محمد علاونة
لم يكن مفاجئا التعديل الأخير الذي طرأ على حكومة عبد الله النسور، على أهمية تعيين مازن القاضي وزيرا للداخلية، وذلك يحتاج لشرح مطول، لكن المهم ما أفرزته تلك الحكومة على مدار أربع سنوات، من قرارات سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية أوصلت البلد إلى حقبة ما قبل الماضي في حال القياس على الانجازات التي تحققت ما قبل النسور والتطورات التي شهدها العالم.
منذ تسلم النسور حقيبة الرئاسة في 2012 بعد أن كان نائبا معارضا في البرلمان، جلب جملة من المستجدات تتناقض تماما والتغييرات التي يشهدها العالم، وحتى التحول الجذري الذي رافق «الربيع العربي»، وكأن واقع الحال يقول «نحن في واد وهم في آخر».
بدأت القرارات الاقتصادية تنهمر تلو الأخرى، بحجة الإصلاح والتخلص من اختلالات دعم السلع والخدمات، وكان الرجل في تحد غير مسبوق ليفعل ما عجزت عنه الحكومات السابقة بتنفيذ وصايا المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين بقرارات غير شعبية، وفعليا حدث ما حدث.
أسعار غير مسبوقة وفوضى في الاسواق، تارة تلقى المنتجات من الخضار في الشوارع وتارة يصعب شراؤها، في ارباك واضح لعمليات التصدير والبيع في السوق المحلي، وعشرات الانعكاسات السلبية على النقل والاتصالات واسعار المحروقات وإيجار المساكن، وأخرى.
وحتى لو تجاهلنا التناقضات المتكررة من قبل الرجل بما يتعلق بقانون الانتخاب، تارة مع الصوت الآخر ومرة ضده، وتجاوزنا الواقع الاجتماعي الذي تعيشه شريحة كبيرة من الناس، لا يمكن اغفال تراكمات تلك القرارات والتي لا تقرأها حكومة النسور أولا بأول بل تعتقد ان ما يمكن اجازته حتى لو كان تعديلات دستورية فهو صحيح.
اليوم تتقدم الحكومة بتعديلات دستورية جديدة سبقتها اخرى تمنح الملك صلاحيات إضافية، قد لا تتوافق ومضمون الدستور ذاته ونظام الحكم باعتباره «نيابيا ملكيا»، وسط جملة من التساؤلات عن تلك الاجتهادات، وهل طلبها الملك؟ وهل هي حاجة ملحة؟، بعد إقرار التعديلات السابقة بحجة حالة عدم الاستقرار والمخاوف الأمنية.
وفي عهده اتخذ القرار الأهم والأكثر خطورة وهو إغلاق مقار الإخوان المسلمين، في خطة أثارت الجدل الواسع، رغم أن الخطوة ما زالت غامضة واحتملت عشرات التأويلات، باستثناء أنها تأكيد على العودة عشرات السنين إلى الوراء بما يخص الحريات والحياة السياسية.
ما فعلته حكومة النسور لم تفعله حكومات أخرى، صحيح انها تشكلت في ظروف استثنائية وعاشت أحداثا طارئة، لكن العبرة في التعامل مع تلك الظروف بحكمة وإدارة، فجولة سريعة على البيانات المالية من الناحية الاقتصادية يتبين كم بلغ حال الغرق بالدين والفقر والبطالة، وجولة أخرى اجتماعية تدعو النسور فقط أن يستمع لما يقوله الناس، إنها أربع سنين عجاف.