رسالة .. إلى وزير التربية والتعليم

رسالة .. إلى وزير التربية والتعليم
أخبار البلد -  

أخبار البلد - ياسين الجيلاني

 
 
 

 

كثيرون الذين كتبوا بإخلاص ووعي عن مشكلات التربية والتعليم، إلزامياً كان أم ثانوياً أو حتى إدارياً، وكان الهدف وما يزال، صياغة المعادلة الكفؤة لمواجهات متطلبات المستقبل والاستجابة لتطلعات المجتمع.
اليوم... عديدة هي المؤشرات التي تضيء مشاعل درب، انفتاح وعي الوزير الدكتور محمد ذنيبات، عن النظرة التربوية الشمولية، التي تجعل من العملية التعليمية، موقفاً إيجابياً يستجيب لتطلعات القيادة، التي تستشرف آفاق المستقبل بإصرار... ولعل الوزير الذي يتمتع بالعقلانية والنزاهة، يدرك تماماً أن التربية العصرية، هي بناء لها مقومات حضارية ومواقف بشر، ويدرك أن «القيادة التربوية» هي صانعة التغيير أولاً وقبل كل شيء... وما كان حتى الآن، هو من إنجاز القيادة التي أمسكت بزمام الأمور حتى اللحظة، وهذا سبب كافٍ يدفع إلى إعادة النظر لعناصر هذه القيادة التربوية، ويبق تطوير التشريعات قضية جوهرية، شريطة أن تجد الكفاءة في وسائل التنفيذ.
وهكذا... فإننا نستشرف عهداً تربوياً منفتحاً، مدركاً لأهداف التربية والتعليم، وهذا يحفزنا كي نتطلع إلى مزيد من إرساء قواعد العدل والمنطق والمساواة بين العاملين، والبدء الفعلي في حوار وطني صريح، لبناء الشخصية التربوية الأردنية، التي كانت تربية فاعلة بكل مقوماتها الحضارية في زمن ما... هذه المقومات الأصلية هي التي ينبغي أن تدركها القيادة التربوية، وتعي بناءها من جديد... واستئصال أدران الماضي، من عبث ومماطلة في التنفيذ، وتعقيد الأمور بلا مسوغ!
فالبناء التربوي الحالي بحاجة إلى معالجة مفصلية، ليصبح جسمه التعليمي قادراً على الحراك، بفاعلية ونشاط، وبحاجة إلى قرارات جريئة من شأنها إحداث تغيير شامل في البنية التحتية، وفي هيكلها التنظيمي الشامل، وفي تصويب مساراته التربوية كافة، بدءاً من بعض القيادات الإدارية العليا، التي تفتقر إلى التجانس والخبرة، والكفاية الفنية والإدارية، وصولاً إلى كثير من المعلمين الذين يفتقرون التأهيل والتدريب، فالتأهيل التربوي والتجانس في مستوى القيادات كافة، من شأنه إضفاء الصبغة العلمية والتكنولوجية على العملية التربوية والتعليمية ونواتجها عامة.
وهذا البناء، حتى يحقق غايته، كما توجب التجربة والأدب التربوي المعروف، يستدعي «وقفة» مراجعة لعناصر أساسية ثلاثة هي: الإدارة التربوية... المناهج... والامتحانات. ولأن كلاً من هذه العناصر، تحتاج إلى مساحة أوسع مما هو متاح، فإني ألفت النظر إلى قضايا تربوية، ذات علاقة بأوضاع اجتماعية وإنسانية راهنة، تتمثل في تأهيل المعلمين وتدريبهم بالقدر الكافي قبل التعيين، التخلص من نظام الدراسة في الفترتين، عدم ازدواجية المعايير والتفرقة بين المدارس الحكومية والخاصة.
فالمنظومة التربوية بحلتها الحالية، بعيدة عن منهج الشفافية والواقعية، التي باتت مطلباً سياسياً واجتماعياً ملحاً لحل مشكلات التعليم، ليست في الصفوف الثلاثة الأولى، بل في صفوف المراحل الدراسية كافة، وفقاً لتطلعات وأماني قائد الوطن، وطموح الجيل المتعلم، لمواكبة النظم المتقدمة في مجال التعليم وتكنولوجيا المعلومات، وهذا يستدعي ليس «إعادة» نظر... ولكن «بناء» نظرة تجديدة شاملة.
هذا المعنى لن يتحقق إلا بالمؤسسية لإيجاد التوازن والتنظيم، الذي يضمن الإنجاز في العمل، على أساس من إدراك لدور التربية والتعليم في صياغة المستقبل، بشروط الابتعاد عن البيروقراطية التي عانت منها الوزارة طويلاً... وبهذا تصبح أكثر فاعلية، عقلانية، وحضارية، وتضع أقدامنا في مقدمة الدول المتميزة علمياً وتربوياً.
