يترقب الشارع اللبناني بشغف، جلسة البرلمان، الاثنين المقبل، التي تشهد انتخاب رئيس للبلاد، بعد نحو عامين ونصف العام، من خلو المنصب.
وفشلت 45 جلسة لمجلس النواب، منذ مايو/ أيار 2014، في انتخاب رئيس، لعدم اكتمال النصاب، جراء انقسامات حادة بين القوى السياسية، وسط آمال بتجاوزها، في الجلسة الـ46.
غير أنه بات زعيم "التيار الوطني الحر" النائب ميشال عون، رئيساً للبنان، "نظرياً" بانتظار جلسة مكتملة النصاب الدستوري (86 نائباً على الأقل من أصل 128 يتألّف منهم البرلمان أي الثلثين)، بعد إعلان زعيم تيار "المستقبل" ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري دعمه لعون.
وفي حال بقيت خريطة التحالفات بين القوى السياسية، المنقسمة بين قوى الثامن من آذار( المؤيدة للنظام السوري وإيران)، وقوى الرابع عشر من آذار (المدعومة من السعودية)، على حالها، يصبح عون "نظرياً"، رئيساً للبلاد.
وينافس عون على الفوز بالمنصب النائب سليمان فرنجية، رئيس تيّار المردة.
ووفق رصد لتوزيع الأصوات، أجراه مراسل الأناضول، استناداً إلى ما أعلنته الكتل النيابية اللبنانية، حتى اليوم، يتوقع حصول عون على 76 صوتاً، وهي أكثرية كافية لفوزه بالمنصب.
لكن الفوز سيتأجل إلى جلسة الاقتراع الثانية (المطلوب النصف زائد واحد من الأعضاء، الذين يتألف منهم البرلمان)، وتعقد الجسة الثانية في اليوم نفسه.
ومن المستبعد حصول عون على أكثرية الثلثين للفوز من الجلسة الأولى، في ظل اعتراض رئيس البرلمان نبيه بري وآخرين، على اعتبار الجلسة المقبلة هي الثانية، إصراره على أنها الأولى، التي تتطلب أغلبية الثلثين.
ويقول نواب، محسوبون على عون، إن جلسة الاثنين المقبل هي الدورة الثانية، وتحتاج الى حضور 86 نائباً (الثلثان) على الأقل ليكتمل النصاب، وبالتالي يحتاج الأخير إلى 65 صوتاً فقط ليصبح رئيساً.
إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتمسك بأن الجلسة، التي تم الاقتراع فيها لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في إبريل/ نيسان 2014 أغلق محضرها، وبالتالي فجلسة الاثنين المقبل هي الأولى.
وفي حال عدم الحصول على أغلبية الثلثين (86 نائباً نظريا)، يتجه النواب الى جلسة ثانية، تليها مباشرة، بشرط إبقاء النصاب نفسه، وفي هذه الحالة يتعين حصول المرشح على 65 صوتاً للتنصيب، أي 50 بالمائة + واحد.
وتنافس عون وجعجع، على المنصب إبريل 2014، ولم ينل أي منهما أكثرية الثلثين، فانسحب نواب عون و"حزب الله" وحلفاؤهما، في الدورة الثانية لتعطيل نصاب الثلثين.
وبحسب الأرقام الأولية، فإن توزيع الأصوات بين عون وفرنجية، سيكون على النحو التالي:
*كتلة (حزب الله) 13 نائباً، كتلة الحريري نحو 29 نائباً، من أصل 34، كتلة (القوات اللبنانية) 7 نوّاب، تكتّل عون 21 نائباً، الطاشناق نائبان.
مع ترجيح تصويت النواب المستقلّين: روبير غانم، نقولا فتوش، تمّام سلام، ميشال فرعون، لصالح عون.
أما المؤيدون المفترضون لفرنجية فهم: كتلة بري 13 نائباً، كتلتي حزبي البعث، والسوري القومي 4 نوّاب، كتلة فرنجية 3 نوّاب، والنواب المستقلون: نجيب ميقاتي، أحمد كرامي، بطرس حرب، وطلال أرسلان.
ولم تُحسم كتلة النائب وليد جنبلاط 11 نائباً، و6 نواب مستقلين، لأي مرشح سيصوتون.
وبات شبه محسوم أن كتلة الكتائب 5 نوّاب ،ستضع ورقة بيضاء، وكذلك الأمر بالنسبة لنواب "المستقبل"، الرافضين التصويت لعون وعددهم 5 نواب.
وبإضافة نائب مستقيل يصبح العدد الاجمالي للمجلس 128.
** توزيع المقاعد في البرلمان على القوى السياسية.
1- "المستقبل"، بزعامة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ( 34 نائباً ).
2- "مستقلون" (14 آذار) (14 نائباً).
3- "الحزب الاشتراكي" بزعامة النائب وليد جنبلاط ( 11 نائباً).
4- حزب "الكتائب"، بزعامة سامي الجميل (5 نوابِ).
5- حزب "القوات اللبنانية"، بزعامة سمير جعجع (7 نوابِ).
6- حزب "التيار الوطني الحر"، بزعامة ميشال عون (21 نائباً).
7- "حزب الله" (13 نائباً).
8- "حركة أمل"، بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري (13 نائباً).
9- حزب "المردة"، بزعامة سليمان فرنجية (3 نوابِ).
10- كتلة "الأرمن الطاشناق" ( نائبان ).
11- حزب "البعث العربي" ( نائبان).
12- "الحزب القومي السوري الاجتماعي" ( نائبان).
13- "الحزب الديمقراطي"، يتزعمه طلال أرسلان (نائب واحد).
ويعتمد النظام السياسي اللبناني، بحسب دستور الطائف، الذي أنهى حرباً أهلية طاحنة (1975 – 1989)، على الميثاق الوطني في عملية انتخاب رئيس للجمهورية.
وبحسب الميثاق الوطني، وهو عرف اتفق عليه اللبنانيون، يتعين أن يكون رئيس الجمهورية، منتمياً للطائفة المسيحية والمذهب الماروني.
وبحسب الدستور فإن رئيس الجمهورية هو "رمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور, يرأس المجلس الأعلى للدفاع، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء".
وأسهم دستور الطائف في خلق تحوّل كبير في آليّة إدارة الحكم بالدولة اللبنانيّة، ليقلص كثيراً من صلاحيات الرئيس.
فرئاسة الدولة، ما قبل الطائف، كان المنصب الأهم، بحكم الدستور والقانون، والموقع الأقوى في هيكليّة السلطة التنفيذية، والمركز الأساسي للقرار.
لكن دستور الطائف أحدث تغييرات جذرية في المنصب، أهمّها إناطة السلطة الإجرائيّة بمجلس الوزراء مجتمعاً، ومنح رئيس الجمهوريّة الحقّ فقط بإدارة الجلسات - إذا حضر - من دون حقّ التصويت.
كما سحب منه الحقّ بدعوة الحكومة للانعقاد من الأساس، وجعل من قرارات الحكومة نافذة، حتّى لو رفض الرئيس التوقيع عليها، ضمن المهل القانونيّة الممنوحة له في هذا الصدد.