كثيرة هي الاحداث التي باتت تلقي بظلالها على مجمل تفاصيل المشهد العربي اليوم. كل الاحداث قابلة لتفجير الخلافات، وقادرة ان تؤجج الصراعات. من سورية الى مصر والعراق ولبنان حتى مجلس التعاون الخليجي، كلها باتت معرضة لاستقبال انعكاسات اي ازمة قد تدور في الاقليم.
مؤخرا بات لمجلس التعاون الخليجي نصيب مباشر من هذه النتائج. تحركات شهدها المجلس في الايام الاخيرة تشير الى اقتراب وصول مسألة الخلاف الخليجي الى نقطة الحسم.
زيارة الامير تميم الى السعودية وجولة الامير مقرن بعدها لاطلاع اعضاء المجلس على فحوى الاجتماع، تبعه قبل ايام زيارة مهمة لولي عهد ابوظبي الى الرياض للحديث في شؤون الاقليم وافراد مساحة كبيرة لمناقشة مسألة الخلاف الخليجي.
مطلعون اكدوا ان هدف الاجتماع الاساسي هو تبني استراتيجية واضحة لحسم مسألة الخلاف ضمن سقف زمني محدد نظرا للمنحى التي بدأت الامور تأخذه مؤخرا وفقا لمراقبين خليجيين وخصوصا مع تكرار محاولات استثمار الاحداث وآخرها حرب غزة من قبل بعضهم لتصفية حسابات شخصية وتفعيل اجندات تحريضية.
القناعة المتولدة خليجيا تشير الى ضرورة حسم المسألة بطريقة صارمة والانتقال السريع لمرحلة فرض العقوبات.
اجتماع جدة الذي حضره الامير بندر بن سلطان والامير متعب بن عبدالله خلص الى ضرورة ايفاد الامير متعب ابن الملك الى الدوحة لنقل رسالة حاسمة تتعلق بضرورة التزام الدوحة بالشروط السعودية ضمن سقف زمني لا يتجاوز الشهر.
في المقابل تبرز تحديات جديدة على صعيد العلاقات الاقليمية وانعكاساتها الخليجية. فعلى سبيل المثال لا يمكن اعتبار هجوم اردوغان الاخير على السعودية والامارات و الاردن على انه انتقاد عابر، فهو وفقا لكثير من المراقبين دور تقوم به تركيا الاردوغانية تلبية لرغبات حلفائها غير القادرين على القيام بمثل هذا الدور المباشر.
من ناحية اخرى يبدو ان الحراك الاقليمي وما آلت اليه حرب غزة من عودة الجميع الى القاهرة بعد استنفاد المحاولات القطرية التركية أدى الى خلق حالة من التقارب لدى بعض الدول ضمن مناخات اقليمية جديدة قد تشكل تحولات حقيقية في المستقبل القريب.
الايرانيون أبدوا تفهما للوضع المصري وسجلوا بعض نقاط العتاب على القاهرة لكن في الوقت نفسه سعوا الى ان تكون ازمة غزة بداية للانتقال لمرحلة جديدة في العلاقة مع القاهرة.
مراقبون اعتبروا ان الموقف الايراني في التعامل مع ازمة غزة لم يخدم او يساهم في عودة المشروع التركي القطري الاخواني للواجهة مجددا، الامر الذي حول طهران الى هدف مباشر للانتقاد والاتهام كتهمة تمويل داعش التي ظهرت بصورة مفاجئة على صفحات موقع الجزيرة ضمن لقاء مع ما يسمى امير الرقة والميادين. باختصار، ان الصراع الحالي هو صراع بين منظومات سلطوية تسعى كل واحدة لاحتكار السلطة والشرعية لنفسها، لهذا فمن المتوقع استمرار الصراع الحالي وانتقاله في المرحلة القادمة ما بعد حــــــــرب غزة التي قــــــد ترتبــــــط بموضـــوع اعادة اعمار غزة، الامر الذي قد يقودنا مجــــــددا للاسف الى حالة من التنافس الاقليمي و المناكفات السياسية التي قد تفضي الى مزيد من التقسيمات والتحزبات، وتكريس ثقافة كيل الاتهامات والتخوين الخ. لكن لا بد للجميع ان يتذكر ان المطلوب اليــــــوم هو ايجاد رؤية مستقبلية قادرة على تجاوز حالات الانقسام والشرذمة الحالية وضرورة التفكير في ايجاد رؤى وطنية تعمل على رأب الصدع الناتج عن مخاضات التفتيت والرؤى الطائفية و الاثنية السائدة اليوم في المنطقة.