بقلم: صابرين فرعون
يكتب الشاعر حسام الزعبي عن الذات المسكونة بوطن، وعن تمخضات الإنسان اتجاه روحه، قد يراها في الدلالات التوصيفية المحاكية لانكسارات الواقع، واقع التشظي الذي يسحبنا لنهرب من الألم للكتابة، فتندغم الذات في قوالب الشعرية وتتمازج ورؤى معينة ..
تنهار الحدود الجغرافية وتتسع فضاءاتها ورقعتها في المجموعة الشعرية "أحلام المجانين"، وتتنوع مواضيعها الاجتماعية والوطنية، وتُصبغ بجماليات اللغة والاستعارات التي تزدهي بها الصورة الفنية،
فيصير الحرف سلاحاً ذو رسالة، كما في قصيدة "بلا أوزان" :
حينما يصبح السيف قلمي
والقصيدة معركتي
لابدّ أن أحارب
حتى آخر حرفٍ أجره خلفي
سأحارب حتى ظلي
حتى تتنفس القصيدة
وتعود الشوارع للعاشقين
ويعود الليل...
لا تخلو قصائد الزُعبي من مفردة الحرب ومشتقاتها، وهذا إن دلّ، فيدل على تأثر الشاعر بما يحدث في وطنه سوريا، فيبحث عن التئام لكل ذلك العطب الذي تتسبب به الحروب في أوطاننا. عناوين النصوص بكل بساطتها تشد القارئ ليتأملها ويقف عند عمق طرحها، ثلاثةٌ وستون نصاً تجعل القارئ مشاركاً في عملية التفكيك والبناء اللغوي، هذه بعضها "وهل يستقيل الوطن، عشت مرتين، رقصات العتمة، معركتي مع الظل، أوتار المنفى، حواجز القهر، كوبونات الجنة، جواز سفري، سرقتم طفولتنا، يا دمشق، بلاد الياسمين، الموت يطاردني، الاعتقال..."
بعض العناوين أيضاً تعكس ثقافة الشاعر وتأثره بما يقرأ، وتحاكي فكرته، وتتقارب وزناً وفكرةً وموسيقى كما في "غرباء،عابر سبيل، بؤساء".
اعتمد المحسنات البديعية كالجناس الناقص والتضاد والمُقابلة، كما في قصيدة "لأجلكِ":
لم أعد أميز الماء من الدماء
ولا القبلات من الطعنات
ولا الوطن من الشتات...
تأخذ لا النافية للوحدة حيزاً من نصوص الشاعر حسام الزعبي والتي تشير إلى أن هم الوطن يسكنه، فيلهمه تلك العاطفة العميقة في الكتابة، كما في قصيدة "غرباء":
لا مجنونة تبحث عني
لا عاقلة تُطفئ نيراني
أحزاني تشبه أحزاني
ماتت في عز شباب
أوطاني
آهٍ من حبيبتي
أخاف أن تنسى عنواني...
حسام الزعبي شاعر وإعلامي سوري، صدر له: مجموعة شعرية "أحلام وقناديل"، مقالات "صرخة وطن"، مجموعة شعرية "أحلام المجانين"، وكلها عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، وله تحت الطبع رواية "ألم الذاكرة"..