رسالة جلالة الملك إلى دولة الرئيس ... «محاولة في كيفية التطبيق»

رسالة جلالة الملك إلى دولة الرئيس ... «محاولة في كيفية التطبيق»
أخبار البلد -  
اخبار البلد - سمير حباشنه
 
 
 

 

أمس الأول أرسل جلالة الملك رسالة توجيهية الى دولة الرئيس والحكومة، يطلب بها وضع «خطه عشرية» للنهوض بالاقتصاد الوطني والارتقاء بمستوى المعيشة للمواطنين....
الحقيقه ان هذه الرسالة حملت أفكارا تنم عن معرفة بحال الاقتصاد ووضع المواطنين، وبينت السبل التي يجب أن تتبع وصولا الى الارتقاء بالاقتصاد من حالته الراهنة الى حالة أرقى، وانها تأتي في سياق منظومة فكرية اصلاحية حملها الملك منذ سنوات تتضمن مفاهيم للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
الذي يعرف الملك عبدالله ولو قليلا أو يتابع أحاديثه لا بد أن يستشف ان طموح الملك كبير، ويسعى الى أن ينتقل بالأردن ليصبح «السويد» بسرعة البرق. وتقديري أن السبب الرئيس الذي يقف عائقا بين الملك وبطء تحقيق أفكاره وترجمتها على الأرض هو أن الطواقم التي تسلمت المسؤولية اما انها لم تكن كفؤة او حملت أفكارا استنساخية من بلدان لا تشبهنا لا من حيث الواقع ولا مرحلة التطور أوانها لم تأخذ وقتها الكافي لرسم معالم طريق اصلاحي يصل الى ما يصبو اليه الملك والشعب الاردني.
في هذا الحديث أحاول أن ألقي الضوء على بعض مفاصل ما ورد في التوجيه الملكي انطلاقا من قناعات راسخه اعتقد بصوابيتها، تبلورت من خلال نقاشات طويلة في اطارات الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة ومن خلال تجربتي المتواضعة في مواقع المسؤولية المختلفة.

قطاع الطاقة
أشار جلالة الملك الى أزمة الطاقة وانقطاع الغاز المصري، وارتفاع فاتورة مشترياتنا من البترول ومشتقاته المختلفة ... واعتقادي أن هذه المعضلة المزمنة يمكن التعامل معها عبر تكريس جهود الدولة نحو الصخر الزيتي، فالدراسات تجمع أن احتياطي البلاد من الصخر الزيتي يصل الى 60 مليار طن وبنسبة تقطير 10% يعني ذلك ان لدينا 6 مليارات طن من النفط تكفينا مئات السنين ...!
اذا ليس لدينا أزمة بالمعنى الجوهري، وان المطلوب أن تتوجه ارادة وادارة الدولة وفعلها نحو استخراج النفط من الصخر الزيتي، مستدركا بأن الجهود المبذولة في هذا الشأن هي أقل من متواضعة، وأن على الدولة أن تبادر الى تأسيس شركة وطنية تسهم الحكومة وأذرعها المالية بنسب معقولة، وتطرح ما تبقى للاكتتاب الوطني... والعربي، حيث تأخذ هذه الشركة امتياز التنقيب بكامل مساحة المملكة وتستقدم الخبرات اللازمة، وبالتالي فان حل مشكلة الطاقة ممكن ان تنتهي خلال بضع سنوات بعد أن يبدأ هذا المشروع بالانتاج الاقتصادي.
انني هنا لا اخترع «العجلة» انما أحاول أن أتمثل تجارب سابقة للأردن باستخراج الفوسفات والمصفاة والبوتاس والتي بدأت على هذا النحو. حيث نعلم أن رأس المال الخاص لا يقدم على المشاريع الوطنية والتي تكون به دورة رأس المال بطيئة وبه بعض المخاطرة، فالمبادره يجب أن تأتي من الدولة والحكومة وأذرعها المالية والفنية ... وأكرر بأن اقتراحي هذا هو اشتقاق لتجربة أردنية سبق أن نجحت واعطت أُكلها.

