د. صفوت حدادين
تدور في هذه الأيام رحى انقسامات كبيرة بين أعضاء النادي الارثوذكسي في عمان نتيجة لقرار الهيئة الادارية بيع مقر النادي القابع في عبدون لأحد المستثمرين و شراء مقر بديل كان سبق و أن استخدم كمقر لنادي فشل و أُغلق سابقاً.
الهيئة الادارية للنادي على وشك عرض قرار الصفقة هذه على الهيئة العامة للنادي لنيل موافقتها قبيل المضي قدماً في تنفيذ عمليات البيع و الشراء.
خطورة الأمر تكمن في أن الموافقة على القرار الآن مناطة بهيئة عامة مكونة من ثلاثمائة عضو رغم أن عدد مشتركي النادي ينوف عن اثني عشر ألف عضو و هؤلاء الثلاثمائة عضو ليسوا أعضاء منتخبين من قبل مشتركي النادي بل يتم اختيارهم كأعضاء هيئة عامة بقرار من الهيئة الادارية العاملة و قد جرى العرف أن يتم اضافة ما يقارب عشرة أعضاء جدد كل سنة الى الهيئة المذكورة بلا معيار تمثيلي حقيقي بقدر ما هو توصية الهيئة الادارية العاملة و طالما طالت قرارات الاختيار انتقادات شديدة من المشتركين لعدم وجود آلية واضحة لها.
الهيئة العامة كانت على الدوام احدى ثغرات النظام الداخلي للنادي و ها هي اليوم صاحبة الكلمة الفصل باتخاذ قرار مصيري يتعلق بمستقبل بقاء مقر النادي في قلب عمّان الغربية بما يمثله المكان من أهمية و رمزية رياضية و اجتماعية و ثقافية.
قرار الهيئة الادارية المقرر عرضه خلال اسبوعين على الهيئة العامة تسبب بعاصفة جدل شديدة بين المشتركين احتدم فيها النقاش و تبادل الاتهامات عبر وسائل الاتصال الاجتماعي و المواقع الاخبارية.
الهيئة الادارية تسند قرارها إلى حسابات أرقام تتعلق بصفقة اقتصادية تراها أنها رابحة و أنه لا يجب على النادي أن يفوّتها.
وجهة النظر هذه التي لها مؤيدوها تلاقي مجابهة شرسة من الاصطفاف الآخر الممثل لشريحة هائلة من المشتركين و الذي يرى أن وجود النادي في قلب العاصمة كجزء من أجوائها الاجتماعية والثقافية و قربه من بيوت العمانيين يفوق ما يمكن أن يجنيه النادي من صفقة مادية قد تنتهي إلى خسارة استمرارية النادي نتيجة لابعاد مقره عن قلب عمّان و فقدان موقعه الاستراتيجي الحالي و خوض غمار عملية صفقة قد لا يغطي فرق الربح فيها تهيئة المقر البديل و صيانته.
الهيئة الادارية بدورها ترى في الانتقال و الصفقة فرصة لتوسيع النادي و تضخيم مساحاته الخدماتية الذي من شأنه أن يؤمن رفاهية أفضل لمرتاديه بينما المعارضون للقرار يرون فيه محاولة لقصر ارتياد النادي على الطبقة البرجوازية كون بعده عن قلب عمّان سيرتب كلفا اضافية على المشتركين قد ينوء كثير منهم عن حملها.
بعيداً عن التحيز لوجهة نظر دون أخرى، ما يجري يعد أمرا بالغ الخطورة و يمثل سابقة تاريخية يتم فيها اتخاذ قرار مصيري يخص ناد رياضي أردني بهذا الحجم دون استفتاء يضمن لكل عضو مشترك في النادي أن يدلو بدلوه.
كون الهيئة الادارية و الهيئة العامة المنبثقة عن الهيئات الادارية المتعاقبة لا يمثلا العموم يجعل حريٌّ بهما أن ينظما استفتاء عاما في النادي يشمل كل منتسبيه للتصويت على الصفقة و القرار المصيري هذا بحيث يحسم الجدل و ينتهي تبادل الاتهامات و تحكم رغبة العموم قرار المضي بتنفيذ عمليات البيع و الشراء من عدمه.
ترك الحسم لقرار من الهيئة العامة بحالتها الموصوفة اعلاه سيفاقم الازمة الموجودة و سيقود النادي إلى مزيد من الانقسام و لربما اكثر من ذلك.
هل نشهد مبادرة من الهيئة الادارية تدعو فيها لاستفتاء عام لمشتركي النادي على عمليات البيع و الشراء موضوع الانقسام؟ لعل ذلك سيكون قلب الحكمة!
اخيراً و ليس أخراً، المجلس الأعلى للشباب و هو مظلة الأندية الرياضية في الأردن تقع على عاتقه أيضاً مسؤولية ايجاد حلول للجدل الدائر كون قرار الهيئة الادارية للنادي تسبب بانقسام حاد قد يؤثر على مستقبل النادي و استمراريته.