكم الدولة الرومانية لها، حتى أصبحت المدينة رمزاً يقترن ذكره بالحكم الروماني، وخير مثال على وجوده في الأردن عبر التاريخ.
لا بد من التنويه إلى أنّ جرش واحدة من مدن الديكابوليس أو المعروف باتحاد المدن العشر، الذي قام على يد القائد الروماني بومبي في السنة الثالثة والستين قبل الميلاد، وجاء ذلك خلال فترة حكم الروم لبلاد الشام، وما أكسبها أهمية بالغة في هذا الاتحاد هو موقعها الجغرافي عند التقاء طرق القوافل، فأصبحت بفضل ذلك مركزاً تجارياً مزدهراً.
هذا وتحتل مدينة جرش مكانة سياحية مهمة على مستوى الأردن، حيث تأتي في المرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل الأماكن المحببة للزيارة بعد المدينة الوردية البتراء، وتتخذ المدينة طابعاً يونانياً رومانياً، تمتزج فيها الحضارات التي قامت فوق أراضيها، بالإضافة إلى أنها لا تغفل الطرف عن الطابعين الشرقي والغربي في الوقت ذاته.
وربما المقدمة السابقة لا توفي تاريخ المدينة حقها ولا تعطيها قيمتها عبر عصور وقرون مرت، واليوم وبعد ان كانت وما زالت المدينة مقصدا سياحيا عالميا، ناهيك عن القيمة الفنية للمدينة التي يقام بها مهرجان جرش الذي استضاف نخبة النخبة من نجوم الفن الغنائي في الوطن العربي كصوت الملائكة سيدة لبنان والغناء فيروز، وسلطان الطرب الوسوفي والقيصر الساهر كاظم وهضبة الوطن العربي الغنائية عمرو دياب وصوت الجبال اللبنانية الشامخة صباح فخري وفنان العرب محمد عبده وغيرهم الكثير من نجوم ونجمات الوطن العربي.
اليوم وللاسف استفاق الاردنيون على صور تقشعر لها الابدان وتستفز المشاعر والافئدة، حيث قام مجهول برش طلاء على احد الاعمدة الاثرية في مدينة الاسكندر ليشوه بفعتله النكراء تاريخ كامل للمدينة العريقة دون ادنى مشاعر الوطنية والغيرة على مقدرات الوطن التي لا تثمن بالمال بال يكال لها بما هو اثمن، الفعلة النكراء استفزت المواطنين وشكلت حالة من الغضب عمت مواقع التواصل الاجتماعي ووصل صداها الى المنابر الاعلامية العالمية.
وتسائل رواد مواقع التواصل عن دور وزارة السياحة في حماية الممتلكات الوطنة، وتصريحاتها السابقة والكثيرة حول حماية المواقع السياحية بالدرونات وغيرها من الاجراءات التي تكفل المحافظة على كل موقع اثري في المملكة، كما وتم وتساءل كثيرون، "أين كانت الشرطة السياحية التي من المفترض أنها تتواجد على مدار الساعة في المواقع السياحية والأثرية، وتقوم بجولات مستمرة فيها؟".
واثارت الحادثة استهجان وموجة من الاستفسارات، فكيف سيتم حماية السائح في الاردن اذا لم يتم حماية مقصده السياحي، مؤكدين ان مثل هذه الحوادث قد تضر سمعة المملكة سياحيا وتجعلها غير امنة لتوافد السائحين حول العالم، في الوقت الذي تحقق فيه الأجهزة الأمنية بملابسات الحادثة، بينما تجري دائرة الآثار العامة معالجة أولية لأحد الأعمدة التي تم تشويهها بطلاء رشاش تمهيداً لإزالته بطرق علمية دقيقة.
وطالبوا بإلقاء القبض على المتورط واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحقه، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه ان يقوم بمثل هذه الافعال التي تهدد الامن السياحي الوطني.
بدوره، قال مدير آثار جرش محمد الشلبي، الأحد، إنّ المديرية أزالت الكتابات والاعتداءات، التي حصلت على أعمدة تراثية في المحافظة، وسيتم إجراء تحقيقات لمعرفة الشخص الذي شوه الموقع الأثري.
وأوضح الشلبي في تصريح له ، أن المواد المستخدمة في معالجة إزالة الكتابات لا تؤثر على الأعمدة.
وأشار، إلى أن عدد زوار الموقع الأثري خلال عطلة عيد الفطر كان أكبر من المتوقع.
ولفت الشلبي، النظر إلى وجود لوحات تحذر من العبث أو الكتابة على الأعمدة.