بقلم: صابرين فرعون
عندما تقرأ شعر بشار النهار تجده يمد مائدة اللغة المطهوة بتؤدة على نارٍ هادئةٍ، يكتب قصائده بطلاقة، يحترف السجع ويمنح التوازن الموسيقي للكلمة بعاطفة الشوق والحنين ..
ينتقي النهار ألفاظه بعناية مؤسساً للخطاب الشعري الذي يميل بما يعتمل فكراً وشعوراً داخله لإنطاق اللغة.
كذلك يوظف الإيحاءات الشعرية في العملية الكتابية ليُنشئ خيط التواصل الروحي مع الملفوظ والمنطوق، ويجرد الرمز من غموضه بالتمثيل الدلالي، مؤكداً على شفافية اللغة الشعرية ونضج التجربة حقيقةً ومجازاً..
الانزياحات الشعرية في المجموعة تُحدث نبراً صاعدة وهابطة في الصور الغامضة توصل إحساسه بقوة، كما في "وعلى عشبٍ متعبٍ في ليلها..تركتني أنمو..على شغب اللؤلؤ في عفوها..وكلي شلل" ،"أغلقتُ الوداع من حولي عليَّ.. وكهف كفها بلا ماء الكلام والندى..وأنا نورسٌ من الغليان في الجفا..بدا..يعلم التمرد الحر..على البحار فيها وسما".. كما وظف الدلالة اللونية، مخضباً القلب بالعشق، كما في "هنا على الأسرار يحرق ماءها..وأنا مثل المتفحم بقصيدةٍ بلون عيونها..وهي سرٌ.. في اخضرار الماء حتى انطفأ..من مهر الظنون في الهوى"
المحاكاة والتشخيص والتجسيم والتخيل تقنيات اشتغل عليها الشاعر في صياغة الوحدة العضوية، كما في "ضفائر الضجة علقت البحر على لغات الجسد..وأنا قطرةٌ على روعة نزف الكلمات..أُتأتئ لفظ اسمها..الخارج من حلق العطر" ..
النسق الصوري والدلالي منسوجان لرسم امتدادات الذات اللواتي يقطعن العوالم التخييل ويكشفن دواخل الشاعر، فنرى من خلال السرد الشعري مسارات التشظي والانكسار ، كما في "تلك السطور في رسائلي بلا أحذيةٍ..تركت..تجمع أغصان الجمر في طبق الكتابة..والطعنة تشوي دماءنا.. وأنا أسكن في رفرفة الوهج وحيداً..."
سبعةٌ وستون نصاً تتشابه موضوعاً وفكرة بالعاطفة وتتنوع وتزهر من مفردات النص الواحد ورود حمراء تشقي القلب كما ترويه حباً وشوقاً..
بشار جميل فواز النهار روائي وشاعر أردني ، حاصل على دبلوم تمريض ، صدر له رواية "عقد زوال" ، ومجموعة شعرية "تشابهت القصائد حول قامتها" ، والعملان صادران عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، كما أنه يحضر لكتابة روايةٍ ثانيةٍ عن الأخطاء الطبية...