اصبح اختيار اسم الجمعية وتحديد مهامها اصعب بكثير من تأسيسها بسبب كثرة عددها وانتشارها، وصارت مسألة تشكيل جمعية غاية وهدفا للظهور والتظاهر وجني الاموال خاصة اذا كانت ممولة من منظمات دولية تغدق عليها باموال مخصصة لمثل هذه الاغراض في دول العالم الثالث النامية في مختلف انحاء العالم.
الجمعيات التي لا تعد ولا تحصى بحاجة ماسة الى عملية غربلة ليس على اساس النشاط الاعلامي وانما وفق اسس ومعايير تحددها حجم الخدمات والمساعدات التي يتلقاها المجتمع المحلي الذي تتواجد بين ظهرانيه تلك الجمعيات والتي تأسست اصلا لمساعدته في مختلف المجالات .
بعض منها يظهر في بعض وسائل الاعلام بعد الحاح كبير جدا لاظهار انشطتها وهي تقوم بتوزيع اربع حرامات ومدفأتين وطرد غذائي في احد الاحياء الفقيرة حتى تقنع الممولين بالسماح لها بالاستمرارية والحصول على الدعم المالي السنوي ،وبذلك اصبح تشكيل الجمعية «شغل من لا شغل له»، وطريقة العمل سهلة جدا تتمثل في جمع التبرعات من الشركات والمؤسسات والمصانع والبنوك والميسورين وغيرهم من قطاعات الشعب المختلفة وفاعلي الخير بحجة مساعدة الفقراء والمحتاجين، ولو جمعنا حجم التبرعات التي تصل للمعوزين الذين يستخدم اسمهم لجمع الاموال فانها لن تشكل واحدا بالمئة من مداخيل تلك الجمعيات المالية.
القوانين والتشريعات التي تقوم على اساسها الجمعيات بشكل عام تحتاج الى اعادة نظر وتجديد وتحديث ومراجعة لضبط هذه العملية التي بدأت تأخذ مناحي لا تخدم المجتمع الاردني والدولة الاردنية .
هناك جمعيات تتلقى تمويلا خارجيا وتحقق مكاسب مالية عالية وكبيرة وتتغلغل من خلالها منظمات دولية تابعة للدول الممولة في صفوف المجتمع وتطلع على ادق تفاصيل ومفاصل الحياة اليومية للمواطنين .
في المقابل توجد جمعيات تعمل بجد وتفيد في كثير من المجالات وتنجح في الحصول على مساعدات مختلفة علمية وفنية وطبية متخصصة تعود بالفائدة على القطاعات التي تنتمي اليها مثل جلب الخبرات الاجنبية المتقدمة وتعزيز ودعم قطاعات صحية وتعليمية وخدمية متنوعة تستفيد منها المجتمعات المحلية على امتداد مساحة الوطن وخاصة النائية منها ،بينما هناك جمعيات صنعت مليونيرية لم يقدموا للمجتمع شيئا يذكر.
استعراض سريع لمهام العديد من الجمعيات القائمة والعاملة يبين انها موجودة اسميا فقط ،وغائبة تماما عن الميدان ، والفعل الحقيقي ، كما ان هناك جمعيات تحمل اسماء كبيرة لكن نشاطها وعملها محدود جدا لا يتواءم ولا يتناسب مع الحجم الذي تحاول الظهور به علما بأنها تحصل على تمويل كبير جدا يقدر بالملايين.
المطلوب من الجهات المعنية وضع معايير حازمة لمراقبة ومتابعة عمل تلك الجمعيات بمختلف انواعها وشروط واسباب مقنعة للموافقة على تشكيلها وتأسيسها وفي مقدمتها نوع وحجم الخدمة التي ستقدمها ومن هي الفئات المستهدفة لتلقي تلك الخدمات.