اخبار البلد-
في يوم الأحد الماضي الموافق ٬ 2016 / 2 / 7 أطل علينا دولة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور مع بعض
وزرائه من خلال شاشة التلفزيون ٬ ليبشرنا بمخرجات مؤتمر لندن للمانحين ٬ والتي نعرف تفاصيلها من خلال وسائل
الإعلام ٬ دون حاجة لتفسيرها في مؤتمر صحفي .
أعتقد أن المخرجات التي عّول عليها المسئولون الأردنيون كثيرا ٬ لم تكن بمستوى الطموحات المأمولة .
إذ اقتصرت
على منحة بقيمة 700 مليون دولار سنويا ( 500 مليون دينار أردني ) تتكرر لمدة ثلاث سنوات ٬ ستخصص كما أعلن
لتحسين البنية التحتية في المناطق الأكثر تضررا ٬ وفي قطاعات التعليم ٬ والصحة ٬ والمياه ٬ وغيرها . وهذا مبلغ
ضئيل نسبة للعبء المالي والإداري الذي يتحمله الأردن ٬ في استضافة ما يزيد عن 1,5 مليون لاجئ سوري عدا عن
اللاجئين الآخرين .
يقول وزير التخطيط الذي شارك في المؤتمر الصحفي ٬ أن المجتمع الدولي تعهد بتقديم 1,9 مليار دولار ٬ لسد العجز
في الموازنة بمنح وقروض ميسرة ٬ في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها الحكومة ٬ في مفاوضاتها مع صندوق النقد
الدولي حاليا .
وتعهد المجتمع الدولي بتقديم مليار دولار لتدريس 90 ألف طالب سوري ٬ من خلال إنشاء مدارس
وغرف صفية لهم. ( علما بأن ما يزيد على 130 ألف طالب سوري التحقوا بالمدارس الأردنية هذا العام ) . كما أضاف
وزير التخطيط ٬ بأن الاتحاد الأوروبي تعهد بتبسيط قواعد المنشأ للصناعة الأردنية لدخول أوروبا لمدة 10 سنوات .
وهنا يبرز السؤال الهام : من يضمن تنفيذ هذه التعهدات بعد تجربتنا الفاشلة سابقا ٬ عندما تعهد المجتمع الدولي بتقديم المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء وتفسير الُمفّسر . . ! بقلم: موسى العدوان 2/9/2016 tالمساعدة المالية للأردن لمواجهة أزمة اللاجئين ٬ ولكنه لم يقدم إلا 30 % مما تعهد به ؟
يقول دولة الرئيس : " أن المساعدات التي حصل عليها الأردن من مؤتمر لندن ليست تسّولا أو منّة أو مكرمة ٬ وأن
وقفة الدول الغربية مع الأردن في مؤتمر لندن هي وقفة مع أنفسهم ".
وهذا الكلام الإنشائي الجميل لمخرجات مؤتمر
لندن ٬ يذكرني بإجابة أحد رعاة الأغنام المصريين في الأردن ٬ عندما سأله أحد المارة هل أنت راعى هذه الغنم ؟
فأجابه المصري : لا أنا لست راعي . . ولكني أفّسح المعيز .
والجواب الأخير لا يغير الحقيقة ولكن يضعها بأسلوب
لطيف .
وإذا رفض دولته اعتبار ما نحصل عليه من أموال تسولا أو منة أو مكرمة ٬ فالحقيقة الساطعة التي لا جدال
فيها ٬ هي أن هناك جهة تعطي وجهة تتلقى مهما غلّفها دولته بأثواب مزركشة وتسميات جميلة .
وإن كان الأردن يتحمل اللجوء السوري عن المجتمع الدولي ٬ فلماذا لم يقدم له هذا المجتمع منحة مجزية حسب حاجته
٬ أسوة بما جرى في اليونان عندما قدمت لها الاتحاد الأوروبي في أزمتها المالية قبل سنتين 120 مليار دولار ؟ وإن
كنا نتحمل اللجوء عن المجتمعات العربية ٬ فلماذا لا تقدم هذه المجتمعات للأردن كما قدمت لمصر الشقيقة قبل سنتين ٬
11 مليار دولار بين منح وودائع في جلسة واحدة ٬ وعلى مدى 3 سنوات ؟ وإن كان التقصير واضحا من مختلف
الأطراف ٬ فالحل الذي يطرح نفسه في هذه الظروف ٬ هو أن لا يتحمل الأردن كل هذا العبء ٬ وما عليه إلا أن يفتح
الحدود المجاورة ٬ لتنال كل دولة نصيبها من المهاجرين السوريين بإسم الإنسانية ٬ التي ليست حكرا على الأردن وحده
.
وعلى ضوء ما تفضل به الرئيس ٬ بأن الأردنيين سيلمسون نتائج مؤتمر لندن ٬ فليسمح لي دولته بأن أخالفه الرأي
وأكون متشائما ٬ وأذكر بأنهم لن يحصدوا من وراء هذا المؤتمر إلا الوعود النظرية .
إذ كيف يمكن لمثل هذه المبالغ
الزهيدة أن تعالج البنية التحتية للمناطق الأكثر ضررا ٬ وكيف يمكن أن تنهض بقطاعات التعليم ٬ والصحة ٬ والمياه ٬
وتؤسس لمشاريع استثمارية تنعكس على حياة المواطن ؟ إنه كلام يفتقر إلى الدقة ولا يتساوق مع الحقائق القائمة على
الأرض . وأما المنح والقروض التي تعهد بها المجتمع الدولي للأردن ٬ فلا أعتقد أن دولة تحترم نفسها تنتظر استجداء
المنح لتصرفها على شعبها ٬ ثم تغرق بقروض جديدة بعد أن تجاوزت ديونها ما نسبته 90 % من ناتجها المحلي ٬
وتواجه مصاعب مع صندوق النقد الدولي.
ومن جهة أخرى فقد ظهر خلال المؤتمر الصحفي ٬ تناقض واضح بين حديث دولة الرئيس وحديث وزير الداخلية .
حيث أعلن وزير الداخلية : " أن ليس هناك خلايا نائمة بين السوريين " وذلك بعكس ما أعلنه الرئيس عند زيارته لمخيم
اللاجئين السوريين في الأزرق خلال الأسبوع الماضي حيث قال : " القضية لم تعد قضية لجوء , فهناك عبء أمني
وتطرف وخلايا نائمة وتهريب للمخدرات والأشخاص " .
فأيهما نصدق دولة الرئيس أم معالي الوزير ؟
وهنا لابد من التساؤل مجددا في هذه الظروف الضاغطة : لماذا سمحت الدولة باستقبال هذا العدد الكبير من اللاجئين
السوريين ٬ الذي تجاوز ما نسبته 20 % من عدد سكان الأردن ودون تدقيق أمني ؟ وإن كانت النواحي الإنسانية هي
الدافع الحقيقي ٬ فإن الأمن الوطني لا يقّر هذا .
وإن كانت المواثيق الدولية تفرض ذلك ٬ فها نحن نرى الدول التي سنّت
تلك المواثيق ٬ وفي مقدمتها فنلندا والسويد ٬ هي أول من تنكر لها حفاظا على أمن مواطنيها ٬ وحماية لأمنها الوطني .
وفي الختام أقول رأيي بمنتهى الصراحة . . أن المؤتمر الصحفي لدولة الرئيس وطاقمه ٬ كان استعراضا تلفزيونيا ٬
وتسويقا لمخرجات مؤتمر لندن التي خيبت الآمال ٬ ومحاولة هزيلة لتفسير المفّسر