عمان ـ صدر عن منشورات ضفاف في بيروت، ومنشورات مَجاز في عمّان، ومنشورات الاختلاف في الجزائر، رواية (سماء قريبة من بيتنا) للروائيّة السوريّة شهلا العُجيلي.
تحكي الرواية التي تقع في ثلاثمئة وخمسة وأربعين صفحة من الحجم المتوسّط، عن مصائر تراجيديّة لأفراد يعيشون في ظلّ تحوّلات كبرى سبّبتها الهيمنات الاستعماريّة منذ القرن التاسع عشر إلى اللّحظة الراهنة، عبر ملاحقة تاريخ العائلات التي تناسلوا منها، في سوريا وفلسطين والأردن وأوربة الشرقيّة وإفريقيا وفيتنام وأمريكا الجنوبيّة، وشرق آسيا.
حكاياتهم تفصح عن رغباتهم في الاستمرار في الحياة وإعلاء طابع المرح والسعادة، والتي تحاربها كلّ لحظة إرادات استعماريّة وديكتاتوريّة و دمويّة، تنتج الحرب والسرطان والموت. هانية ثابت، وجمان بدران، ويعقوب الشريف، ورشيد شهاب، ونبيلة علم الدين، وناصر العامري، يلتقون جميعاً في عمّان ليحكوا عن علاقاتهم ببيريكتش، وإبراهيمو، ويان، وكورين، وجون، والتي تمثّل العلاقات بين المستعمِر والمستعمَر، الممتدّة من كاليفورنيا إلى برلين، وبلغراد، ومومباسا، وهانوي، وحلب، والرقّة، ودمشق، واللدّ، وحيفا، ويافا، ويوركشاير، وكابول. تبدي تلك العلاقات خديعة المسافات، ومخاتلة الجغرافيا، من خلال تشابه أحزان البشر وعذاباتهم، وأحلامهم. (سماء قريبة من بيتنا) رواية مكتوبة برؤية ملحميّة، تطارد الفرح، والعشق، والرغبة في تاريخ من الخراب .
شهلا العجيلي: حاصلة على الدكتوراه في الأدب العربيّ الحديث والدراسات الثقافيّة، وهي أستاذة الأدب في الجامعة الأمريكيّة في مادبا في الأردن، ولها في الرواية (عين الهرّ) الفائزة بجائزة الدولة الأردنيّة في الآداب 2009، و(سجّاد عجميّ) 2012، ولها في القصّة مجموعة (المشربيّة)، ولها في النقد (مرآة الغريبة)، و(الخصوصيّة الثقافيّة في الرواية العربيّة)، وعدد من الأبحاث المحكّمة، وتكتب في العديد من الصحف العربيّة.
من الرواية:
« جاءني خاطر في تلك الجلسة أنّه كان عليّ أن أدرس الجغرافيا، لقد اكتشفت معه أنّني أحبّها حقّاً، وأنّها ربّما كانت شغفي المغيّب الذي لم ينتبه أحد إليه، حتّى أنا، وربّما لهذا السبب تخصّصت في مجال قريب من الجغرافيا البشريّة تحديداً، وهو الأنثروبولوجيا الثقافيّة. لو قام ناصر بتدريسي هذه المادّة في سنواتي المدرسيّة المبكّرة، لكنت أعددت معه خرائط بديلة لهذا العالم الرديء، ولو أنّ بابا اشترى لي تلك الكرة الأرضيّة التي رأيتها في واجهة مكتبة في شارع جان دارك في منطقة الحمراء ببيروت، لكنت ذهبت باتجاه الجغرافيا بلا شكّ، ولكتبنا أبحاثنا معاً، أنا وناصر، حول الفخاخ السياسيّة التي تصنعها التضاريس مثلاً.
كنت في الرابعة من عمري، ووقفت أشير إلى تلك الكرة وراء الزجاج، وقد غطّى الأزرق اللاّمع المخطّط بخطوط الذهب جلّ مساحتها، وأصرخ: الدنيا، الدنيا، أريد الدنيا… يسحبني بابا من يدي، ويقول: سنشتري «الدنيا» من الشام، من الشام!»