اخبار البلد
بقلم: صابرين فرعون
يحمل الشعر الكردستاني في طياته مكاشفةً ثرية بالأمنيات والأحلام، لغة قُدت من جيد المفردات السهلة، لترسم صورةً بكل رمزيتها تدعونا للتأمل في فلسفتها وجذوة معانيها والأنات التي تفضي لها الموسيقى والأخيلة والسرد الذي يُطهى على لحن القومية وبحة الغارق في أيام الطفولة والحياة البسيطة المنذورة للنكبات..
خنافة أيوب، شاعرة تغزل من تجربتها كنزةً آمنة تدثر بها حرفاً يانع، تتحدى به وجع التراب، وتؤكد بقصائدها، التي تشبه الملحمة الشعرية في نظمها، أن الحرف سلاح لا يباع ولا يُشترى ولا يهادن على صوت الإنسان، ولا شيء غير الإنسان يحوي بذور هذه العاطفة الجياشة لتسدل سنابل مرجها ذهباً خالصاً يفيض أمنياتٍ بمراقصة النسيم وهو يلفح عودها ويعدها بحريةٍ وبعض السلام.
في قصائدها المُطولة الثلاث اللواتي يشكلن المجموعة الشعرية، "يا ليلى"، "لم نكن نملك بطاقات شخصية"، و"لو كان أبي هنا" تشتغل خنافة على الصور الحسية معتمدةً الألوان والطبيعة، حيث تُضمن أخيلتها تشخيصاً وتوصيفاً وتصويراً بصرياً يوازن ثقل اللغة وما تطرحه بأسلوبية طرحها، فاعتمدت السرد الشعري وبرغم كل الحزن الذي يعتصر روحها على وطنها "كردستان" إلا أنها حافظت على إيقاع التفاؤل والحميمية..
كما أن بنية القصيدة المطولة الواحدة عندها، خارج المألوف حيث أنها احتوت مقاطعاً من الومضات، كما في :اشتاقت الحديقة للثلج..فأحاطتها العشبة..ببستان قطن...
في نوروزها الأخير..ارتدت ألواناً جميلةً..ورقصت وسط النازحين...
في المدينة التي لستَ منها.. أنتَ لاشيء.. سوى رقمٍ يقطع الطريق السريع...
لغتها الشاردة من الغياب للحضور تأثراً بالشاعر محمود درويش، تشد لتفكيك ألغام الرمز في حقل الورد الذي لا ينفك يشير للعنوان، واختيارها له يكسر حاجز الغياب بأمنية تتحقق في إعمال دور العقل وإجهاض زخم الحرب والخراب..
حرف الشرط "لو" ترك فراغات كثيرة تملؤها الشاعرة جواباً للشرط "معنوياً"، فقد اختصر الأب معنى الكينونة والصيرورة في دوران عجلة الأمنيات "لو كان أبي هنا"..
تقول خنافة في هوية الإنسان، في خاتمة قصيدتها "لم نكن نملك بطاقات شخصية" :
في السجن أنتَ مع المطر
رغم أنف الحارس
والمِقبض والحديد
رغم أنف السجن كله
أنتَ
أنتَ مع المطر...
خنافة أيوب شاعرة كردية، حاصلة على الإجازة في اللغة العربية، صدر لها "لو كان أبي هنا" عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، وهي مجموعتها الشعرية البكر..