أخبارالبلد-
يحتفل العالم اليوم بالذكرى السابعة والستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان الذي أقرّته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول عام
1948، والذي يطلق عليه "اليوم العالمي لحقوق الإنسان".
تأتي هذه الذكرى في ظل أوضاع عالمية واقليمية شديدة التعقيد بسبب الأزمات
والنزاعات والحروب المستفحلة في أرجاء عديدة من العالم، خاصة جنوب غربي آسيا. من
البديهي القول بأن معظم، إن لم تكن جميع حقوق الإنسان تتعرض للانتهاك بسبب هذه
النزاعات والحروب. ويتجلّى ذلك بأوضح صورة في فلسطين حيث الحرب الإسرائيلية
الشاملة التي يشنّها حكام إسرائيل منذ عقود للقضاء على الشعب الفلسطيني ونهب
أراضيه، أمام سمع وبصر دولٍ كبرى تزعُم بأنها حريصة على السلام والعدل وحقوق
الإنسان، بينما لا يتورّع حكام بعضها من الوقوف بكل صلافة إلى جانب الإحتلال
والانتهاك اليومي لحقوق الفلسطينيين الذي طال كل شيء.
يقودنا هذا التنكّر الصارخ والمزمن لحقوق الإنسان في منطقتنا والعالم إلى
التطرق للموضوع الآخر الذي يشغل بال كثيرين هذه الأيام وهو "التطرف
والإرهاب". وإذا سلّمنا بأن جذور هذه الظواهر تكمن في الظلم والقهر وتردي
الأوضاع المعيشية وغياب الآفاق المستقبلية أمام الملايين، خاصة من الشباب، ومصادرة
حقوقهم وحرياتهم، فإنه من الضروري أن يعرف أولئك الذين يحاربون تلك الظواهر بأن
ممالئة وحماية الإحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، المدان عبر مئات قرارات
الأمم المتحدة، وإدارة الظهر للحقوق الإنسانية الأولية للشعب الفلسطيني وعلى مدى
عقود طويلة، والكيل بمكيالين هو أيضاً باعث أساس يستفز الملايين ويدفع
ببعضهم إلى ارتكاب أعمال همجية وتبنّي أفكار متطرفة، متدثرة بالدين، مدانة ـ
بطبيعة الحال ـ مهما كانت مبرراتها. آن الأوان لبعض الدول الكبرى التي تزعم
الحرص على حقوق الإنسان أن تدرك بأن تخليص الشعب الفلسطيني من الإحتلال الإسرائيلي
سيساهم إلى حدود بعيدة في الحد من موجات وقوى التطرف وأعمالها في منطقتنا والعالم.
أما على الصعيد المحلي، فبالرغم من التقدم المحرز والذي جاء تدفق اللاجئين
إلى بلادنا والصعوبات الإقتصادية المرافقة لكي يحدّان منه، إلاّ ان العديد من
الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة لا تزال مفتوحة، وآخرها الحريات
الصحفية والإعلامية والحق في الوصول إلى المعلومات، والتي تشهد تراجعاً خطيراً.
كما جاءت مؤخراً مناقشات لجنة مناهضة التعذيب للتقرير الحكومي الدوري الثالث في
جنيف لتعطي مؤشرات سلبية عن مدى الحرص الحكومي الفعلي، وليس الشكلي، في إغلاق
الملفات العالقة على صعيد حقوق الإنسان.
إن الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان إذ تقدّر الظروف الصعبة التي يعيشها
الوطن في ظل أوضاع ملتهبة تحيط به من كل جانب، فإنها تؤكد بأن مثل هذه الأوضاع ـ
خاصة في الجانب الأمني منها ـ يجب أن لا تشكّل مسوّغاً للتوقف عن المزيد من
الإنجاز على طريق الإعمال التام لحقوق الإنسان واحترامها في جميع الأحوال. أثبتت
التجارب القريبة والبعيدة بأن إحترام كرامة الإنسان وحرياته العامة وإعمال حقوقه
هو الأساس في توفير الأمن الحقيقي للدولة والمجتمع. تطالب الجمعية السلطات الرسمية
ـ بشكل محدد ـ ببذل المزيد من الجهود المكثّفة من أجل تحقيق المواءمة الضرورية بين
الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الدولة الأردنية من جهة،
والنظام القانوني الوطني من جهة أخرى.
تتقدم الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان بالتهنئة إلى جميع الشعوب والأمم،
وبخاصة إلى الشعب الأردني، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتدعو إلى مزيد
من الوحدة والعمل بين منظمات المجتمع المدني من أجل إنتصار قيم ومبادئ حقوق
الإنسان وعالميتها وشموليتها، والى مزيد من النضال ضد الإنتهاكات المرتكبة
للحقوق في كل مكان، وإلى مضاعفة الجهود من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان، خاصة بين
الأجيال الصاعدة.