روسيا وانتزاع الدور القيادي

روسيا وانتزاع الدور القيادي
أخبار البلد -  
جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل حدثا سنويا بارزا تستعرض فيها الدول انجازاتها وطموحاتها وسياساتها، غير ان الاهم من ذلك كله انها تمثل الانعكاس الواضح لتذبذبات السياسة الدولية وتحولاتها، فروسيا ومن خلال وزير خارجيتها «لافروف» حدد الملامح الجديدة لسياسة بلاده بتركيزه على مكافحة الارهاب تترافق مع رغبة جامحة في انتزاع القيادة الدولية في هذه الحرب الخرافية من يد الولايات المتحدة الامريكية، فأمريكا ارهقتها الحرب الاسطورية المسماة الحرب على الارهاب بكلفة تراوحت بين 4 الى 6 ترليونات دولار وهي كلفة عالية جدا، ما يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية لروسيا، والتي لا تمتلك موارد موازية للولايات المتحدة خصوصا وانها تحولت الى مجرد دولة ريعية تعتمد على النفط والغاز وتصدير السلاح والمفاعلات النووية.
الى جانب الرغبة الجامحة في انتزاع موقع القيادة في الحرب على الارهاب، برز في تصريحات لافروف الحديث عن العالم الثالث والدول الفقيرة وافريقيا معلنا نية روسيا شطب 20 مليار من ديونها للدول الفقيرة، ديون لم يحدد سببها، هل كانت لشراء منتجات وسلع وتكنولوجيا ومفاعلات نووية وقمح، ام انها لشراء الاسلحة.
الاعلان الروسي أعطى مؤشرا على رغبة روسيا بلعب دور مشابه لدور الاتحاد السوفيتي السابق تحت عنوان دعم الدول الفقيرة وتبني قضاياها، بل ترافقت الاستعدادات لخطاب بوتين مع تظاهرات داعمة للقيصر بوتين في نيويورك قام بها ما يمكن تسميته اليسار الامريكي المعارض لـ»وول ستريت»، في كل الاحوال برز الملف السوري والاوكراني كملفين مهمين بالنسبة لروسيا الاتحادية اثناء التحضيرات المترافقة لاجتماع قادة العالم بنيويورك، الا ان اغلب لقاءات بوتين المتلفزة في هذه الاثناء كشفت عن الصراع الامريكي الروسي في تعريف الارهاب والعدو الرئيس، فــبوتين يريد ان يشمل التعريف سائر قوى المعارضة السورية المسلحة وعلى راسها جيش الفتح في حين ان امريكا ما زالت تصب تركيزها على داعش.
السياسة الروسية تحمل في جوهرها نكهة سلفية او «اصولية جيوبوليتكية» متعلقة «باوراسيا» وقلب العالم المتخيل، والتي كانت محورا للصراع طوال القرنين الماضيين في اوروبا منذ عهد نابليون الى الحربين العالميتين الاولى والثانية ثم الحرب الباردة، فاوكرانيا والقوقاز خط الدفاع الرئيس عن روسيا ولا بد من نقل المعركة الى ساحات امنة اكثر، لتقترب من فضاء النفوذ الامريكي في المشرق العربي سوريا، العراق، فلسطين، والخليج العربي وهي مقاربة لا تبتعد كثيرا عن الهاجس الجيوبولتيكي الروسي التقليدي منذ عهد الامبراطور نابليون.
يباغتنا بعد هذه المقاربة تساؤل مهم حول الطموحات الروسية، هل تتناسب مع الموارد والامكانات التي تملكها روسيا الاتحادية مع طموحاتها واصوليتها الجيوبوليتيكية، ام انها مجرد محاولة لرفع الكلف على الولايات المتحدة وادخالها في سباق وهمي لاستنزاف القوة والقبول بتقاسم النفوذ، هل يقع ذلك ضمن محاولات روسيا انشاء نظام دولي متعدد الاقطاب خصوصا بعد تصريحات لافروف قبل شهر بانه ليس بالإمكان لدولة ان تقرر مصير العالم وحدها، وهل امريكا على استعداد لتقبل الهزيمة امام روسيا ام انها معنية ايضا في استنزاف روسيا في المنطقة التي تحولت الى مستنقع يصعب اعادة تجفيفه، فامريكا والغرب يحذر من ان التورط الروسي سيجذب المزيد من المقاتلين الى المنطقة وسيعقد المشهد ولعله يكشف محدودية وسقف الدور القيادي الروسي.
