المفاجأة في نتائج التعداد السكاني لم تكن في عدد اللاجئين السوريين فهي متوقعة وهي ليست كذلك في تعداد العمالة المصرية فهي قريبة من التوقعات أيضا , بل كانت في التراجع الكبير في أعداد العراقيين المقيمين في المملكة .
كشف الإحصاء الأخير أن هناك 130 ألف مواطن عراقي يعيشون على أرض المملكة منهم 120 ألفا في عمان وكنا نعتقد أن عددهم يقترب من نصف مليون .
على مدى السنوات الأربعة الماضية غادر عدد كبير من العراقيين أرض المملكة طوعا , فمنهم من حصل على إقامة في أوروبا وكندا وأستراليا ومنهم من فضل العيش في دبي ومنهم من يحرص بالتنقل بين عمان وعواصم أخرى لكنه لا يقيم بصفة دائمة في الأردن .
لماذا يركز كاتب هذه المقالة على العراقيين دون غيرهم في نتائج الإحصاء ؟, السبب في ذلك واضح , فلا شك أن العراقيين خلال إقامتهم في الأردن أحدثوا حركة إيجابية في الإقتصاد , فمنهم من إشترى عقارا ومنهم من أنشأ مصنعا وشركة ومنهم من إتخذ من عمان مقرا إقليميا لخدمة التجارة من وإلى بلده الأم , لكن غالبيتهم يتمتعون بملاءة مالية .
هل فقدنا العراقيين من الطبقات الميسورة ؟.
بالرغم من أعدادهم التي إنحسرت , فلا زال العراقيون الأكثر شراء للعقار , فالقناعة بأن الأردن آمنا للإستثمار بعيد المدى حتى لو قلبتهم الجغرافيا بين مدينة وأخرى ومن بلد لآخر , ودليل ذلك أن العراقيين في المرتبة الأولى في بيوعات الشهرين الأولين للعقار والأراضي لنحو (223)عقاراً باكثر من 19 مليون دينار ، بينما إختفى السوريون من القائمة , لكني على يقين أن إحصاء في دبي أو في أية مدينة أخرى سيكشف أنهم موجودون في مراتبها الأولى .
بقي في الأردن 130 ألف عراقي , مقابل 3ر1 لاجئ سوري و أكثر من 600 ألف عامل مصري .
كل هؤلاء مرحب بهم , لكن الفرق بين نتائج إقامة الجنسيات المذكورة سابقا , هو أن المصريين مثلا يحولون أكثر من نصف مليار دولار الى الخارج , بينما تستنزف إقامة السوريين نصف موازنة الدولة و مثلها من المساعدات وهم يبحثون عن عمل وتساعدهم الحكومة على ذلك على حساب المصريين وقبلهم الأردنيون , بينما لا يبحث العراقي عن فرصة عمل بل يوفرها وهو لا يكبد الخزينة أية مصاريف لأنه يدفع مقابل الخدمات ولا يرسل أبناءه الى المدارس الحكومية فيعلمهم على نفقته في المدارس الخاصة ولا يتلقى العلاج في المستشفيات الحكومية بل في المستشفيات الخاص’
المنافسة في سوق العمل لم تصبح قاصرة على الأردنيين وغيرهم بل هي اليوم بين السوريين والمصريين , وربما آن الأوان أن تفكر الحكومة في بذل مزيد من التسهيلات لرجال الأعمال العراقيين كي يساندوا نظراءهم الأردنيين في توفير فرص عمل . فشئنا أم أبينا , العراقيون يتمتعون بملاءة مالية يحتاجها الإقتصاد .
qadmaniisam@yahoo.com