ياسر جلال يفرّ من ظل مبارك إلى فضاء السيسي

ياسر جلال يفرّ من ظل مبارك إلى فضاء السيسي
أخبار البلد -  

اخبار البلد - حصد الفنان المصري ياسر جلال إشادة كبيرة خلال الأيام الماضية لدوره في مسلسل "الاختيار 3″، حيث أجاد تجسيد شخصية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في العمل الدرامي الذي تعرضه قنوات تلفزيونية مصرية وعربية منذ بداية رمضان الحالي، واقترب من تفاصيلها شكلا ومضمونا، بما أدى إلى اعتقاد البعض من المتابعين أنهم أمام الشخصية الحقيقية للسيسي.

تخلص جلال في هذا العمل من الشخصية التي صاحبته في مسلسل "ظل الرئيس” وقدمها منذ خمسة أعوام، حيث قام بدور ضابط أمن عمل في حراسة الرئيس الأسبق حسني مبارك، يبحث عن الحقيقة ويحارب الفساد ضمن موجة من الأعمال الفنية التي تلت ثورة 2011 وحوت انتقادات حادة لمبارك والحاشية القريبة من السلطة.

على طريق أحمد زكي

 

جلال يتخلص في هذا الموسم من الشخصية التي صاحبته في مسلسل
جلال يتخلص في هذا الموسم من الشخصية التي صاحبته في مسلسل "ظل الرئيس"

 

نال جلال عقب تقمصه دور السيسي في الأحداث السياسية التي مرت بها مصر بعد عزل مبارك الكثير من الثناء إلى درجة أن البعض صار يلمّح إلى ضرورة اعتزاله الفن خوفا من هز الصورة الذهنية الإيجابية التي خلقها الممثل عند كثيرين إذا أدى أدوارا أخرى تتعارض مع الهالة الحالية.

وبدا التلميح إلى اعتزال الممثل المصري مرفوضا من جانب النقاد ويوحي بخلط غير مبرر بين الفن والسياسة، ويفرض طقوسا جديدة يمكن أن تردع الفنان الذي يفكر في أداء دور شخصية مهمة في أي عمل قادم، وهي حالة تعبر عن مزايدة سياسية لأن هناك فنانين قاموا بتجسيد شخصيات رئاسية وجسدوا أدوار مسؤولين كبار ولم يعتزلوا أو يمتنعوا عن أداء أدوار شريرة أو مثيرة.

وبرع الفنان المصري الراحل أحمد زكي في أداء شخصيتين متناقضتين، حيث أدى دور الرئيس جمال عبدالناصر في فيلم "ناصر 56” ثم دور خلفه الرئيس أنور السادات في فيلم "أيام السادات”، وتقمص الشخصية بإتقان في العملين ولم يطالبه أحد بالاعتزال آنذاك، وحُسبت له كممثل قدرته على التشريح الفني ببراعة. 

ويكمن الفرق بين جلال وزكي في أن الأول مثل دور شخصية لا تزال في الحكم، بينما العملان اللذان جسدهما الثاني جاءا بعد أن فارق كل من عبدالناصر والسادات الحياة، ما يعني أن الحساسية السياسية أقل أو غير موجودة في حالة زكي.

وهذه أيضا لا تمنح من أثاروا هذه المسألة صكا للمطالبة بالاعتزال أو الوصاية وانتقاء الأدوار بعد ذلك لأنها تتعارض مع رسالة الفن وتقلل من أهمية الفنان وترخي بظلال سلبية على الرئيس السيسي وتصوره كمن أراد أن يضفي قداسة معنوية على نفسه.

