أخبار البلد ـ نشرت مجلة "بوليتيكو” مقالا للصحافي جاك شافر معلقا على منصة الرئيس السابق دونالد ترامب الاجتماعية. وقال إن أحدا لا يشك في قدرة الرئيس السابق على جذب الجمهور والاحتفاظ به.
وقبل تعليق حسابه على تويتر نهائيا في كانون الثاني/ يناير، كان بإمكانه التباهي بأن لديه 88.7 مليون متابع.
كما اشترك ما لا يقل عن 35.4 مليون شخص في حسابه على فيسبوك قبل إغلاقه. واحتلت العديد من كتبه قائمة أفضل الكتب مبيعا في "نيويورك تايمز”، وحتى بعد هزيمته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، لا يزال بإمكانه أن يملأ ساحات كرة السلة وقاعات البلديات. فأينما ذهب ترامب، يتوافد أنصاره للمشاركة في جاذبيته الغريبة.
ويتساءل الكاتب إن كان هذا الولاء سيترجم إلى مشاركة حقيقية في شركة جديدة، أُعلن عنها ليلة الأربعاء – وهي شركة وعد بأنها ستقدم منصات تواصل اجتماعي تتحدى تويتر وأطلق عليها "سوشيال تروث” (Truth Social). ووعد ببث فيديوهات الأخبار والترفيه "الحقيقية” للتنافس مع سي إن إن وديزني والبودكاست والبرامج والخدمات السحابية لمنافسة مايكروسوفت وغوغل وأمازون؟
ووعد بيان عام يعلن عن اندماج مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا "تي أم تي جي” (TMTG) التي تم تشكيلها حديثا، والتي يرأسها ترامب، مع الشركة التخمينية المسماة "ديجيتال وورلد أكويزشين كورب” بدخول جميع هذه المساحات الإعلامية "لتحارب شركات التكنولوجيا العملاقة في وادي السيلكون، التي استخدمت قوتها أحادية الجانب لإسكات الأصوات المعارضة في أمريكا ".
ويعلق الكاتب هذه هي أحلام ترامب على الأقل، لا يوجد شيء جديد حول العظمة الكوميدية لطموحات مجموعة تي أم تي جي، والتي تم الكشف عنها في مجموعة شرائح العرض الخاصة بالشركة. إنها تتوافق فقط مع اعتقاد ترامب الراسخ بأن "المبالغة” هي مفتاح بيع العقارات – أو أي من المنتجات الفاسدة (شرائح اللحم، مراتب النوم، الماء، ملابس الرجال، الفودكا، العطور، النظارات الطبية، القهوة) التي حاول ترامب بيعها لزبائن غير راغبين.
فترامب رجل أعمال ناجح إلى حد ما عندما يلتزم بتخصصاته – العقارات والفنادق. ولكن المنتجات باهظة الثمن وغير المطابقة للمواصفات والتي تحمل اسمه فشلت في السوق لأن ترامب لم يكن يعرف كيف يتنافس مع الأشخاص الذين يفهمون هذه الأعمال حقا.
ويمكننا أن نتوقع أن تفشل "تروث سوشيال” وغيرها من الشركات العالمية التي تقترحها شركته، لأن ترامب أولا ليس لديه أدنى فكرة عن كيفية تشغيل المؤسسات الإعلامية أو التكنولوجية، وثانيا يفتقر إلى الجاذبية الكافية.
فقد كان ترامب يتوق إلى موقع رائع وسط وسائل الإعلام لبعض الوقت.
ففي عام 2016، كان هو وصهره جاريد كوشنر يخططان لبدء منافس لقناة فوكس نيوز عندما افترضا أن ترشيحه للرئاسة كان محتملا.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، قيل إنه كان يفكر مرة أخرى بإنشاء شبكة إخبارية جديدة لمحاربة فوكس أو شراء شبكة موجودة. وفي شباط/ فبراير الماضي، ورد أنه كان يتفاوض للحصول على حصة بنسبة 40% في موقع التواصل الاجتماعي "بارلر” مقابل النشر حصريا عليه.
لم يصل أي من هذه المقترحات إلى مرحلة بدء التطبيق. ثم جاءت كارثة مدونة ترامب، التي ماتت في وقت سابق من هذا العام بعد 29 يوما فقط، حيث وجدت مكانا دائما للراحة في مقبرة ترامب مدفونة جنبا إلى جنب مع شرائح اللحم وأكياس القهوة وربطة العنق وزجاجات الفودكا (التي تحمل اسمه).
وستعلمه شركة ترامب الإعلامية الجديدة قريبا أن الجمهور ينظر إليه على أنه "غلين بيك” أكثر من كونه أوبرا وينفري.
قام بيك، الذي أثبت أنه قادر على أسر ملايين المشاهدين فقط بالثرثرة الطويلة ولوحة على كل من” سي إن إن” و” فوكس نيوز” قبل عقد من الزمن، بتأسيس شركته الإعلامية الخاصة في عام 2011.
وهو وإن لم يفشل تماما ولا يزال يبث، لكن طموحاته تجاوزت جاذبيته، حيث تطلبت تسريحا مستمرا للعاملين وعمل الشركة لصالح الإدارة وليس المساهمين. لا تزال أمريكا تحب بيك بطريقة ما، لكن ليس بالدرجة الكافية لكي يؤسس شركة كاملة حوله بما. وحتى بالنسبة للأشخاص الذين أحبوه، كان بيك مثل صلصة "التاباسكو”، محفزا للشهية، ربما بجرعات صغيرة، ولكن الإسراف في تناوله يتسبب بالأذى.
هل تحب أمريكا ترامب بما يكفي لاحتضان عالم إعلامي جديد بالكامل يعتمد عليه؟.
مثل ترامب نوعا ما، من ناحية أخرى، لم تبرز وينفري توجها سياسيا واحدا. لقد حاولت جذب أوسع شرائح السكان بلطفها وقدرة الحرباء التي تتمتع بها لتعكس في جمهورها أفضل ما عندهم. عندما حان الوقت لتأسيس شبكتها التي تحمل اسمها، لم تواجه أي مشكلة في الحفاظ عليها لأنها مؤدية آمنة ومطمئنة. ولم تكن وينفري مثل بيك، المتاجر بالخوف على التلفزيون. ويمكن للناس أن يبنوا عوالم كاملة حول وينفري، وقد أصبحت الآن مليارديرة بفضل تلك المواهب.
هل سيقوم عدد كاف من الأشخاص بالاشتراك في تطبيق منصة اجتماعية جديدة لمجرد تذوق أفكار ترامب؟
ولا يزال الأمريكيون يحبون ترامب. ففي النهاية، حصل على 74 مليون صوت. لكن هل تحب أمريكا ترامب بما يكفي لاحتضان عالم إعلامي جديد بالكامل يعتمد عليه، أم أنه يشبه بيك، أي من الأفضل تناوله بكميات أصغر كجزء من وجبة أكبر؟ هل سيقوم عدد كاف من الأشخاص بالاشتراك في تطبيق منصة اجتماعية جديدة لمجرد تذوق أفكار ترامب؟ ويخبرك فشل مدونته في جذب الانتباه الضئيل إلى أمرين: يحصل جمهور ترامب على الحد الأدنى من متطلباته اليومية لتغطية ترامب من وسائل الإعلام العادية، ولم يؤد أي شيء كتبه على مدونته إلى طابور من الناس يبحثون عن المزيد من نفس الشيء، ناهيك عن حصول تدافع.
وقد نجح ترامب على تويتر جزئيا لأنه كان فريدا من نوعه، ولكن في الغالب لأن تويتر قد جمع بالفعل جمهورا له لترفيهه. لا يوجد دليل على أنه يستطيع جمع مثل هذا الجمهور بمفرده.
والأكثر من ذلك، هل يتوقع ترامب حقا منا أن نصدق أن شركة إعلامية وتقنية ناشئة بميزانية متدنية هي 293 مليون دولار في الصندوق ويشرف عليها رجل يبلغ من العمر 75 عاما يمكن أن تتفوق على فوكس نيوز وسي إن إن وديزني ومايكروسوفت؟
ووفقا لتقرير من "رويترز” فإن الممول الذي قاد عملية الاندماج التي أنشأت تي أم تي جي، لديه سجل حافل عندما يتعلق الأمر بعقد الصفقات الكبيرة. عندما يموت ترامب، سيصطحب معه شخصية ترامب إلى المقبرة. هل يرغب أي شخص حقا في القيام باستثمار طويل الأجل في شركة مرتبطة بشخص واحد ولن يصبح أصغر سنا؟
ومن الواضح أن ترامب سوف يجتذب بعض المتابعين. ومن الواضح أيضا أنه سيثير بعض الأخبار. لكن الأمر ليس كما لو أن ترامب يمتلك بعض الأفكار الحصرية التي ستجعله (بيبي يودا) الشخصية من مسلسل حرب النجوم، لعام 2022، حيث من المقرر أن تبدأ شركة تروث سوشيال عملها. فهناك أسماء عدة تتاجر بنفس البضاعة لمعسكر اليمين من بن شابيرو إلى دان بونجينو وتاكر كارلسون.
بالنسبة للجزء الأكبر من حياته المهنية، غالبا ما كان ترامب يوصف في الصحافة بأنه شخص نصاب. وأنه شخص يستغل الناس لكسب لقمة العيش. قد يكون هذا غير عادل قليلا. إن سمعة ترامب في استغلال المستهلكين بالسلع السيئة وخداع المستثمرين معروفة ولفترة طويلة لدرجة أن أي شخص يشتري منه أو يستثمر معه يجب عليه أولا أن يتجاهل الأدلة الكثيرة ضد التعامل معه.
ومن السابق لأوانه في قصة مجموعة تي أم تي جي، وصف الشركة بأنها شركة نصب، حتى لو كان الامر كذلك كما تقول صحيفة "واشنطن بوست” "بدا أن تي أم تي جي، ليست أكثر من مجرد شركة معروفة بشكل غامض ومقرها في مار إي لاغو، نادي ترامب في بالم بيتش”.
واستنادا إلى البيان العام للشركة، لا يوجد دليل على أن الشركة لديها منتج جاهز للبيع أو تقنية فريدة أو حتى اسما معروفا للتداول عليه. (ومع ذلك، يمكنك تنزيل تطبيق تروث سوشيال، لكن الموقع التجريبي لا يعمل حتى تشرين الثاني/ نوفمبر).
وفي النهاية، يشي كل هذا أن ترامب لا يمكنه بدء سوى شركة صغيرة جدا لتولي أعمال تجارية كبيرة جدا وأن سمعته بفشل أعماله أدركته أخيرا. ويبدو أن المليارديرات وغيرهم من أصحاب الثروات الحقيقية لم يردوا على مكالمات ترامب. إنها قصة قديمة: في نهاية المطاف، فلم يتبق أحد يمكن للنصاب النصب عليه.