دعونا نعترف ان انتاجيتنا في رمضان تقلصت الى الربع ، فبدون مبالغة ترى الموظف في القطاع العام او القطاع الخاص يحضر الى الدوام الساعة العاشرة والنصف او الحادية عشرة،ليبدأ الدوام الفعلي بعد نصف ساعة من التململ والحديث عن افطار اليوم الماضي ، والنقاش حول افطار اليوم الحالي .
يبدأ بعدها باستقبال المراجعين وعينه على الساعة ، حتى اذا بدأت الساعة الواحدة بدأ بالتفكير بالمغادرة .
أما قصة الاجازات في رمضان فلها وضع آخر ، اذ يؤخر عدد كبير من الموظفين اجازاتهم السنوية ليحصلوا عليها في رمضان ، ويتراكم العمل على زملاء آخرين يضجون بالشكوى وغالبا ما يؤجلون العمل الى ما بعد العيد .
لو رجعنا الى الدولة الاسلامية التي بدأت من بطاح مكة المكرمة لعرفنا ان أهم الانجازات التي حققها المسلمون كانت في رمضان ، رغم قساوة الظروف المعيشية التي كان يعيشها المسلمون في بداية الدعوة الاسلامية .
هذا معناه العملي ان شهر رمضان مثله مثل اي شهر في العمل والانجاز ،بعيدا عن لغة الكسل والتثاؤب وتحميل العالمين جميلة بأنك صائم .
أكثر ما يكون العبد مطالبا به في وقت الصوم هو اتقان العمل الذي يقوم به ويتقاضى بدلا منه أجرا محددا .
أما لغة التعب من الصيام ، والنرفزة لعدم شرب القهوة والتدخين فيقابلها والله أعلم ذنوب لمن لم يقم بواجبه على أكمل وجه .
وبطبيعة الانسان فإن درجات التكاسل والمماطلة والتسويف والتأجيل متفاوتة بين موظف وآخر ، لكنك حين تدقق بالإنجاز في العمل فإنك بدون عناء ستجد ان هنالك انخفاضا في الانتاجية يصل الى الربع ، فضلا عن اجازات وغيابات عن الدوام تشكل نسبة لا بأس بها بين مختلف القطاعات الانتاجية .
نعم الصوم شهر العبادة ، لكن العمل أيضا عبادة ، ومتعة العبد في التقرب الى الله عز وجل هو انجاز المهام المطلوبة منه في كل مرحلة من مراحل حياته ، سواء اكان طالب علم ، او موظفا ، او صاحب عمل ، او عاملا ، او حتى وزيرا او نائبا ، او في أي وظيفة أخرى .
هنالك دول تعطل 75% من موظفيها بشكل متناوب ، وهي بذلك تقطع الطريق على كل متكاسل او متخاذل لا يريد ان يعمل ، فهل فكرت الحكومة الاردنية بهذا الامر .
مجرد تساؤل لعل المعنيين يجدون وسيلة للاستفادة من الموظف النشيط الذي يتبرع بالعمل في رمضان مقابل حوافز خاصة ، ويكون مسؤولا أمام الله سبحانه وتعالى وأمام نفسه وأمام مرؤوسيه بالقيام بالأعمال المطلوبة منه خير قيام .