إضاءة على المجموعة القصصية "الخوف في منتصف حقل واسع"

إضاءة على المجموعة القصصية الخوف في منتصف حقل واسع
أخبار البلد -   اخبار البلد
 


بقلم :صابرين فرعون


للقصة القصيرة إيقاع سريع في تكثيف المعنى لفظاً ودلالة ، فتتجاوز المنطق ، ويتم تحليل البنية السردية لها من خلال عنصر التبئير ، وهي مشحونة بالرسائل كثيرة الرؤى ما بين الوضوح والإيحاء ..

يمُد مصطفى تاج الدين الموسى الولائم في تسعٍ وتسعين طبقاً أدبياً خفيفاً ، كلها تحمل خلطته السرية التي تؤكد حُسن الطهو التي أخذ يعدها بتروٍ ومتعة في صنعها ، ليقدمها في مطبخه - مجموعته القصصية - "الخوف في منتصف حقل واسع" ، بسرد سوريالي يحمل عقل القارئ على تجاوز الماديات والتحليق مع الإدراك الحسي والتلذذ بخفة هذه الأطباق التي مزج فيها الخيال والواقع لتوسيع مدارك الوعي وفك شيفرة رموز العقل الباطن والتحرر من دسامة الواقع في داخل اللاوعي الإنساني ، فها هو القاص يقص بانثيال دورة حياة قصصه التي هو جزء لا يتجزأ منها ...

على صعيد اللغة ،  إن التفاصيل الصغيرة التي قد لا نعيرها اهتماماً في الواقع ، هي فعلياً تراكمات تجعل من التيه والفراغ شكلاً روتينياً لدورة الحياة وتعمل على سلب الطموح في العيش ، تؤثر في المشاعر وتجعل الأحاسيس باردة وكأنها شحنات سالبة من الطاقة مكبوتة ومتراكمة داخل كرة نارية تتدحرج بسرعة غير منتظمة لأنها لا تتوقف عن تجميع هذه الطاقة بسبب التصادمات البشرية مما يؤدي لانحسارها في الكرة وكبر حجمها وبذلك يزيد معدل التدحرج في كل مرة تكبر فيها حتى تنفجر ، أما هنا فيقوم القاص بتفريغ هذه الكرة على مراحل لأن هذه الكرة هي الذاكرة الدائمة للبشرية ، فإن أطلق سراح الشحنات دفعةً واحدة فإنها ستخلف عطباً يمحو تفاصيل الزمان والمكان الواقعي بمشهديته المفترضة وسلب الكرة بداية الأحداث ونهايتها ووقف سيلان الفكر وتدفقه داخل الجسد المقيَّد بالشكل المادي ..

يثور الموسى على التقليدي ويسحبنا لجولات لا نهاية لها في عوالمه المخفية والتي ينسجها بحرفية عالية من الرمز حيناً كما في قصص "فشل" و"حبٌ بين المرضى" ، "الأشخاص الذين دفنتهم" و" عندما أكلت الأسماك الكبيرة بعضاً من الأسماك الصغيرة" ، والوضوح حيناً آخر في تصويره المشهدي المختزل للفكرة كما في قصة "الخوف في منتصف حقل واسع"، موازناً الشكل الخارجي للقصة القصيرة والأقصوصة والدلالة الجمالية ، كذلك يحقق تناغماً فنياً في بنائه لمزاج النص وتأثيره في القارئ ..

من أعمق هذه القصص والتي ترتكز على الحس الانفعالي العاطفي : "ليلةٌ باردةٌ للقهر المختبئ تحت السرير" ، "الأفعى والمدينة" ، "صفعةٌ لامرئية" ، "الموسوعة الكاملة للصفعات" ، "ديناصور في طفولة أحدهم" ، "فراشة" ، "الطفلة في هذا المساء الشتوي البارد" و "زعيم الحمقى"...

