تصادف يوم الخميس 30/6/2016 الذكرى السنوية الخامسة عشر لوفاة خالد عبد الحميد شومان، ذلك العالم والعلم من أعلام الاقتصاد الوطني ومجموعة البنك العربي.
ففي يوم السبت التاسع من شهر ربيع ثاني 1422 هجرية الموافق 30 حزيران 2001 ميلادية ، فجعت الأسرة المصرفية والاقتصادية في الأردن والعالم العربي بانطفاء نجم اقتصادي ساطعِ الظل أضاء مساحات واسعة في الاقتصاد من خلال مجموعة البنك العربي . الذي كان –رحمه الله- القائد الحقيقي المبدع لكل ما اتصل بالبنك على صعيدي العصرنة والتطوير. فقد انتقل خالد شومان رئيس مجلس الإدارة الأول للبنك العربي الإسلامي الدولي ومؤسسه إلى رحمة الله تعالى عن عمرٍ يناهز سبعون عاماً قضاها في خدمة وطنه وأمته وخدمة قضايا الاقتصاد العربي .
قال المفكر العالمي إيمرسون:
"يطوى العبقري في حياته .. أعمار أجيال سبقته وأجيال عاصرته وأجيال تأتي بعده .. وتخلّد عندما يرتحل عن هذه الحياة .. لأن الذكر للإنسان يكون عمراً باقياً".
وذلكم شأن فقيدنا،
لقد عمل خالد شومان بكل إخلاص من أجل مؤسسة البنك العربي التي أسسها والده رحمهما الله واهتم بمسألة تطويرها وتحديثها وفق أحدث ما توصلت إليه تقنية العصر في مجال العمل المصرفي والتنظيمي ، كما بذل جهوداّ مضنية في سبيل أن تبقى هذه المؤسسة منارة متألقة في العالم المصرفي فأعطاها من عمله وجهده وخبرته وحياته ، ونذر لها سنوات العمر الطوال إلى أن طوته المنية،
ومع افتقاد الملايين للخالد (خالد) لم يفقد البنك (خالد) فحسب، بل فقد أيضا روحه وعقله.
أن للموتى وللراحلين رنيناً في الذاكرة ... يصدح عند تذكر أسمائهم...نستشعرهم بحواسنا... ونكاد أن نبصرهم في كل الأماكن... فرحم الله بسمة لا تنسى منهم ... وملامح لا تغيب عن البال... وحديثاً اشتقنا لسماعه... ورحم الله روحاً غطى جسد صاحبها الثرى.. ورحم الله الراحلين ،، ورحم الله خالدا،،،،،
كلما ذكرنا خالد شومان تطوف في نفس كل واحد من محبيه ذكريات وذكريات... فلكل واحد منهم معه قصة وحكاية... فهو لكل واحد منهم أخ ومحب... وهو لكل واحد منهم قريب...
تعود بداية علاقتي الشخصية بالمرحوم خالد شومان إلى بدايات عام 1996، حيث كنت عضوا في الفريق الذي مثل البنك العربي مع البنك المركزي الأردني في تصفية بنك عمان للاستثمار،
وتوطدت هذه العلاقة بشكل اكبر خلال تلك الفترة عندما كلفت مع الأستاذ جميل الدسوقي لتأسيس البنك العربي الإسلامي الدولي، حيث كان قريبا جدا منا يتابعنا خطوة بخطوة، في إنشاء وتأسيس ثاني بنك إسلامي في الأردن.
وخلال السنوات التي عايشت المرحوم خالد شومان رحمه الله عرفته صافياً في طلعته وصافياً في سريرته يلتزم ويفي بالتزامه، لبقاً في حديثه، قريباً جداً من أصدقائه، قوياً في صحبته، مقنعاً في طرح آرائه وأفكاره، يصدق ويصادق الآخرين بمن فيهم مرؤوسيه، ويحسن الاستماع ويجيد الحديث دون تكليف، وقد ورث عن والده المؤسس بساطته وصدقه حيث كان، واسع الثقافة والاطلاع في التاريخ والأدب والموسيقى ، حاضر البديهة، إنساني في تعامله، يحترم الآخرين، ويقدر وجهات نظرهم.
رحل خالد شومان بعد عمر مثمر وشاق ساهم به في بناء شركات ومؤسسات ومواقع اقتصادية حظيت بسمعة طيبة ومصداقية عالية.
لم يكن الغياب يوماً إلا صعباً... ولم يكن الفقد يوماً إلا قاسياً... فما أصعب أن يغيب الرجال، فقد كان رحيله خسارة للاقتصاد الوطني وخسارة لمجموعة البنك العربي كما كان خسارة لعائلته وأهله وأصدقائه ومحبيه ، وخسارة للنجاح والتصميم وقيم الحق والصدق في التعامل ... وقد ترك رحيله فراغاً يشعر به الجميع وقد أفضى هذا الغياب إلى مغادرة عائلة شومان البنك العربي بعد 82 عاما من تأسيس هذه المؤسسة المصرفية الوطنية العربية العالمية.
الحياة والموت بأمر الله وتقديره، نأتي إلى هذه الدنيا بإرادة الله ونتركها حيث يجيء الأجل حسب مشيئته، ولكل أجل كتاب وهذه سنة الحياة ومصير كل إنسان إلى الرحيل عن هذه الدنيا، فتبقى الذكريات والعمل الصالح، فأعماله وآثاره باقية، وإلى روحه الطاهرة؛ التحيات الزكيات، وسلام عليه يوم يبعث حيا.
أجزم أن خالد شومان لم يتحول إلى فعل ماض، ولن يصبح في عداد الغائبين بل سيظل فاعلاً مرفوعاً على سارية أعماله ومواقفه، وسيبقى ماثلاً يمارس حضوره الدائم في كل جوانب العمل المصرفي وخاصة في البنك العربي الإسلامي الدولي.
(( كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)) صدق الله العظيم }الرحمن{.
وإنا للــه وإنا إليــه راجعـــون
د. فــؤاد محـيـسـن