تبريد ملفات المنطقة واحدا بعد الآخر لا يمكن ان يكون منزوعا عن المحاور التي تشكلت في الفترة الاخيرة وظهرت بوضوح في العدوان على غزة، وهي بكل الاحوال ليست بعيدة عن الصفقة -غير المعلن عنها- الإيرانية الاميركية بمباركة السعودية، كما أشارت الى ذلك "العرب اليوم" قبل اسابيع.
الصفقة الجديدة تشمل الملفات الخطرة كلها، في العراق، تم ترتيب العملية السياسية بهدوء بمباركة اميركية وضمانة ايرانية، ورضا سعودي، فأطيح رأس نوري المالكي، والآن يمضي العراق الى اعادة ترتيب اوراقه.
في لبنان، جاءت عودة سعد الحريري لبيروت بضمانة من حزب الله، وبدعم مليار دولار سعودي، وسوف نشهد رئيسا جديدا للجمهورية اللبنانية، راضين عنه الاطراف جميعهم.
الغامض في الصفقة الاميركية الايرانية السعودية، الموضوع السوري، لان ايران لا تقبل ان يتم ترتيب الاوضاع في العراق من دون ترتيب الاوضاع في سورية، وعلى ما يبدو فإن الجديد هو مستقبل رأس بشار الاسد، وحشر ما تبقى من المعارضة في تسوية مع النظام بعد تمدد داعش الى حلب وادلب، والنصرة في درعا.
في الموضوع الفلسطيني، يظهر بوضوح ان الصفقة لم تحسم خياراتها، ولا يزال الصلف الاسرائيلي يتحكم في موازين القوى، ولا تزال لعبة التهدئة وساعاتها، تسيطر على الجانب السياسي، واعادة اعمار غزة واغاثة المنكوبين فيها على الجانب الانساني، مع أن الفرصة مواتية ازاء الفلسطينيين، بضمانة المقاومة الباسلة، وازاء المحور العربي الجديد، ان يتم رفع السقف في مواجهة الاسرائيليين لإنهاء الاحتلال أصل الداء الذي يزعزع استقرار المنطقة.
في الخلافات الخليجية، يبدو ان شهر الانذار السعودي الاماراتي لقطر بدأ يأخذ مداه، بحيث أمهل امير قطر القيادات الاخوانية شهرا واحدا لمغادرة الدوحة، وتسهيل سفرهم للدول التي تقبل منحهم حق اللجوء السياسي، وقد بدأوا الاستقرار في تركيا، كما سيتم غلق قناة "الجزيرة مباشر مصر" خلال شهرين.
تبقى القضية المصطنعة "داعش ومن على شاكلتهم"، فمثلما كانت مصطنعة لتخويف اطراف سياسية، وتغيير ملامح على الارض، سوف يتم توظيف انهاء هذه الظاهرة، على قاعدة اعادة ترتيب ملفات المنطقة، وهذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها توظيف مخلفات الاسلام السياسي كلها في صراعات ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.