لا احد في الاردن يرضى ان تستمر الاحداث في معان على ما هي عليه، ولا احد لا يتمنى الخير والامان والطمأنينة للاهل في معان.
في الاعلام، نفرح عندما تصلنا اخبار عودة الهدوء الى مدينة معان، ونضع ايدينا على قلوبنا عندما تنطلق مسيرة او يحدث اطلاق رصاص.
معان البعيدة جغرافيًا عن العاصمة، قريبة الى قلب العاصمة وقلوب المدن الاردنية الاخرى، لها وحدها نكهة خاصة.
في معان كبقية المدن الاردنية الاخرى، مطالب وامنيات، وغياب للمشروعات الانتاجية، وفيها ايضا مطلوبون، كما فيها عشاق للكلمة والموقف، وبدايات التغيير.
في الاسبوع الماضي مرت لحظات حرجة في معان، والمدينة (اي مدينة) يسيل فيها دم (اي دم) تجد ابناءها يقفون على رؤوس اصابعهم، والغضب مستنفر في قلوبهم وعقولهم، واصابة مواطن او رَجُل امن تضع الجميع على اهبة الاستعداد لضبط الامور حتى لا تفلت من عِقالها.
في معان عُقّال كثيرون، وفيها ايضا من يستسهل حرق مؤسسة حكومية او فرع بنك، او باص نقل عام، وهذا لا يقدم شيئا لمطالب اهل معان في تحسين الاوضاع الاقتصادية، كما يؤثر سلبا في المتضامين والمتعاطفين مع اهالي المدينة.
وفيها ايضا تيار سلفي يهدد بالتدخل، لا لفرض القانون والاحتكام اليه، بل يحذر: إن شاركنا بالأحداث التي تشهدها مدينة معان فستكون مشاركتنا حربا يخسرها الأطراف جميعهم.
كما فيها تيارات اخرى ترفع اعلام تنظيم القاعدة، وداعش وجبهة النصرة، وفيها تيارات اخرى من كل لون وصنف.
نحتاج في معان الآن اكثر من اي وقت مضى الى تغليب لغة العقل، وان نحتكم جميعا الى القانون، فالمطلوب يبقى مطلوبا وغير متهم الى ان يقول القضاء كلمته فيه، والوساطة والجاهات للطبطبة على اي مطلوب هي محاولة لـ لَيِّ عنق القانون، ولا تعالج المشكلة. واستسهال استخدام القوة وتحريك القوات الامنية، لترويع المواطنين، لا تعالج المشكلة بل تعمل على تأزيمها اكثر، وايضا المبالغة في تقدير الموقف الامني، وامكانات التيارات الاخرى، والتقليل من اهميتها، لا تخدم احدا.
وعدم الالتفات الى مطالب الاهالي والفعاليات الشعبية، والتعنت في الرفض، وعدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والاستماع جيدا الى ملاحظات اهالي معان حول رؤساء السلطات التنفيذية في المحافظة والتدقيق فيها، تؤجج الاوضاع وتزيد الاحتقانات.
لننتبه جيدا الى ان «الجزيرة» القطرية ومنذ عدة ايام وضعت خبر معان ثانيًا بعد احداث سورية، تبعه فورا خبر اوكرانيا، وهذه الملاحظة برسم العُقّال في الدولة ومدينة معان.