بقلم: صابرين فرعون
تجيء هذه الرواية للدكتور الصدّيق الحاج أحمد الزيواني، بعد روايته "مملكة الزيوان"، امتداداً لها من خلال تسليط الضوء على علاقة الشمال بالجنوب والهجرة الغير مشروعة للأفارقة ..
لماذا اختار الروائي الجزائري الزيواني "كاماراد" عنواناً؟ ما دلالاتها؟
كاماراد لغوياً اشتُقتْت من كلمة "كامارادا" من اللغات التي سادت شبه الجزيرة الأيبيرية"إسبانيا وجنوب فرنسا والبرتغال وغيرها"، وتعني المُرافق والمُصاحب..
وفي الرواية، كاماراد أُطلقت على طاما النيجر منطقة يأتي منها "مامادو"، أحد الشخصيات الرئيسية في تسيير الحدث كونه يلعب دور السارد للرحلة داخل الرواية نفسها، وهو ما كان ينشده المخرج الفرنسي "جاك بلوز" بحثاً عن تفاصيل تغني فيلمه وتؤصله حقيقةً عندما سافر بحثاً عن الكامارديين في نيامي، ليستشف منهم ما يحتاجه من معرفة أسباب الهجرة السرية لبلدان العالم الثالث والتي باتت قضيةً مهمة في أوربا لأنها تخل بالصورة الإنسانية التي تتضارب ومصالح الدول المستقبِلة للمهاجرين، فكان مامادو "محمد" العين التي يرى بها جاك المغامرات وسحر الشرق ..
هناك عبور للتاريخ والثقافة فيما نراه من تفاصيل، تتجاوز الحدود السياسية والجغرافية، يرسم الزيواني من خلالها عوالم الدهشةً في متنه السردي المكثف، فتلتقي شخصيتي مامادو وجاك في هدف الطموح والشُهرة، ويتقاطع هذا الهدف وواقع أن مامادو يجد في شمال القارة الأفريقية "الجزائر والمغرب" مكاناً للهرب من الفقر المدقع، وبالنسبة لجاك فإن حكايات الجنوب "القارة الأفريقية" ستقدم له الحكاية والسيناريو المناسب ..
اللغة تكمل الموضوع والفكرة، بما حملته من مستويات اللغة الريفية للفلاح، البسيطة المتأثرة بقصص الأنبياء "جوف الحوت" ص 7، ولغة الأكاديمي الباحث المُلم بعمله القائم على المعرفة التاريخية والثقافة العامة واللغة الأدبية "طبيعة الرحلة"، ولغة التعريب بمدولالاتها المعجمية كأسماء الماركات العالمية وأنواع السيارات أو اسم الفندق ..
تتميز كتابات الزيواني بمضامين جديدة منها ثقافة الصحراء، والتي يبتكر ويجدد في معانيها ودلالاتها، لا يناقش الزيواني في الرمز، وإنما أسلوبه يأتي مباشراً، واضحاً، وممنهجاً بخطوات علمية ونظرية تظهر في مساحات واسعة من السرد..
يجمع الروائي ما بين الواقع المُعاش "كاريزما شخصياته، الأمكنة الجغرافية التي تؤثث وتهيئ للموضوع، والتحقيق أو السبق البحثي" والمتخيل السردي من مغامرات تسلط الضوء على ثقافات متنوعة ..
د.الصدّيق حاج أحمد الزيواني، أستاذ لسانيات النص و فقه اللغة بجامعة أدرار. مهتم بالدراسات التاريخية الأنثربولوجية. صدر له : التاريخ الثقافي لإقليم توات ، الشيخ محمد بن بادي الكنتي حياته وآثاره، روايات "مملكة الزيوان"، "كاماراد رفيق الحيف والضياع"، كلا الروايتين عن دار فضاءات للنشر والتوزيع...