إن موازين التطوير والتحديث وبرامج الخطط التربوية المستقبلية، كثيراً ما تختل أو تخرج عن سياقها العام، وتدفن على أيدي العابثين والمنتفعين، فالإخلال بموازين القيم التربوية مقصود، لأن مصلحتهم تكمن في «الأنا والذات» دون الاهتمام «بالأنا العليا أو مصلحة الوطن... ففلاسفة العبث، وأهل النقاق، واصحاب المركزية، ودعاة التشكيك، قد قادوا سفينة التربية والتعليم، في بحر من الظلمات لإغراقها، كما يقفون عقبة كأداء أمام كل تطوير أو تجديد.
وبالسياق نفسه نذكر؛ خطط التطوير التربوي بمراحلها الثلاث، التي كانت بتوجيه سمو الأمير الحسن خلال المدة من عام 1986 – 1996 والتي جاءت بأسلوب علمي دقيق، وأسس تربوية مدروسة ومتخصصة، لم تستكمل جوانبها التربوية بالكامل، خاصة بناء المدارس وتجويد المناهج... أما التجربة الاسكتلندية في مجال التربية والتعليم، وتعميم ما يناسب بيئتنا الأردنية منها في الصفوف كافة وصولاً للثانوية العامة...هذه التجربة التي بدأت عام 1998، كانت تعتبر الأفضل والأرقى في نظام التربية والتعليم، بما فيها الولايات المتحدة الامريكية والعالم أجمع، لم يستفد منها، رغم ايفاد عشرات الموظفين لعدة أشهر ومعظمهم كان لا يجيد اللغة الإنجليزية!؟، وبتكاليف مالية باهظة...
أما التجارب التربوية الكندية المستمرة منذ عام (2000) وما زالت، والتي تعني بتطوير المدرسة والمديرية التي تنفذها، لم تأت إيجابيات العملية التعليمية فيها، بمستوى الطموحات التي جاءت من أجلها، رغم الملايين التي انفقت عليها، والجهد الذي بذل في سبيل تحسنها وتطويرها... تلك الخطط وهذه التجارب وغيرها. كثيراً ما تخرج عن أهدافها العامة، وغالباً ما يطبق فيها القشور دون اللباب، كلما جاء وزير تربية وذهب آخر؟!
أما التعليم الحالي فما زال يغلب عليه «الكم»، وهو تعليم لا يدافع عن القيم التربوية والإنسانية والاجتماعية، وإنما هو تعليم يخدر حواس الإنسان المتعلم، ويشل تفكيره العلمي... يبدد طاقات المؤسسة التربوية، في أمور لا تعود بالنفع التربوي، ولا يثرى ما يذكر في مدخلات ومخرجات العلمية التعليمية.
... وأرى؛ أن قضية «الكم والكيف» في التربية والتعليم، هي قضية تبلغ من التعقيد حداً، يستحيل معه إصدار حكم عام بشأنها، بعيداً عن المجتمع المحيط بها، إلا إذا قامت المؤسسة بتحديد دقيق للمجال التربوي الذي تريده، ومما يزيد الموقف تعقيداً، أن بعض المخططين التربويين، ما يزالون يفضلون العمل الأسهل. والالتصاق الدائم بالمنحى الكمي لسهولة منهجه، تاركين الكيف وشأنه، لتعدد أبعاده أو لصعوبة تحديده وقياسه، أو لقلة درايتهم العلمية والتربوية به! ومما يزيد الطين بلة، أن المؤسسة التربوية، كثيراً ما تصر على قياس قدرتها في العمل التربوي، بمقدار إنتاجها الكمي، وتشجيعها للمؤلفات والمناهج، إرضاءً للأطراف المتعددة الولاءات في التخطيط والتأليف، دون مراعاة المصلحة العليا للوطن!!.
فالأصل في المؤسسة التربوية، أن تضم نخبة مميزة من قادة الفكر التربوي، نخبة إستنارت فأرادت أن تنير، وعرفت ثم جعلت همها أن تنشر العلم والمعرفة والعدالة بموضوعية في الآخرين... فالمؤسسة ليست مجموعة مكدسة من الموظفين أو العاملين في أقسامها ومديرياتها فحسب، إنما هي تنظيم للسلطة الأساسية...، سلطة التشريع والتوجيه والضبط في الإدارة.
وأحسب أن أولى الصفات التي ينبغي أن تحرص عليها المؤسسة التربوية، هي سيادة القانون على الجميع، لا عن قسر وإرغام، بل على قياس الفعل بنتائجه، أعني بمقدار الفعل الذي ارتكب أو خالف بموجبه الأنظمة والتعليمات، فلا يضار مثلاً -معلم أو مدير، بسبب مواقفه النقدية الهادفة، لسياسة المؤسسة التربوية، أو لمناهجها أو لتركيبة نظام الامتحانات فيها، فالنقد والتقويم أسلوب ناجح للتشخيص والتحليل وتحديد شكل المعالجة المطلوبة... مثل هذه المواقف المتعسفة، يجعل المؤسسة التربوية غير قادرة على إعداد الأجيال وتنشئتها.
نعم... للمؤسسة التربوية قوانينها وتشريعاتها... لكن السؤال هو: هل القانون في المؤسسة معصوب العينين، بحيث لا يرى من ذا الذي تمسك به يداه، أو أنه قانون مبصر مكشوف الوجه، فلا يمسك به لأنه زيد، ويرى عمرو يخالفه، فينزل به العقاب، لأنه عمرو؟
