بقلم: صابرين فرعون
تتداخل عوالم الخيال والسرد عند الروائية آن الصافي، حيث تشتغل على المادي للتفكر بالروح ونواميسها، فكانت الروح في روايتها "كما روح" هي مجموع فلسفي يتأثر بنظرية أفلاطون بأنها تتكون من العقل والنفس والرغبة التي تُكمل وظائف بعضها البعض، ونظرية إيمانويل كانت بخصوص الأسئلة الناجمة عن إعمال العقل وإيغاله في التأمل في الغير محسوس وملموس.
من جانبٍ آخرٍ، هناك خيطٌ في كل روايات آن الصافي تفضي لمنهج علمي واقعي يقوم على التفكر في كينونة الذات "كروح تسكن الجسد" بتفسيرات منطقية من خلال أمثلةٍ حياتيةٍ، فالروح هي المصدر الانفعالي المتحكم بالعواطف لإحداث التناغم والتوازن مع القلب بيت داء ودواء المشاعر، فها هي الصافي تجعل من عتبات فصول الرواية مفاتيح لمواقف وشواهد حقيقية تعيشها شخوصها المسكونة بالشاعرية والكينونة المستقلة، خاصة حينما يلتقي تفكيرها وتفكير شخوصها دون سيطرة منها عليها، وإنما يقتصر دورها على السارد العارف بتفاصيل الحياة اليومية لهم..
تطرح الصافي فرضية الخروج من الجسد، التي تشير إلى أن القرين يتنقل بحرية دون الجسد، وعندما يعود للجسد يحمل صوراً ذهنية تُسهم في تدارك وفهم الأمور، كذلك تشير للعوالم المتعددة والمتوازية، حيث أن الكون لامتناهي وأن المادة المتواجدة عليه هي التي تفنى لأنها محدودة "الجسد" وأن هناك شبيهاً لكل منا يعيش في عالم آخر يعيش حياة خاصة به..
وفي ذلك إشارة للطرح الوجودي، حيث أن الصافي تعمل على كتابة الأفكار في تشكيل عوالمها الافتراضية، خارج الإطار النمطي للسرد الروائي، مُحدِثة خلخلةً في السياق المكاني، لأنه خارج الحدود الجغرافية والسياسية في العالم الحقيقي وتُحافظ على السرد كلقطات متفرقة لحيوات أخرى تثير تساؤلاتها عن دورها في الواقع..
وكأنها تستند لقول ابن عربي
"يا من خلقت من العماء كل شيءٍ
ووهبت هذا العالم القدرة على أن يتخيل نفسه
يا من جعلت النهار ظلاً لليل
كل موجودٍ خلقته من نورٍ إلا أنت"
آن الصافي روائية وباحثة سودانية، صدر لها : "فُلك الغواية" رواية، "جميل نادوند" رواية، "توالي" رواية، "قافية الراوي" رواية، "الكتابة للمستقبل" كتاب فكري ثقافي، كلها صادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع..