مع اقتراب جائحة كوفيد-19 من الوصول الى مرحلة الذروة في مختلف القارات كما تؤكد منظمة الصحة العالمية، بدأ الإعلام العالمي يسلط الضوء على التوابع الملموسة في الوقت الراهن من تفشي الوباء، وعلى توقعات الخبراء لما سيحدث في زمن ما بعد كورونا، ما بين توقعات بتغير واختلال موازين القوى في المرحلة المقبلة، وأخرى لا تستبعد حدوث حرب عالمية ثالثة أو على أقل تقدير سيزداد نفوذ بعض الدول وستصعد قوى جديدة على حساب أصحاب النفوذ والمتحكمين في عالمنا الآن، وكرة القدم كباقي مجالات الحياة، هي كذلك لم تسلم من بطش المرض، بغلق الملاعب وتعليق النشاط منذ منتصف الشهر الماضي وحتى إشعار آخر، وهو ما كبد الأندية خسائر فادحة، مثلما تخسر الدول والمؤسسات والبورصات على رأس الساعة، وهذا في حد ذاته ينذر بتغير أشياء ومفاهيم كثيرة كانت ثابتة في عالم المركولة المجنونة قبل الأزمة الحالية
السؤال الأشهر
حتى هذه اللحظة، ما زال السؤال الأشهر والأكثر ترددا بين عشاق الكرة الحقيقية وخبراء اللعبة، هو متى سينتهي صراع الثنائي الأفضل عالميا في العصر الحديث وربما في كل العصور ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو؟ بعد هيمنة الاثنين على 90% من الجوائز الفردية المرموقة منذ عام 2007 وإلى الآن، بتتويج البرغوث بجائزتي الأفضل و الكرة الذهبية ست مرات، مقابل خمس جوائز لصاروخ ماديرا، حتى بعد فوز ليو بجائزتي العام الماضي، ترسخ لدى البعض اعتقاد بأن هذه الحقبة لن تنتهي إلا باعتزال الفضائيين، وذلك بالنظر إلى الحالة البدنية والفنية التي يبدو عليها الاثنان، حتى بعد تقدمهما في السن، بوصول رونالدو لعامه الـ35 وميسي سيحتفل بعيد ميلاده الـ33 في يونيو/حزيران المقبل، والدليل على ذلك، تأثيرهم الكبير على نتائج يوفنتوس وبرشلونة منذ بداية هذا الموسم المؤجل، حيث سجل الدون 25 هدفا من مشاركته في 32 مباراة، منها 22 هدفا على مستوى السيريا آ، كأكثر اللاعبين تأثيرا في تصدر السيدة العجوز صدارة جنة كرة القدم، فيما سجل النجم الأرجنتيني 24 هدفا في 31 مباراة في كل البطولات، وأيضا الأكثر تأثيرا في تصدر البارسا لليغا بفضل أهدافه الـ19 التي سجلها في البطولة، وبطبيعة الحال، هذا لم يحدث من قبيل الصدفة، بل بالعمل الشاق ورغبة تصل لحد الجنون من قبل الاثنين لأجل الحفاظ على لياقتهما البدنية في القمة، وقد أكد الدولي المغربي السابق مهدي بنعطية هذه المعلومة، بالكشف عن إدمان رونالدو للتدريبات العنيفة بعد التمارين الصباحية وأحيانا بعد المباراة، بخلاف نظامه الغذائي المتكامل، بتناول من 6 إلى 7 وجبات على مدار اليوم، ليحظى بهذا القوام الرياضي المثالي، الذي قلما تجده حتى في لاعب عشريني. ونفس الأمر بالنسبة لغريمه، صحيح لا يملك نفس القوة الجسدية الخارقة، لكن لياقته البدنية ما زالت جيدة جدا، وهذا ما يحتاجه، لأنه لا يعتمد سوى على سحر الكرة بين قدميه بتنفيذ الركلات الثابتة وعمل المفاجأة في آخر 30 مترا في الملعب، على النقيض تماما من مقولته الشهيرة التي قالها في بداية الموسم مع تقدم العمر الجسد لا يرحم
تأثير الجائحة
قد يكون التضارب حول موعد استئناف الموسم، ما بين آراء تتوقع استكماله مع بداية يونيو/حزيران وأخرى ترجح استمرار الوضع الحالي حتى أغسطس/آب، وذلك من دون استبعاد سيناريو الإلغاء إذا لم تسمح الظروف، لكن المؤكد أنه في كل الأحوال ستعود مباريات كرة القدم بملاعب مغلقة لفترة ليست قصيرة، وأغلب التقارير التي تحظى بمصداقية جيدة، تؤكد أن عودة الجماهير ستحدث بشكل تدريجي ربما مع نهاية الموسم المقبل أو بداية الموسم ما بعد المقبل، وأمر كهذا سيؤثر بشكل سلبي على معنويات وشغف اللاعبين، وبالنسبة لرونالدو وميسي، ستكون الأمور معقدة للغاية، لأهمية الدعم الجماهيري الذي يستمد منه الاثنان الكثير من الطاقة والحماس لتقديم الأفضل في كل مباراة وبطولة، والأسوأ من ذلك، أن توقف النشاط جاء في أوج وأفضل لحظاتهما في الموسم، ومع