والسؤال المطروح الآن: هل لدى وزارة التربية والتعليم كوادرها الإدارية وقياداتها التربوية، الكفاية والموهبة في نقل نتائج العلم وتقنياته، ونقل نتائج خطط التطوير والتجارب التربوية، بكل ما تعنيه هذه الكلمة؟، وبكل ما تدل عليه من تصورات جديدة، ومناهج قابلة للتنفيذ والتطبيق العملي دون النظري؟ وليس المقصود بالطبع فرعاً أو فروعاً بذاتها من العلوم البحتة، والعلوم الانسانية، وإنما المقصود المقررات الدراسية كافة.
وهنا؛ قد يطل علينا أحد قادة المؤسسة التربوية، قائلاً: أن لدى المؤسسة أعداداً كبيرة من الباحثين والمؤهلين والدرجات العليا، ممن يستفاد بهم... فنقول نعم لديها الكثير من تلك النخب، ولكنهم في نطاق بعيد عن إعداد المناهج وتطويرها مثلاً... فكم من العقول المبدعة هجرت المؤسسة التربوية، في ظل سياسة القمع والتضييق، التي يمارسها البعض في غياب المؤسسية... وربما استبعد بعض هؤلاء الباحثين والمتخصصين لأسباب شخصية، وهؤلاء يعملون حالياً، في مؤسسات عربية وأجنبية مرموقة، يبدعون ويتألقون هم محط اهتمام ورعاية مادية وعضوية مشجعة... علماً بأنه في جميع الظروف، وفي إطار ديمقراطية التعليم التي ندعو إليها، الأصل أن لا يقتصر التكليف للعمل في هذا الإطار، على أفراد قلائل، بحكم وظائفهم أو بحكم الزمن الوظيفي، لأن العمل التربوي الجيد، لم يعد يستند إلى الشطارة أو الفهلوة، أو التنظير أو الاحتكار، بل ينبغي أن ينبعث العمل الجيد، في إعداد المناهج أو الامتحانات وتطويرهما، من قاعدة واعية، منسقة وقابلة – على الدوام – للاتساع والتجديد دون التحديد أو التضييق أو الاستهداف.
وإنه وبغير جهود الباحثين المتميزين والدراسين المتعمقين، يصبح الحديث عن التطوير التربوي «كلاماً»، له رائحة الطعام الشهي، لكن ليس وراءه زاد، بل رائحة بلا طعم...
لا جدال، أن المؤسسة التربوية تقف في منعطف خطر، تعاني من «النقص» في الكفاية الإدارية، الإنتاجية، التنظيمية والفنية، وتعاني أكثر من التجاوزات من بعض القيادات التربوية العليا، مثل هذه التجاوزات معروفة للداني والقاصي في الميدان التربوي... إما أن تسعى لتطوير نظمها التعليمية كافة، بجهود الجميع وبما يمكن من بلورة فلسفتها التربوية، في صيغة واضحة المعالم، إدارةً، وتنظيماً، وطرقاً، أساليباً، تقنيات وآليات، وبشكل جذري وفاعل... وإما أن يظل مستقبل التعليم والأجيال بين الوجود والعدم، وهذا من شأنه القضاء التام على طموحاتنا الوطنية، إضافة إلى الإحباط وخيبة الأمل..
الأمل معقود على قيادتكم الواعية والشجاعة، المدركة لحقائق الأمور، المتسلحة بالعلم، المتميزة في الصدق والنزاهة، أن تعني بالتغيير، والتغيير لا يكون تبديلاً عشوائياً في الوظائف الدنيوية لمجرد التغيير، بل يجيء تشيداً لبناء جديد يقوم مقام البناء المتصدع حالياً.... نحن بانتظار ما سيحدث من تغيرات جذرية في العملية التربوية عامة، في المناهج ... في امتحان الثانوية العامة خاصة، بما يتماشى مع قيمنا العربية والاسلامية، وإن غداً لناظره قريب.

 
شريط الأخبار العثور على جثة شخص مفقود بمنطقة اللجون في الكرك كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي أعمال تعبيد في عمان بمساحة 500 ألف متر مربع وبكلفة 3 ملايين دينار إعلان أمريكي مرتقب بشأن "الإخوان المسلمين" الأرصاد: طقس بارد نسبيا وتحذيرات من الضباب والصقيع خلال الأيام المقبلة الأردن يرحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تأخير بدء امتحانات الطلبة في لواء البترا السبت الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة ولي العهد يبارك للمغرب بطولة كأس العرب ويشكر قطر على حسن التنظيم النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ الأمن العام: خذوا تحذيراتنا على محمل الجد... الشموسة أداة قتل أجواء باردة في أغلب المناطق.. وتحذيرات من تدني مدى الرؤية الأفقية