اعتمد الموسى السردية الحكائية من خلال النهايات الدراماتيكية بما حملته من عنصر المباغتة والمفاجأة كما في قصة "قائمة الوفيات" ، كما اعتمد أسلوب تناسل حكاية من حكاية أخرى كما في " المعطف" وهي تحاكي قصة لنيكولاي غوغول بنفس العنوان ، "سندريلا نحيلة" ، "الجميلة النائمة في عربة قطار" ،"أجمل أحذية ساندريلا" ،"الذئب وليلى" و"خريطة الكنز" .. وظف القاص الموسى أسلوب الأنسنة "التشخيص" كما في قصة "زجاجة عطر وكائنٌ حقير" ، "كركيزة للتصوير الأدبي والنهاية المفاجئة هي سمات كتابية تتواجد في جميع مجموعاته القصصية ..

إن المساحة اللامنطقية التي تشترك فيها الجمل والتي استخدم فيها التشبيه تحقق السوريالية لربط اللغة منطقياً بالفكرة وتعليلها بجملة السبب والنتيجة ، كما في قصص "فيلم بورنو للموتى" ، "نهاية لوحة"   و"أنا وإله المنتحرين والحياة جميلة"..
يوظف التخييل الأدبي والمفارقات والمقابلة والجناس من خلال ربط المضمون بالعنوان كما في قصص "العادة السرية للأفلام " ، "تفكك عائلي" ، "دورة شهرية" ...

قد يرى البعض أن عناوين القصص تتراوح ما بين بسيطة من مفردة أو لفظين مشتركين بصفة معينة أو عناوين طويلة ، ولكن للدقة في توضيح هذه العناوين فإنها متناسبة بشكل جذاب مع المحتوى ويجتهد بصقل هذا الترابط من خلال نهايات القصص التي تترك القارئ في دهشة أمام النص المحبوك بخيوط متينة متناسقة ، والنقطة الثانية أنه أعطى التفاصيل المادية الوصف التعبيري كما في قصص "لا شيء إلا القصص" ، "جثة في خزانة" و "اكتشاف علمي" التي عكست النظرة الرومانسية والحميمية مع أشيائه الشخصية ، في تأكيد أن الكاتب يستمد فكرته من تواصله مع الجمادات في محيط غرفته على سبيل المثال لرسم المشهد بما يشابه المونولوج ولكن صراع الذات يصير أشد قوة من خلال إنطاق باب الخزانة مثلاً لتخرج منه الجثة وتناوله ثيابه أو الصورة أو حتى العنصر اللوني للتعبير عن المكنون الداخلي من العوالم المُتخيَّلة التي يستنبط منها الوصف ..

مصطفى تاج الدين الموسى برأيي ليس قاصاً سورياً فقط ، بل هو يحذو نحو العالمية خلفاً لأنطون تشيخوف والذي ظهر تأثره به تصريحاُ في عبارات كما عبارة "مخلوقات تشيخوفية" في قصة "رحلة الانتحار تبدأ بغصن" ، والسرد عن تشيخوف في قصة "حبٌ بين المرضى" ، ويظهر توجهه الفكري والثقافي بأمثلة من الأدباء والفنانين العالميين أمثال "جان جاك غوادور ، صموئيل بيكت ، كافكا ، رياض الصالح الحسين ، فلليني ، كازانتزاكيس ..."

مصطفى تاج الدين الموسى قاص سوري ، خريج كلية الإعلام من جامعة دمشق ، ترجمت الكثير من قصصه للفرنسية والإنجليزية والإسبانية ، صدر له ثلاث مجموعات قصصية : "قبو رطب لثلاثة رسامين" ، "مزهرية من مجزرة" و"الخوف في منتصف حقل واسع" ...

شريط الأخبار بدون فواتير كهرباء.. منزل يعمل بالكامل بـ650 بطارية لابتوب مستعملة تناول الطعام ليلاً.. هكذا يضر بصحتك الأرصاد تكشف تفاصيل الحالة الجوية خلال الأسبوع المقبل وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 العثور على جثة شخص مفقود بمنطقة اللجون في الكرك كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي إعلان أمريكي مرتقب بشأن "الإخوان المسلمين" الأرصاد: طقس بارد نسبيا وتحذيرات من الضباب والصقيع خلال الأيام المقبلة الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ الأمن العام: خذوا تحذيراتنا على محمل الجد... الشموسة أداة قتل أجواء باردة في أغلب المناطق.. وتحذيرات من تدني مدى الرؤية الأفقية