استمرار التوقف لبضعة أسابيع أخرى، سينعكس الأمر بشكل سلبي عليهما، لصعوبة استعادة نفس الحماس والرغبة والزخم وغيرها من الأشياء التي تجدد نشاطهما في كل عطلة نهاية أسبوع، غير أن الابتعاد عن التدريبات الجماعية لفترة طويلة، كفيل بنسف إيقاع وشغف الاثنين، بعدما كان النسق في ذروته مع الاقتراب من دخول مراحل الحسم في الموسم، في ما يعرف أبريل الحاسم ، ولا ننسى كذلك، أن الأمر الذي يتقاتل عليه الاثنان، والحديث عن جائزتي الفيفا ومجلة فرانس فوتبول ، هناك احتمالات كبيرة لإلغاء الحفلتين هذا العام، بعد اختلاط معايير اختيار الفائز، بتأجيل اليورو للعام المقبل واحتمال ضغط مباريات ربع ونصف نهائي دوري الأبطال، إذا استكمل الموسم الشاهد أن جُل المؤشرات لا تصب ولا ترجح عودة الثنائي بنفس النسخة الفضائية التي كانا عليها قبل هذه الأزمة
مشاكل خارجية
الملاحظ في هذه الأيام أن وسائل الإعلام في إيطاليا وإسبانيا بدأت تمهد لعصر ما بعد كريستيانو وليو، بعشرات التقارير التي تتكهن حول مصير الدون مع اليوفي، لتأثر ناديه بالأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق، وهناك مصادر تزعم أن إدارة البانكونيري قد تضطر لبيعه الصيف المقبل، لصعوبة تحمل راتبه، وهو ما فتح المجال لربط اسمه بالعودة إلى ريال مدريد، لكن آس و ماركا وغيرهما من المصادر المقربة من فلورنتينو بيريز، أجمعت على أن الإدارة لم ولن تفكر في عودة صاروخ ماديرا مرة أخرى كلاعب، بسبب السياسة المتبعة بالتركيز فقط على المواهب القابلة للانفجار في المستقبل. أما ميسي، فيقال إن علاقته بالكاد تدهورت مع الرئيس جوزيب ماريا بارتوميو، بعد الضغط على اللاعبين لإجبارهم على التنازل عن 70% من أجورهم بأثر فوري منذ توقف النشاط الكروي، فضلا عن اعتراض البرغوث على المشاكل الإدارية التي يعاني منها النادي في الآونة الأخيرة، على غرار ما حدث الأسبوع الماضي بتقديم ستة من أعضاء مجلس الإدارة استقالاتهم، اعتراضا على سياسة الرئيس، هذا ولم نتحدث عن موقف الهداف التاريخي من تسريب معلومة تعاقد رئيس النادي مع شركات افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، لتوجيه الرأي العام ضد ليو وباقي النجوم الكبار، الأمر الذي يحاول الإنتر استغلاله، لتحقيق حلم الرئيس السابق ماسيمو موراتي برؤية ميسي بقميص النيراتزوري كما حدث مع الظاهرة رونالدو في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، وإن تمت هذه الصفقة بنجاح وفي نفس الوقت لم يرحل رونالدو عن يوفنتوس، فقد تكون الأمل الوحيد لاستمرار هذه الحقبة الذهبية لصراعهما لفترة أطول، قد تمتد لعامين أو ثلاثة، أما غير ذلك، فجُل متغيرات زمن ما بعد كورونا، تنذر بانتهاء هذه الحقبة
الخلفاء المنتظرون
بينما تتحدث الصحافة عن اقتراب لحظة اختفاء بريق رونالدو وميسي، تزايد الاهتمام بمستقبل كيليان مبابي وباولو ديبالا، بأنباء محدثة على رأس الساعة عن اهتمام ريال مدريد وبرشلونة بهما، والنغمة السائدة أن مبابي مطلوب في معقل الملوك، ليكون غالاكتيكو العقد الجديد، وديبالا مطلوب في كامب نو ، ليحل محل أسطورة بلاده في المستقبل، ما يمهد لانحصار الصراع الرقمي والفني بينهما في زمن ما بعد كورونا، لقدراتهما العظيمة، وتمتع كل منهما بالموهبة والإمكانات المطلوبة لحمل القميص رقم 7 المدريدي أو 10 الكتالوني، وربما يزاحمهما الوحش الاسكندينافي إيرلينغ براوت هالاند في السنوات المقبلة، إذا استمر على صورته المرعبة الحالية مع نادي بشعبية وجماهيرية تفوق ناديه الحالي بوروسيا دورتموند، لكن حصول هؤلاء على الإرث سيتوقف على مدى استغلال نيمار جونيور ومحمد صلاح وساديو ماني للفرصة الثمينة المحتملة، إلا إذا قهر الثنائي الفضائي المنطق وكورونا، وعادا بنفس القوة التي كانا عليها قبل الأزمة، وفي حقيقة الأمر، هذا ما يتمناه عشاق المواهب والكرة الجميلة
هل يكتب كورونا نهاية صراع رونالدو وميسي؟)
أخبار البلد -
اخبار البلد-