تعرية تناقضات الإخوان

 

المصريون بروحهم المرحة تعاملوا مع جلال كرئيس وطالبوه بضرب سد النهضة وتخفيض الأسعار
المصريون بروحهم المرحة تعاملوا مع جلال كرئيس وطالبوه بضرب سد النهضة وتخفيض الأسعار

 

تقييم العمل الدرامي لا يخضع للرؤى السياسية الدقيقة حتى لو كانت هذه موجودة في عمل بحجم "الاختيار” بأجزائه الثلاثة، وأعمال أخرى توالت في الأعوام الماضية، لأنها تفقد العمل جانبا من الأهداف التي أراد صناعه توصيلها وتتعلق بتعرية تناقضات جماعة الإخوان قبل وأثناء وبعد العام الذي حكمت فيه مصر، وتعرية الحقائق المرتبطة بممارساتها وتبنيها العنف كمنهج يساعدها على التمترس في الحكم فترة طويلة.

ولم يسلط الجزء الثالث من مسلسل "الاختيار” الذي جاء بعنوان "القرار” الضوء فقط على دور السيسي عندما كان رئيسا لجهاز المخابرات الحربية ثم وزيرا للدفاع في مصر، قبل أن يتحول إلى الرئيس الضرورة ويجري انتخابه عام 2014، إلا في الحدود الضرورية التي تقتضيها الأحداث.

الفرق بين ياسر جلال وأحمد زكي يكمن في أن الأول مثل دور شخصية لا تزال في الحكم، بينما جاء العملان اللذان جسدهما الثاني بعد أن فارق كل من عبدالناصر والسادات الحياة، ما يعني أن الحساسية السياسية كانت أقل

وتوسع العمل في المعالجة وشمل فترة حساسة تمتد من تداعيات ثورة يناير 2011 التي أدت لعزل مبارك إلى تداعيات ثورة يونيو 2013 التي أفضت إلى عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي وما تلاها من تطورات متلاحقة كادت تؤدي إلى إنهيار الدولة.

ومرت مصر خلال هذه الفترة بأحداث سياسية وأمنية خطيرة، ولعب فيها السيسي دورا مهما من زاوية تفويت الفرصة على سيناريوهات جماعة الإخوان للتحكم في مصير البلاد، وهو ما بدا في المشاهد التي ظهر فيها ياسر جلال وساعدته قدرته على تقمص الدور إلى حد التماثل تقريبا، فقد درس الشخصية التي يؤدي دورها بعمق، وحرص على التقاط العديد من المفاتيح لفك شفرتها وتسهيل وصول أهدافها إلى المشاهدين.

وكانت إلى جوار السيسي شخصيات مصرية أسهمت في تغيير مسارات الأحداث خلال هذه الفترة التي تطرق إليها المسلسل بنماذجها الحقيقية، مثل المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع قبل السيسي، أو بنماذجها المعنوية مثل الشخصيات التي جسّدها ثلاثة من الفنانين الكبار، هم أحمد السقا وأحمد عز وكريم عبدالعزيز، وأدى كل منهم دور ضابط في المخابرات الحربية والمخابرات العامة وجهاز الأمن الوطني على التوالي، لذلك كان العمل جامعا بين الواقع والخيال الفني.

خيال المشاهدين بلا حدود

 

"الاختيار - 3" لم يسلط الضوء على دور السيسي عندما كان رئيسا للمخابرات الحربية ثم وزيرا للدفاع  إلا في حدود اقتضتها الأحداث

 

انتقل الخيال إلى عقل المشاهدين على سبيل السخرية والفكاهة، حيث تعامل البعض من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع جلال كأنه الرئيس السيسي فعلا ووجهوا إليه رسائل غير مباشرة تتعلق بمطالبات بضرب سد النهضة الإثيوبي الذي سوف يمثل منغصا للمصريين عندما يحجب كمية من المياه الواردة إليهم عبر نهر النيل.

وطلب البعض عدم اتخاذ خطوات جديدة لرفع أسعار السلع والخدمات، وخصوا المحروقات بوابل من التعليقات كقاطرة لغلاء الكثير من الأسعار، وحاول متابعون على المنصات بأنواعها المختلفة بث شكواهم وأمنياتهم إلى الفنان ياسر جلال بعد أن تقمص دور رئيس الدولة، وهو ما يكشف عن ذكاء المصريين في التعبير عن المعاناة الحقيقية وتوظيف الإسقاطات الحارقة كوسيلة سياسية.

