يعاني الائتلاف الوطني السوري المعارض، ومعه الحكومة المؤقتة من أزمة مالية خانقة بسبب انقطاع الدعم عنه منذ عدة أشهر ما أدى إلى تجميد العديد من المشاريع في الداخل السوري، وتسريح مئات الموظفين والمتعاونين مع الائتلاف والحكومة، إضافة إلى عدم دفع رواتب معظم العاملين خلال الشهرين الأخيرين.
وأخيراً قام وفدان من الائتلاف برئاسة الرئيس السابق هادي البحرة والحكومة برئاسة أحمد طعمة بزيارتين منفصلتين غير معلنتين إلى السعودية وقطر بغية الحصول على دعم مالي. وبينما أبلغت قطر الوفد الحكومي بأن تقديم الدعم مرهون باستكمال تشكيل الحكومة، وافقت السعودية على تقديم مساعدة إسعافية عاجلة للائتلاف، لكن مرض العاهل السعودي حال دون توقيع أمر الصرف للمبلغ المقرر منحه للائتلاف.
وقال مصدر في الائتلاف المعارض لـ"الخليج أونلاين"، إن الرئاسة الجديدة للائتلاف تواجه حالياً مشكلات مالية كبيرة، لكنه توقع أن يصل الدعم قريباً خاصة مع التوافق الذي حصل خلال الاجتماعات الأخيرة للائتلاف بين كتله المختلفة، والسيولة التي جرى فيها انتخاب رئاسة جديدة للائتلاف.
وأضاف المصدر بلهجة لا تخلو من السخرية: "إن توقف التمويل ربما يكون هو السبب الرئيسي الذي دفع أعضاء الائتلاف إلى التوافق خلافاً للمرات السابقة"، مشيراً إلى أن مسألة التمويل مرتبطة بتعطيل الحكومة، فعندما انتخبت حكومة أحمد طعمة أول مرة سددت دولة قطر 50 مليون يورو كدفعة أولى ووعدت بدفعة مماثلة بعد ستة أشهر، لكن حجب الثقة ومن ثم الخلاف حول أسماء الوزراء ومدى قانونية الانتخابات، عطلت الدفعة الثانية من قطر ومن دول أخرى.
وقدرت بعض المصادر كتلة الرواتب والأجور في الحكومة المؤقتة بنحو مليون دولار شهرياً، معظمها للعاملين في الداخل السوري، بينما تزيد نفقات الائتلاف عن 200 ألف دولار شهرياً منها 85 ألف دولار رواتب هيئة رئاسة الائتلاف وأعضاء الهيئة السياسية، حيث يتقاضى أعضاء الهيئة السياسية الـ24 راتباً مقداره ثلاثة آلاف دولار شهرياً لكل منهم.
وقال مصدر في الحكومة المؤقتة إنه جرى تجميد مشروعات في الداخل السوري كانت تديرها الحكومة المؤقتة لعدم وجود أموال، كما جرى تقليص النفقات وتسريح بعض الموظفين، مشيراً إلى أنه تم تسليم رواتب وأجور العاملين في الداخل السوري، من مجالس محلية ودفاع مدني ومديريات الصحة وغيرهم حتى نهاية عام 2014 لكن تم إبلاغ الموظفين أن العمل سيكون اعتباراً من مطلع العام تطوعياً إلى حين يصل التمويل للحكومة.
وكان الرئيس الجديد للائتلاف خالد خوجة صرح بأن من أولياته في المرحلة المقبلة العمل على استعادة مكانة الائتلاف وتعزيز دوره وروابطه مع الداخل، في محاولة كما يقول مراقبون للحد من تدهور مكانة الائتلاف لدى الداخل السوري وإقليمياً ودوليا، وهو تدهور ينعكس تلقائياً على مصادر التمويل، ويعني تقدم مكانة جهات أخرى في المعارضة مثل هيئة التنسيق على حساب الائتلاف.
ومن جهة أخرى، يرى هؤلاء أن هناك توجهاً دولياً تقوده تركيا وفرنسا وبعض دول الخليج، لتفعيل دور الحكومة المؤقتة وتجميد الائتلاف، وذلك في إطار احتمال فرض مناطق آمنة في الفترة المقبلة، تمكن الحكومة من نقل أجهزتها إلى الداخل السوري. ومن هنا جاء سعي الائتلاف لإعادة تفعيل دوره وتأكيد سيطرته على الحكومة المؤقتة من جهة، والعمل على نقل بعض أجهزة الائتلاف نفسه إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار في حلب وإدلب من جهة أخرى.