اذا اردنا التعمق اكثر في السياسة الروسية وتفاصيلها وما يدور حولها من جدل نجد هواجس مقلقة لروسيا تتحول الى فرص خطرة لصناعة سياستها الحالية من خلال حشد الرأي العام الروسي، ففي افتتاح مسجد موسكو الجامع ثار لغط حول تعداد المسلمين في روسيا، والذي قدر بـ25 مليونا، جدل مثير للاهتمام خصوصا المعلومة التي سربها مفتي روسيا من كواليس افتتاح المسجد لفضائية روسيا اليوم بقوله انه اخبر بوتين قبل القاء المفتي خطابه انه سيعلن ان عدد المسلمين 20 مليونا، مضيفا في مقابلته المتلفزة ان العدد الحقيقي قد يقع بين 23 الى 25 مليون مسلم، عاكسا بذلك تنامي قوة اليمين الروسي وفوبيا الاسلام في روسيا.
لا يتوقف الامر عند تعداد المسلمين فقد ترافق ذلك مع الاعلان عن وجود 2000 مقاتل روسي في صفوف داعش دون ذكر وجود عدد مماثل من الشيشان الخاضعة للنفوذ والادارة الروسية، حيث يقدر تعدادهم ايضا بـ2000 مقاتل، المعلومات المتدفقة حول المقاتلين الروس استعملت للتأكيد على اهمية الدور الروسي وحيويته في مكافحة الارهاب وضرورة ان تلعب دورا قياديا في هذا الملف، امر تم تتويجه لاحقا بإنشاء غرفة عمليات مشتركة في «بغداد» مع ايران والعراق والنظام السوري وروسيا يتم التناوب فيها على منصب القيادة كل ثلاثة اشهر.
اعلان تشكيل غرفة العمليات او ما يمكن تسميته حلف «وارسو الجديد» لمحاربة الارهاب «داعش»، يقابله تحالف عربي بريطاني امريكي اوروبي تركي لمكافحة الارهاب «داعش»، في حين ان فرنسا قررت ان تعلن الحرب وحدها ودون الاشتراك في الحلف ما يعيدنا الى الحرب الباردة في بعض تفاصيلها، حيث لم تشارك فرنسا في القيادة العسكرية المشتركة لحلف الناتو بقرار من الراحل ديغول للتأكيد على استقلال الدور الفرنسي.
صورة فيها قدر كبير من الفكاهة والكوميديا، فداعش تجتمع الارض من مشارقها ومغاربها لمحاربتها وكأنها كائن اسطوري خرافي او ديناصور»غودزيلا» خرج من اعماق المحيط نتيجة لطفرة جينية ناتجة عن تلوث اشعاعي، صورة مضحكة تذكر بسؤال احد الصحفيين لاوباما من تقصفون في سوريا لينفجر الرئيس الامريكي ضاحكا مؤكدا انهم لا يستهدفون المدنيين.
لقد باتت الحرب أشبه بالسعي وراء سراب، فلو اجتمعت كل هذه القوى على داعش او نصفها لانقرضت داعش في ايام معدودة، في المقابل فإن الحلف الروسي يضم دولا محدودة الامكانات وذات اقتصاديات مهتزة في حين ان الطرف المقابل يملك موارد هائلة جدا ما يعني اننا امام عملية عض على الاصابع من الممكن ان تقود الى تصعيد خطير في الاقليم.