ارتفاع الأسعار
أشار جلالة الملك في توجيهه الى الحكومة الى معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار... واعتقد أن على الحكومة واجبا كبيرا في ضبط الأسعار ليس من باب التدخل المباشر ولكن من باب خلق نوافذ تسويقية موازية للقطاع الخاص من شأن هذه النوافذ أن تبقي الأسعار في حدودها المعقولة، وعدم التلاعب من البعض بتوجيه أدوات السوق، حيث يحد هذا التلاعب من نزاهة تفاعل عوامل السوق فتنح و الأسعار منحى الارتفاع لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب المواطنين، ويكفي أن أضرب مثلا لأبرهن على ذلك ... فمنظمة الفاو تقول أن أسعار المواد الغذائية قد انخفضت في السوق العالمي عام 2013 بنسبة 5% ومع ذلك فان أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت في السوق الأردني بنسبة 7%، بمعنى أن عوامل السوق قد أُرغمت على رفع الأسعار بنسبة 12% بفعل فاعل حقق ارباحا غير مشروعة على حساب جيوب المواطنين.
اقترح هنا أن يتم تفعيل الأسواق الاستهلاكية للمؤسستين المدنية والعسكرية والمنتشرة في كافة ارجاء البلاد، عبر تحويل دعم المحروقات الذي تقول الحكومة بأنه يزيد عن مئتي مليون دينار لهذه المؤسسات، حيث ستوفر هذه المؤسسات سلعا مدعومة بحيث يتاح دخول هذه الأسواق للشرائح التي تتحصل على دعم المحروقات فقط، أي الشرائح المستهدفة بالدعم من قبل الحكومة، سواء كانوا مستخدمين في القطاع العام أو الخاص أو حاملي بطاقات المعونة الوطنية. ان من شأن ذلك أن يبقي الأسعار في اطاراتها المعقولة ويضمن نزاهة تفاعل عوامل السوق ويحد من ظاهرة التضخم ويحول دون الاحتكار الذي تحدث عنه جلالة الملك.

استقرار مؤسسات صنع القرار الاقتصادي
ان واحدة من أهم المعضلات التي تؤدي بنا الى عدم انجاز تطلعات الملك التي هي تطلعات المواطنين هي تلك التغيرات السريعة في مواقع صنع القرار الاقتصادي في البلاد، فعمر الحكومات يقل عن سنة، وكل حكومة تأتي تذهب الى تغيير القيادات الوسيطة في المواقع المختلفة مما يؤدي الى عدم استكمال برامج الحكومات فنبدأ من نقطة الصفر مع كل حكومة جديدة بسياسة جديدة يحول ذلك بيننا وبين تراكم الانجاز وبالتالي التخبط في سياسات تكون متناقضة في أغلب الأحيان.
ومن تجربه شخصية لي في وزارة الزراعة، كنت طرحت عدة مشاريع لتحسين واقع الزراعه والأمن الغذائي في المملكة، مثل مشروع لزراعة الأعلاف في البادية، ومشروع وطني لتقليم الغابات، ومشروع آخر لاصلاح الآبار الرومانية لتعزيز المخزون المائي، ومشروع لانشاء مختبرات قياس السمية في مناطق الانتاج وعلى الحدود، وآليات لمراقبة نوعية وأسعار مدخلات الانتاج المستورد، ومشاريع استصلاح في البادية على غرار مشاريع توطين البدو التي انجزها المرحوم وصفي التل، واستغلال المياه المتدفقه من البادية بالاضافة الى تعزيز مكانة شركة الأمن الغذائي والتي ذهبت في خبر كان ....! وكلها مشاريع تم رصد المخصصات المالية والفنية اللازمة لها. و اعتقد العديد من المسؤولين في قطاعات مختلفة قد مروا بتجارب مماثلة.
كل هذه الأفكار/المشاريع المقترحة ذهبت بفعل التغييرات المستمرة وبفعل عدم وجود آلية تسمح باستمرار المشاريع الحيوية في كافة قطاعات الدولة رغم تغيير الحكومات والمسؤولين ! انني أقترح هنا ضرورة تشكيل وحدة للمشاريع الاستراتيجية في رئاسة الوزراء، تكون مهمة هذه الوحدة عدم توقف المشاريع ذات الطبيعة الاستراتيجية عند تغيير الحكومات.

تنمية المحافظات
لا يكاد يخلو خطاب للملك من الحديث عن تنمية المحافظات... أن تنمية المحافظات والألوية لن تتم وفق نسق القرار المركزي الذي تتبعه الدولة، فتنمية المحافظات تتم فقط عبر اللامركزية التي نتحدث عنها منذ عقود، محاولة وصفي التل، محاولة عبد الحميد شرف، محاولة عبدالسلام المجالي، وآخرها محاولتي أبّان وجودي في وزارة الداخلية التي تمكنت من وضع القاعدة المعرفية والعلمية وتحديد الأنموذج الأمثل للحالة الأردنية في موضوع اللامركزية بعد دراسة تجارب دولية في هذا الخصوص، تجربة النمسا، تجربة فرنسا، تجربة مصر، تجربة ألمانيا واليابان، .. ترافقت ذلك بتشكيل فريق وطني مؤهل من داخل الوزارة وخارجها، وكانت الخلاصة ان تقدمنا بمشروع قانون لللامركزية الادارية كسبيل لتنمية المحافظات ونقل القرار الاقتصادي من المركز الى المحافظات، تضمن تشكيل الهيئات والأذرع اللازمة وبيان اختصاصاتها و علاقتها بالمركز، حيث نال هذا المشروع مباركة جلالة الملك ، وكنا على وشك البدء.. لكن انتهى الامر لاسباب كثيرة ..