وخشي متابعون أن يتضخم جلال ويتحول إلى رئيس جمهورية الفن، ويعيش دوره التمثيلي بين زملائه، في إشارة تتضمن تحذيرا مبطنا من مغبة أن يتعالى على من حوله، وفي ذهنهم الفنان أحمد فلوكس الذي قام بدور ضابط في الجيش المصري في فيلم "الممر” واستشهد في العمل الفني وبالغ في التعامل مع من حوله كبطل حقيقي، وأطلق عليه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من قبيل السخرية لقب "الشهيد الحي”.

ولن تتوقف المقارنات والإسقاطات بالنسبة إلى جلال لأنه تقمص دور شخصية كبيرة في السلطة ومؤثرة في حياة المصريين، بصرف النظر عن الموقف السياسي منها، مع أو ضد، ففي الحالتين لا يزال الرئيس السيسي يمارس مهام منصبه، له ما له وعليه ما عليه، وجلال فنان أدى دوره باقتدار فني.

التوسع الأفقي والرأسي

 

الفنان الذي يؤدي دور شخصية لا تزال تمارس مهامّها قد يكون مكبّلا
الفنان الذي يؤدي دور شخصية لا تزال تمارس مهامّها قد يكون مكبّلا

 

أثار المسلسل ردود فعل فنية متفاوتة بين النقاد، فهناك من رأوا أن الفنان الذي يؤدي دور شخصية لا تزال على قيد الحياة وتمارس مهامّها في الحكم قد يكون مكبلا وتوضع عليه قيود لاحقا، لاسيما إذا بدا كمن يمثل دورا "ملائكيا” يجعل صاحبه طوال العمل لا يخطئ ولا يخضع لنواميس الحياة بحلوها ومرها، وهي الصورة التي ظهر فيها جلال في "الاختيار”، وتسببت في تعرض العمل لانتقادات حادة.

بينما يرى فريق آخر أن مهمة العمل محددة فهو لا يتناول السيسي كمحور للأحداث إلا بمقتضى الدور الذي لعبه في الفترة المعنية، فعندما يكون هناك عمل خاص به يمكن معالجة الموضوع بطريقة تخضع التقديرات والتصرفات للصواب والخطأ.

ومع أنه لا يوجد عمل يستعرض فصولا ممتدة لشخص، حيث يؤثر التوسع الأفقي على جودة العمل، فالميزة التي ظهرت في فيلم "ناصر 56” وأدت إلى نجاحه أنه توسع رأسيا وتوقف عند حدث تاريخي بارز (تأميم قناة السويس)، بينما تعرض فيلم "أيام السادات” إلى المسيرة الحافلة للرئيس السادات، وتناول أحداثا كثيرة خصمت من رصيد العمل على المستوى العام دون أن تخصم من رصيد أحمد زكي الفني، والذي أجاد في تمثيل دوره في الفيلمين.

غالبية أدوار جلال القديمة مقتصرة على البطولة الثانية، لكن أتته النقلة النوعية اللافتة مع مسلسل "ظل الرئيس"، وبعده توالت أدوار البطولة في أعمال "رحيم" و"لمس أكتاف" و"الفتوة" و"ضل راجل"

ولن تتوقف الانتقادات والتخوفات أو الثناء والمديح وسيتعرض جلال للتقييم لفترة طويلة، فهو يعلم أنه جسد شخصية يجمع المصريون على وطنيتها وإخلاصها في أداء دورها خلال هذه الفترة، لكن هناك معارضين ومغرضين لن يتركوا الدور يمر مرور الكرام، وهو ما بدأت تجلياته تظهر من خلال محاولات عديدة لتشويه الصورة ومحاولة البحث عن نقاط الضعف الفني والشخصي في حياة جلال للنيل منه، كنوع من النيل غير المباشر من السيسي وتقليل وقع الصدى الإيجابي للدور.