تحالفات اقليمية بقياده دولية تتزاحم في اقليم عربي مضطرب وقلق ومنهك من كل هذه الحشود، وتتصارع على قيادة العالم لمواجهة الكائن الخرافي الديناصور «غودزيلا»، في سعي محموم لانقاذ البشرية والحضارة الانسانية، ما يثير الاهتمام ان كل هذا يجري في العالم وفي كواليس السياسة الاقليمية والدولية في وقت تغيب فيه الارادة السياسية لدول وشعوب المنطقة التي تقف مذهولة، فالكل يرى الديناصور وتعجز شعوب المنطقة عن رؤيته او تحديد ماهيته، فتركيزها ينصب على ازمتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتفاقمة منذ اكثر من ستين عاما وهو ما تعجز عن فك طلاسمه.
المشهد في رمته لم يكتمل ولن يكتمل فهو صورة مشوهة للحرب الباردة في احد فصولها، والرهانات لاعادة بناء التوازنات الدولية واتمام الصفقات الكونية العالمية تزداد صعوبة يوما بعد يوم، فالارهاب ما زال كائنا هلاميا لم يعرف بشكل دقيق يختلط فيه الربيع العربي بالتطرف الناجم عن ردود فعل الانظمة والقوى الاقليمية والدولية، فضلا عن التدهور الاقتصادي والثقافي والاجتماعي المترسخ في العالم العربي، فالعالم العربي اطلق ربيعه على خلفية الفشل الذي عانته الدولة القطرية، والصراع الدولي والاقليمي لم يعط الفرصة الكافية لهذا الربيع ليكتمل محولا العالم العربي الى ساحة للتنافس الدولي، لاعادة صياغة التوازنات الدولية والاقليمية على حساب استقرار المنطقة العربية ونمائها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، صراع لن يحسم بين ليلة وضحاها ويتطلب من العرب سياسة اكثر وعيا تفضي الى بناء مرجعية عربية وقوة اقليمية قادرة على تمثيل مصالحهم واعادة تعريف واقعهم.
 
شريط الأخبار سقوط شظية بطول مترين في السلط منفذا عملية يافا طعنا جنديًا واستوليا على سلاحه... وتضارب الأنباء حول عدد القتلى والجرحى إعادة فتح الأجواء الأردنية سقوط شظايا فوق سطح منزل في المفرق بيان صادر عن وزارة الداخلية الأمن العام يدعو المواطنين إلى الابتعاد عن أي جسم غريب والإبلاغ عنه القوات المسلحة تضع كافة التشكيلات والوحدات على أهبة الاستعداد... وتدعو المواطنين للبقاء في المنازل الجيش يدعو المواطنين إلى البقاء في منازلهم بعد إطلاق صواريخ من إيران نحو إسرائيل 200 صاروخ في نصف ساعة.. إيران تضرب إسرائيل والأخيرة تتوعد فيديو || الأردنيون يشاهدون من سماء المملكة صواريخ إيران التي هزت إسرائيل... أكثر من 200 صاورخ استهدفت قواعد عسكرية ومناطق حيوية فيديو || 8 وفايات وإصابات خطرة في عمليتيّ إطلاق نار بتل أبيب ويافا... وتحييد منفذيها “حزب الله” يقصف قاعدة عسكرية جوية في ضواحي تل أبيب- (فيديو) هآرتس: هكذا أخرس “ميكروفون الصفدي” كل الإسرائيليين وحكوماتهم من منصة الأمم المتحدة أسعار النفط قفزت بنحو 3 بالمئة بعد تقارير عن استعداد إيران لشن هجوم صاروخي على إسرائيل الحوثيون يحرقون ثلاث سفن أجنبية في ثلاثة بحار... وبيان تفصيلي حسان يفوض صلاحيات لـ 6 وزراء - تفاصيل تأهب في إسرائيل عقب توقع هجوم باليستي من إيران.. والبيت الأبيض يؤكد ويحذر ايران إعادة تشكيل محكمة أمن الدولة - أسماء الجمارك تدعو هؤلاء للامتحان التنافسي - أسماء ماجد غوشة: التوترات الإقليمية والحرب في لبنان وغزة تعمق أزمة العقار وتزيد من قلق المستثمرين