ليس بالضرورة ان يكون اعضاء الهيئة المستقلة من خبراء القانون والانتخاب، كما ليس بالضرورة ان يكونوا قضاة ومحامين حتى تستقيم العملية الانتخابية، ومزاج التعليقات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وانا من ضمنهم حفلت بكل اشكال الدعابة، لكنها لم تتطرق الى ما يدين الذوات اعضاء الهيئة لا في ذمتهم السياسية ولا في نزاهتهم الادائية خلال مسيرتهم المهنية وبالطبع فإن غلبة العنصر الطبي على التشكيلة فتحت الباب واسعا لممارسة خفة دم بدأت تتشكل معالمها في الحياة الاجتماعية الاردنية لكسر نمط انطباعي عن كشرة الاردني وتقطيب المساحة بين عينيه، وعلى الذوات اعضاء الهيئة من الاطباء احتمال هذا السلوك وهذه التعليقات فالذاكرة مع نزاهة الانتخابات مخدوشة سواء بالتدخل او بالسكوت عن المال الحرام .
الهيئة الجديدة تضم في جنباتها سياسيا ظهر خلال الربيع العربي من خلال تصريحات نارية واعني رئيسها قبل ان ينضم الى فريق الحكومة الاطول جلوسا في الدوار الرابع، ولم تتسامح القوى السياسية معه كثيرا فالرجل تورط في تصريحات من العيار الثقيل قبل مقعده الوزاري وثمة من يعتبره حراكيا منقلبا وقلة تفهمت ضرورة وجوده في الحكومة ليس من باب الاختراق العكسي ولكن من باب التنوع السياسي المحمود، ولعلها فرصة له ولمنظومته الفكرية ان تثبت ان ادارة الدولة لظهرها خلال وقت طويل لهذه المنظومة الفكرية ليس من الحكمة فالرجل من مدرسة سياسية قادرة على التفاعل والتعامل مع المكونات المجتمعية السياسية والفكرية التي تسهم في رفع نسبة المشاركة وقادرة ايضا على تعميق الاحباط، فالتيارات اليسارية من ابرز التيارات القادرة على فهم النبض الشعبي والوجدان الثقافي وذاقت الامرين من ويلات التزوير والتدخل والاعتقال وتتفهم تبعات ذلك جيدا وكل ذلك على افتراض حُسن النية بالرجل .
الشخصية الثانية هي شخصية النائب الاسبق نزيه عمارين المقرب من الناس كثيرا بخدماته الاجتماعية ومواقفه النيابية والسياسية المحمودة شعبيا وما زالت خصومته مع حكومة سابقة حاضرة في الذاكرة بتقدير، كذلك هو ممثل لمكون اردني حاضر في المجتمع بفعالية وتجويد للجغرافيا ومدخلاتها في الحياة السياسية الاردنية، فطالما لم تنضج الحالة الاردنية برغبة الاذعان للتمثيل السياسي فعلينا السعي الى تمثيل الجغرافيا، والحالة تنطبق على الدكتور الثالث زهير ابو فارس في الهيئة القادم من رحم النقابات المهنية التي تشهد انتخاباتها دوما نزاهة ولا ينكر احد دورها في الحياة السياسية خلال مرحلة الاحكام العرفية، حين كانت الملاذ الآمن لكل النشطاء السياسيين وللاحزاب الاردنية المحظورة في ذلك الوقت .
حضور المرأة في الهيئة ضرورة لتحفيز نصف المجتمع على المشاركة الفعالة والفاعلة دون ضغط العقل الذكوري على صوت المرأة وطبعا وجود القاضي الفاضل علامة مهمة للتركيبة غير المألوفة لكنها تركيبة لا تخلو من ذكاء ومن اشارة ايجابية على الصعيد الذاتي للاعضاء، وتبقى المسألة الاهم هي قدرتها على اصدار تعليمات تنفيذية صارمة في منع المال الحرام مع سهولة وصول الناخب الى الصناديق واحترام صوته، فكل الازمة السابقة تشكلت بفعل الاجراءات وليس بفعل القوانين والتعليمات وعلى الهيئة ان تتذكر ذلك جيدا، وان تتعامل بانها مشكوك فيها حتى تثبت العكس بملاحقة المال الحرام وكشف التدخلات، فالهيئات المستقلة السابقة عجزت عن ذلك على امل الثبات في تشكيلة الهيئة التي تغيرت ثلاث مرات في دورة انتخابية واحدة وهذا -ايضا- لا يمنح الناخب كثيرا من الطمأنينة .