يرى الدبلوماسي الاسبق الدكتور بسام العموش أن المساجد إحدى أدوات "السيادة" التي لا يجوز أن تولّى غير المواطنين، موضحا أنه رغم إيمانه بسوء الفكر الإقليمي إلا أنه يعتقد أن لا أحد أقدر من "ابن البلد" على إدارة شؤون مساجدها.
ولا يكفي للامام أن يكون دارسا للفقه أو الشريعة في الأردن حسب العموش الذي قال إن إمام مسجد من أية جنسية أخرى لن يكون قادرا على "إدارة شؤون المساجد" لجهله بالمكان والاشخاص وطبيعة العادات والتقاليد.
وجاء كلام العموش تعقيبا على قرار مجلس الوزراء الذي أيّد استقدام أئمة من مصر لسدّ حاجة المساجد، خصوصا في المناطق النائية، الأمر الذي أثار لغطا بين الإسلاميين في المملكة والحكومة.
وقال القيادي الإخواني حمزة منصور في رسالة وجهها لرئيس الوزراء، إنه "يخشى على البلاد من حمل الأئمة المصريين الانقسام الموجود في مصر ونقله إلى الأردن"، الأمر الذي ردّ في سياقه رئيس الوزراء برسالة دوبلوماسية رديفة تثمّن ولاء الاخوان للمملكة وخوفهم عليها، وتساءل عن شكل موقف الإخوان إن كان قرار الحكومة قد صدر أثناء حكم الاخوان المسلمين في مصر.
ورغم أن العموش استبعد السيناريو المذكور الذي تبادلت فيه الحكومة مع الاخوان الغمزات السياسية، إلا أنه فصّل عددا من الاسباب التي تدفعه لرفض استقدام المصريين "أو غيرهم" للعمل في مجال الإمامة، موضحا أن من بينها تجربة سابقة معهم كانت قد فشلت في السياق ذاته.
وأوضح أن التجربة السابقة أظهرت سلوكات غريبة عن المتعارف عليها في الأردن، مثل سؤال امام الجامع للمصلين تبرعات له، أو شعوره بالانعزال إثر "قلة معرفة" أهل الحي له وعدم تسيده لهم، إلى جانب تلقي بعض الائمة المصريين العلم عن مشايخ مثل "علي جمعة" الذي يعدّ غير مقبول في الاردن.
العموش لا يفصل السياسة عن السياق إذ قال إن الحكومات المختلفة تلجأ لاستقدام الأئمة حين تخشى خوض أئمتها المحليين في السياسة المحرمة، موضحا أن هذا النوع من المخاوف يجب معالجته بالقانون وليس باستقدام الأئمة من الخارج، الأمر الذي أكد أمين عام وزارة الأوقاف الدكتور محمد العودة أنه لم يحدث بعد.
العودة قال إن القرار لا يزال "حبرا على ورق" وانه لم يتم العمل به بعد، موضحا أن استقدام الأئمة المصريين لا يعدو كونه استقداما لـ"عمالة وافدة" لملء شواغر لم يملأها المواطنون بسبب ضعف ميل الشباب "الذكور" لدراسة الشريعة وبالتالي عدم وجود أئمة أكفياء.
وجود الاناث في كليات الشريعة بنسب تزيد على 80 % اتفق عليه العودة مع الدكتور العموش، الذي أكد بدوره أن التعامل مع القضية كان يتم بصورة خطأ، وأن "إغراء" الشباب بدراسة الشريعة يبدأ بتسهيل الالتحاق بكلياتها، وتحفيزهم لدخول تخصصاتها.
العودة أثنى على ما قاله العموش مشيرا إلى ان الوزارة بدأت "فعلا" بتوفير منح دراسية في كليات الشريعة للذكور، وفي طريقها لرفع الحوافز للعاملين في كل مؤسساتها، وايجاد "مغريات" أكثر لهم؛ مشددا على ان كل ذلك لن يؤتي أكله قبل عامين من اليوم، الأمر الذي يتطلب برأيه استقدام الأئمة.
السفير والوزير الاسبق الدكتور العموش عدّ اي استقدام للعاملين في المجال تعدّيا على حقوق أبناء الوطن، مطالبا الوزراة بتسهيل شروطها وزيادة حوافزها امام الراغبين في العمل كأئمة، حتى وان كانوا من مجال آخر، وتأهيلهم بدورات تدريبية حتى تتخرج الكفاءات التي بدأت الدراسة مؤخرا.
وزارة العمل ستقوم بإعلان في كل المحافظات لاستقطاب الراغبين في العمل كأئمة من المحافظات كافة، حسب أمين عام الوزارة الدكتور العودة الذي أشار في حديثه إلى "استعجال" الوزارة في العملية حتى "لا يأتي شهر رمضان على بعض قرانا وأحيائنا دون أئمة".