اخبار البلد-
خالد أبو الخير
يكثر السياسيون الذين يمرون في أيامنا، وقلة منهم يتركون بصمة أو بعض أثَر ؛ لدرجة انك تنسى، كم تنسى! إن تشابهوا أو تماهوا أو كانوا مجرد نسخ باهتة سرعان ما اختفوا دون مراسم أو حبق أو ظل تذكار.
ثلاثون عاماً من العمل في بلاط صاحبة الجلالة.. مر بي خلالها المئات منهم، لَمْ يَجْمُلْهُمْ تَسْلِيطُ الضوء عليهم، ولم يظهروا من الامكانات والقدرات ما هو لامع كبرق في ليلة شديدة الظلمة، وإن حاولوا..
وحين غادروا، تَعَيُّن أَنْ نَبْذُلَ جهداً لمحو الصدأ الذي تركوه..
بيد إن من السياسيين أو الذين تسلموا مناصباً شخصيات ما تزال الذاكرة تحفل بهم. وباقون حيثما ذكروا.
كيف يمكن قياس الغمام بمسطرة أو وصف المدى بمحبرة.. لاشك أن المهمة تبدو مستحيلة، حينما تقارب قاماتهم.. أو تحاول اقترابا.
حين تمر في غابات الحور، تسترعي انتباهك حتماً تلك الشجرة الباسقة.. عميقة الجذور، ثابتة القامة، مشرئبة الاغصان، ريانة.. تمنح الفيء بلا منّ، وتعطي دون حد، وتظل تلون هذا العالم بالاخضر البهيج والعلى...
واحد من السياسيين، واحدة من الشخصيات.. فقط، ما زال رهيف الحضور، شاسع الأفق، متجدد الرؤى..
اطلالته شاباً على أيامنا، بعث في اوصالنا الأمل والعنفوان، وما زال قيد الشباب، إذ عنّ للشباب أن يبقى حليفه، حضوراً وألقاً وجذلاً وجدلاً..
إن ملتُ اليه، فقد مالت قلوب، فهو حين يتحدث ينطق بما اختلج بين جوانحنا، عن الوطن والانسان.. والأمل وفلسطين ودمشق وبغداد. ويشفع حديثه بما طاب من بيان وبلاغة، تعكس ثقافته الغامرة وحسه العالي ومشاعره الجياشة.
رجل دولة من طراز لا يضاهى، واقتصادي مبدع، ومثقف كبير، ومصلح ما انفك يعالج الايام بالطيب والنصح والفكر.
سوف أضن بذكر اسمه، فبعض الاسماء تعرف بالتلميح لا بالذكر. وبعض الاسماء إن ذكرت، جن جنون عذال و.. اندثروا.
إن تواضع بَيَانَي فعذري عذر الريح، حِينَ تَهب مِنْ وَجْدٍ، بلا سبب.
فهل تذكر الذرى ما قالته الريح..؟