صدر كتاب جديد للروائي محمد برهان بعنوان مذاق الخفة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع وهو من القطع المتوسط وقد زينت الغلاف لوحة الفنانة ريم يسوف وصمم غلافه المبدع نضال جمهور.

مذاق الخفة ليس مجرد كتاب يضاف إلى الكتب المتناثرة هنا وهناك، بل هو رؤية معجونة بالوجع لكل ما يعاني منه العربي والإنسان في بلاد أنهكها الغياب والقتل واغتيال الوجود الإنساني، ولا يترك برهان الأمر لصدفة الكتابة فمن الواضح أن المفردة لديه سلاح يتقن استخدامه جيدا للتعبير عن الأنا المفردة والأنا الجمعية وهمومهما المشتركة، ويعمل على إعادة خلقها بما يجعلها قادرة على تحفيز القارئ وتحقيق الصدمة.

لم يعمد برهان متقصداً لتجنيس الكتاب، فالإنسان هو الثيمة الرئيسة فيه ومحاولة النهوض من المعنى المتهدم على كل صعيد هو الجبل الذي يحاول برهان اختياره وجعله عنواناً لما يكتب مهما تعاظم الدم.

ثمة تداخل للأجناس الأدبية في الكتاب ربما اراد برهان من خلاله أن يقول" كل هذا الوجع والانهيار لا يمكن أن ييترك النص قادراً على التفرد برفاهية التجنيس" ولهذا عمد إلى عنونة المفاصل الأربع التي ضمها الكتاب ولم يعمد إلى التجنيس.

وقد ذيلت الغلاف الخلفي كلمة للشاعر جهاد أبو حشيش جاء فيها:

في هذه المذبَحةِ المديدةِ التي تُسمّى "عُمْراً":اُكتبْ، اُكتبْ، ثم اكتبْ..كي تَنجو!!

بهذا النصل الذي جعله محمد برهان مدخلاً لكائناته الحبرية في "مذاق الخفة" يخلخل سكوننا المتبلد ليقول: ثمة ما يحدث هنا أيها الحمقى ويستحق كل ما نملك من خفة المعنى لنمُرَّ!! ولا يستأذننا وهو يعجن ذائقتنا التي اعتادت ضجيج الأشياء، ثم يغرزنا في أرضه وكأنه يرى لا تجذرنا أو محاولات انفلاتنا حدَّ الإنكار، فيفرد شجرياته في الأرض لنقيم. ولأنه العارف والكاهن والسارد قبل ولوجه إلى معبد الشعر الذي تفرد فيه، فقد صنع لنا من قصصه ونصوصه ما يجعلنا قادرين على الرؤيا واختيار الطريق. وكأن برهان يشفق علينا من مذاق خِفّته مخافة أن تتقطع جذورنا في الثلث الأول من الكتاب، ويتحسب من عدم قدرتنا على احتمال الألم وفظاعة الصورة التي ترسمها نصوصه السردية في الثلث الثاني فيقيم شجرياته في الثلث الأخير وكأنه يقول: آن لكم أن تقيموا وإن كان دمع..

•ومن الجدير بالذكر أن محمد برهان روائي وكاتب سوري صدر له: - رواية عطار القلوب: عن دار فضاءات للنشر والتوزيع - عمان- 2014. - رواية كاهن الخطيئة: عن دار فضاءات للنشر والتوزيع - عمان - 2013. - نصوص ناقصة: شعر وقصة قصيرة عن دار البلد - دمشق - 2004. - صناعة الدراما التاريخية: دراسة أكاديمية في صناعة دراما التاريخ - جامعة دمشق 1997. - ترجم عملاه كاهن الخطيئة ونصوص ناقصة وصدرا باللغة الإنكليزية. - له مجموعة من المقالات والدراسات الثقافية نشرت في الصحافة العربية.