وشق جلال طريقه إلى الفن منذ تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1990 من خلال أدوار محدودة في أفلام ومسرحيات ومسلسلات متباينة. ولأنه نشأ في عائلة فنية، فوالده المخرج الراحل جلال توفيق وشقيقه الفنان رامز جلال، استوعب جيدا فكرة أن النضج لا يأتي فجأة، فهو يحتاج إلى بعض الوقت وخبرة تثقله.

وانحصرت غالبية الأدوار التي أداها في دور البطولة الثانية، وأتته النقلة النوعية اللافتة مع مسلسل "ظل الرئيس” الذي عرض في موسم رمضان 2017، وبعده توالت أدوار البطولة في أعمال "رحيم” و”لمس أكتاف” و”الفتوة” و”ضل راجل”.

وجاءت الفرصة الحقيقية في مسلسل "الاختيار 3″، ويمكن أن تتحول إلى نعمة إذا استثمرها في البحث عن المزيد من الإتقان أو نقمة إذا تصور أن مجرد قيامه بالاقتراب من الفضاء الفسيح للسيسي سيمكنه من القفز فوق جميع الأشواك الفنية، وهو الخطأ الذي يمكن أن يقضي على مستقبله، فهذا العمل قد يكون بداية لأدوار جديدة عليه.

ومن يعرفون جلال يؤكدون أنه شخصية متزنة فنية، ولم يجامله أحد في مسيرته، حيث جاء تدرجه منطقيا وبلا مجاملات، ونجح في أن يترك بصماته في جميع الأعمال التي شارك فيها، ما يجعل دوره في "الاختيار 3” تحولا يفرض عليه المزيد من التدقيق في المرحلة المقبلة، خاصة أن بعض المنتجين قد يتعاملون معه على أنه الورقة الرابحة التي تفتح لهم الأبواب المغلقة، ولذلك يجب عليه الانتباه قبل فوات الأوان.      


 
شريط الأخبار الملك والرئيس المصري يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة حرصًا على سلامة الطلبة.. تعميم هام من وزارة التربية إلى جميع المدارس في الأردن "أخبار البلد" أول من انفرد بخبر تعيين غيث الطيب مديراً لدائرة الأحوال المدنية والجوازات الأردن يرحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان الجمارك تضبط 11 ألف سيجارة إلكترونية ومعامل "جوس" غير قانونية تعرف على بنود وقف إطلاق النار بين حزب الله و إسرائيل افتتاح المؤتمر العربي السادس للمياه نحو تحقيق التنمية المستدامة في المياه.. صور "التأمين الأردنية" تدعو مساهميها لحضور إجتماعها العمومي العادي الشهر المقبل الساكت يكتب.. تنويع صادراتنا الوطنية الجيش اللبناني يدعو للتريث بالعودة إلى مناطق توغل بها الاحتلال الإسرائيلي بدء تدفق السيارات لجنوب لبنان مع سريان وقف إطلاق النار وفيات الأردن الأربعاء 27-11-2024 طقس بارد نسبياً في أغلب مناطق المملكة اليوم الأرجنتين تحيي ذكرى وفاة مارادونا… وابنته تثير الجدل برسالة حادة "لم تمت لقد قتلوك" "الإندبندنت": سجون بريطانيا تكتظ بالسجناء والقوارض والبق والعناكب ماذا قالت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل عن بوتن وترامب في حوارها مع بي بي سي؟ بهذه الطريقة المؤلمة ماتت ناقة رسول الله.. أغلى ناقة فى التاريخ التربية: اختيار 1000 مدرسة وتزويدها بـ20 ألف جهاز حاسوب لإجراء امتحان "التوجيهي" إلكترونيًا جامعة العلوم التطبيقية الخاصة تعلن عن مبادرة بحثية مع جامعة غرب إنجلترا.. صور جلالة الملك يوجه رسالة إلى رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني