لم تكن الخمسة أشهر الأخيرة باردة على كرسي وزارة الداخلية نتيجة لسرعة قيام وجلوس الوزراء عليه، حيث شهدت هذه المدة القصيرة دخول وخروج أربع وزراء للداخلية منهم الرسمي ومنهم المكلف الأمر الذي يعطي طابعًا بأنها من الحقائب المطموح بها كون كرسيها سيادي وله اهمية ثقيلة على الصعيد الداخلي في الأردن.
إن المثير للإهتمام هو التغيرات المستمرة والتي يشهدها كرسي وزارة الداخلية والاسماء المختارة لتسلم مقاليد إدارتها باعتبار أن بصمة الجنوب الأردني حضرت منذ الأيام الأولى لحكومة الدكتور بشر الخصاونة حيث أختير توفيق الحلالمة وزيرًا للداخلية آن ذاك إلا إنه لم يلبث طويلًا ليخرج من الحكومة مستقيلًا على واقع الدربكة والمخالفات التي شهدتها الانتخابات النيابية في شهر تشرين الأول من عام 2020، فيما لم يرد رئيس الوزراء عقب استقالته أن يبرد كرسي وزارة الداخلية إذ جاء وبشكل فوري بوزير ثان لها وهو سمير مبيضين الرجل القديم الجديد لاعتبارات عديدة منها أن وزارة الداخلية تعتبر بيته فقد أدارها في ظل حكومات وهذا يدل على أن الرئيس الخصاونة يعتمد على الأسماء الجنوبية في إدارة هذه الوزارة.
تواتر الأحداث الساخنة في وزارة الداخلية لم تقف عند هذا الحد، فنتيجة خطأ مخالف لأمر الدفاع نفذه كل من وزيري الداخلية سمير مبيضين والعدل بسام التلهوني، طلب منهما رئيس الوزراء تقديم استقاليتها الأمر الذي استجابا له بشكل فوري، ليعود وبأقل من أربعة أشهر كرسي الداخلية فارغًا مرة آخرى لكن هذه المرة كثر الهمز واللمز على أن الخصاونة يحاول أن يقصي وزراء الجنوب الأردني من الحكومة إذ صاحب هذا الاعتقاد امتعاض وانتقاد بين الحين والآخر، لهذا قام الرئيس الخصاونة بحركة ذكية وجعل نائب رئيس الوزراء ووزير الإدراة المحلية توفيق كريشان يتولى مقاليد الداخلية لإيقاف اللعب على هذا الوتر والذي بالمناسبة أوقف الهمسات حول هذا الأمر.
استقالات الوزراء أجبرت رئيس الوزراء أن يجري تعديلاً على حكومته بدواعي ترشيقها وتعبئة شواغرها لكن وعلى ما يبدو أنه أمعن بالتفكير واستنزف عقله حول من يتولى كرسي وزارة الداخلية، إذ إن الاسماء التي كانت مرشحة عديدة يغلب عليها الطابع الجنوبي أحيانًا ورسى الاختيار على الجنرال مازن الفراية والذي يعتقد مراقبين للشأن أنه اسم اثبت جدارته خلال فترة كورونا ويستطيع إدارة الوزارة السيادية، ونتيجة التقلبات الأخيرة في وزارة الداخلية إلا أنه مقدر لها أن يبقى كرسيها جنوبي وكأن لسان حال رئيس الوزراء يقول هذه الوزارة ستبقى عهدة وماركة خاصة بأبناء الجنوب مطبقًا لما قالته الفنانة الثورية جوليا بطرس في إحدى اغانيها "يا حبيبي يا جنوب".