التنافسية وجذب الاستثمار
لا يخلو خطاب ملكي من حديث عن جذب الاستثمار والتنافسية ومنع الاحتكار، ومع ذلك فانني قد استمعت لمصطلح من مستثمرين عرب يلخص حالة الاستثمار العربي والأجنبي في الأردن بوصفهم للأردن وعلاقته بالاستثمار بأنه « مثلث برمودا» الذي يلتهم الطائرات والسفن دون معرفة السبب!! وأود هنا أن أذكر تجربة لي ابّان وجودي في وزارة الداخلية حيث التقطنا توجيه جلالة الملك بضرورة توطين رأس المال العراقي في الأردن، حيث اتخذت اجراءات واسعة في هذا الشأن تُوجت باقتراح تشكيل شركه قابضة من المتمولين من الأشقاء العراقيين برأس مال مقترح يصل الى 600 مليون دينار وبقائمة مشاريع تصل الى أربع مليار دينار اردني لاقامة مشاريع انتاجية في كافة مناطق المملكة، لانتاج صناعات مختلفة لاحتياجات السوقين الاردني والعراقي، بل واقامت بنك عراقي أردني، يعمل في الاردن والعراق، حيث التقى جلالة الملك ولمرات عدة بهذه المجموعة وبارك خطواتها.
حيث ابتدأ العمل بدعم جلالة الملك وبتكليفه المباشر لي بأن أتابع خطوات هذه المجموعة وصولا الى ترجمة أفكارها الى حقائق على أرض الواقع .. وما أن غادرت الحكومة حتى ذهب هذا الجهد ولم تجد الفكرة آذانا صاغيه فماتت في مهدها، واعتقادي باننا قد أضعنا فرصة كبيرة بعد غزو العراق، ولم نتمكن من جذب رأس المال العراقي وتوطينه فرحل الى أقطار مجاورة وأجنبية .
واعتقادي أننا لا زلنا في حقل تشجيع الاستثمار نتحدث أكثر مما نعمل ،ولم تنجح الحكومات المتعاقبة باجتراح آليات مناسبة لجذب الاستثمار العربي والاجنبي بل واعتقد بأن تصنيفنا من الدول «الطارده للاستثمار» هو تصنيف به وجاهة.
على الحكومة أن تلتقط التوجيه الملكي وأن تضع آليات لجذب وحماية الاستثمار الأجنبي وتخليصه من علق الابتزاز والشراكات غير المشروعة التي يتعرض لها المستثمر الأجنبي في البلاد، بل ويمكن تكليف هيئة مكافحة الفساد بملاحقة المبتزين ومدعي النفوذ حتى يحس المستثمر العربي والأجنبي بالأمان، بالاضافه الى تخفيف الحلقات البيروقراطية التي تواجه الاستثمار وتحول دون التنافسية النظيفه.

اللاجئون
... الى متى ستبقى بلادنا تعاني من التبعات السلبية للجوء السوري والمتزايد يوما بعد يوم ؟ فالبنية التحتية تنوء بهذا الحمل، والأخوة السوريون ينافسون أبناءنا على الوظائف، ولدينا نقص في المياه وفي الكهرباء، ونقدم سلعا مدعومة، ومع أن الموضوع السوري هو موضوع اقليمي وعربي بامتياز، فلماذا لا يشارك العرب مشاركة فعالة بتحمل تبعات اللجوء السوري الى الأردن، علما بأن دولا أكبر من الاردن من حيث المساحة والاقتصاد توقفت عن استقبال اللاجئين السوريين !
ان على الدولة الاردنية أن تبدل من خطابها حول اللجوء السوري وان تتوقف عن طلب المعونات، وتحميل العبء للدول المعنية وبالذات تلك التي على تماس بالقضية السورية واستمرار الحرب بهذا البلد الشقيق.
وبعد، فان توجهات جلالة الملك السليمة وخطابه الفكري والاقتصادي والسياسي يحتاج الى وقفة تأمل تتشارك بها كافة القوى الحية في بلادنا، بحيث ينبثق عن وقفة التأمل تلك آليات ترجمة هذا الفكر الى حقائق على أرض الواقع، وان تتوقف مراكز صنع القرار الاقتصادي عن دورها الرتيب في تسيير الاعمال نحو مبادرات خلاقه عملية تسعى بالأردن نحو آفاق أكثر تقدما ونمو وتحقيق تطلعات المواطنين التي طالما انتظروها في حياة فضلى .
والله من وراء القصد

 
شريط الأخبار تأخير بدء امتحانات الطلبة في لواء البترا السبت الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة ولي العهد يبارك للمغرب بطولة كأس العرب ويشكر قطر على حسن التنظيم النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ الأمن العام: خذوا تحذيراتنا على محمل الجد... الشموسة أداة قتل أجواء باردة في أغلب المناطق.. وتحذيرات من تدني مدى الرؤية الأفقية البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب الملكة تشكر النشامى.. "أداء مميز طوال البطولة" الملك يشكر النشامى.. "رفعتوا راسنا" «لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام» وزير التربية: إرسال مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية لمجلس النواب الشهر المقبل المنتخب الوطني وصيفا في كأس العرب بعد مشوار تاريخي