فقدتَ كثيراً من ( الزينكو ) ..و في الشتاء لم يعد ( الوحل ) هو ما يميز شوارعك و ( زققك ) ..! ولم تعد حبّات المطر تعزف سيمفونية اللجوء أو النزوح أو لم يعد في موسيقاها متسع لطفل يشبهني ..يجوب المخيّم من أقصاه إلى أقصاه بحثاً عن وطنٍ يتجلّى في عيون المعذّبين بالتشريد ..!
كم أحبّك ..!! سكنتني ..بناسك و وحلك ومطعم وكالتك و سوقك الذي حين يزدحم كأنه الحشر ..!! وما زالت ( دكانة أبو فتحي ) بنظارته السميكة يغازل قلبي ولا يفارقه .. وما زالت مكتبة ( الأمل ) تضع جرائدها و مجلاتها على ( ستاندات ) روحي ..! وما زال طريق ( الحسبة ) يؤرجحني بين العودة سريعا للبيت و المكوث متسكعاً في الحواري ..!
كم أموت فيك ..!!
كنتُ أنتظر التسعة أشعر التي نقضيها في الغور / الكرامة ..أن تنقضي سريعاً و أسرع من ( سريعا ) ..كي أحضنك ثلاثة أشهر ..كي أذوب فيك ..كي أسحب من طينك و أضعه في صندوقي السري كاحتياط لفراقك عندما أعود لمدرستي و أغيب تسعة أشهر أخرى ..!
لا أعرف لماذا أكتب لك الآن ..؟ لكنني في المرات الأخيرة العابرة التي جئتك فيها بعد غيابات طويلة ..أحسستني كالغريب وسط معركة الذكريات ..حتى ( المُستنبت ) و الذي ظلّ شجره و قناته الضعيفة التي تفصلنا عنه لم يعد ذلك ( المستنبت ) ..بعد أن أكل ذكرياتي فيه الاسمنت و الاسفلت و مهندسو الأشغال ..!
أيها المخيّم ..ما زلتَ شامخاً فيّ ..فلماذا لا أكون شامخاً فيك ..؟!