شاركت بدراسة عن أعداد المتقاعدين المدنين والعسكرين والانفاق عليهم من المالية العامة في عام 1989, منذ عام 1970 – 1988 . وقد تبين أن اعداد المتقاعدينوالانفاق علهم في تزايد دائم ، فقد وصل عددهم عام 1988 الى ( 88741 ) متقاعدا والانفاق عليهم حوالي ( 240 ) مليون دينار .
جاءت الأزمة المالية عام1989 وما تلاها من تراجع الاحتياطات من العملات الصعبة التي أصبحت لا تغطي أكثر من اسبوعين من المستوردات , وارتفاع حجم الدين العام وعبئه وخاصة الدين العام الخارجي والذي تجاوز أكثر من 120 % من الناتج المحلي الاجمالي , مما أدى الى التذبذبات الحادة في سعر صرف الدينار الاردني مقابل العملات الصعبة وبالتالي تخفيض سعر صرف الدينار من (2.8) دولار لكل دينار الى (1.3 ) دولار وبنسبة انخفاض أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار .
كل ذلك , وغيرها من الأسباب , جعلت الحكومة أن تتبنى برنامج التصحيح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي عام 1990 , وعلى أن تقوم بالعديد من الاجراءات الانكماشية منها أن لا يتم التوظيف في القطاع العام الآعلى قانون الضمان الاجتماعي , ولكن الحكومة تأخرت في التطبيق لحين استكمال الاجراءات التشريعية , فبدأ التعيين الذي كان على نظام الخدمة المدنية ، عام 1995 , وبالنسبة الى العسكريين عام 2003 على قانون الضمان الاجتماعي . وأدى ذلك الى ارتفاع النفقات التقاعدية من النفقات العامة في الموازنة العامة , فقد بينت الأرقام بأنها في تزايد مستمر وأشبه ما تكون على شكل متوالية هندسية حتى بلغت نفقات تقاعد المدنين والعسكرين عام (2016) ( 1.22 ) مليار دينار و بنسبة حوالي ( 20% ) من النفقات العامة .كما جاء في الدرسة المحدثة التي اعدتها جمعية المتقاعدين المدنين عام 2017 .
ومن خلال متابعة الأرقام الفعلية الى اجمالي النفقات التقاعدية الرسمية في المملكة ( التقاعد المدني والعسكري وعلى الضمان الاجتماعي ) فقد بلغت (3.2 ) مليار دينار عام 2023 منها ( 1.7 ) مليار دينار نفقات التقاعد المدني والعسكري و ( 1.5 ) مليار دينار نفقات تقاعد الضمان الاجتماعي , وبلغ اجمالي اعداد المتقاعدين ( 694 ) الف متقاعد منهم ( 392 ) الف متقاعد مدني وعسكري و ( 302 ) ألف متقاعد على الضمان الاجتماعي لعام 2023 وعليه فقد ارتفع الانفاق التقاعدي من حوالي ( 280) مليون دينار عام 1990 الى حوالي ( 3.2) مليار دينار عام 2023 وبمعدل نسبة نموسنويا حوالي ( 34 % ) وأيضا ارتفع اعداد المتقاعدين من حوالي ( 120 ) الف عام 1990 الى ( 694 ) عام 2023 وبمعدل نسبة نمو سنويا (17.5% )
ولدى مقارنة الانفاق التقاعدي في الاردن مع بعض البلدان المتقدمة والناشئة والنامية ، حيث يختلف الانفاق التقاعدي في دول العالم بناء على حجم الاقتصاد , التركيبة السكانية ومستوى التنمية. فقد بلغ الانفاق التقاعدي في الاردن حوالي (18%) من الانفاق العام وحوالي ( 7% ) من الناتج المحلي الاجمالي لعام2023, وبعض الدول المتقدمة مثل فرنسا , ألمانيا , اليابان نسبة الانفاق التقاعدي فيها من الانفاق العام من (30-25 % ) ومن الناتج المحلي الاجمالي (%15-10 ) هذه الدول لديها نظم تقاعدية قوية وتواجه تحديات بسبب الشخوخة , ومع بعض الدول الناشئة مثل البرازيل , تركيا , والمكسيك , نسبة الانفاق التقاعدي فيها من الانفاق العام (%20-12 ) ومن الناتج (% 8-4 ) ومع الدول النامية ومنها, مصر, اندونيسيا نسبة الانفاق من الانفاق العام (% 12-5 ) ومن الناتج ( % 5-2 ).
يقع الاردن في الوسط بين الدول الناشئة والنامية من حيث الانفاق على التقاعد وبمقارنته مع الدول المتقدمة الاردن ينفق نسبة أقل كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي , لكن نسبة الانفاق التقاعدي من الانفاق العام مرتفع بسبب التزامات التقاعد المدني والعسكري , لذا هنالك تحديات في الاردن بسبب الضغوط المالية وزيادة عدد المتقاعدين مقارنة بالمشتركين النشطين وهو تحدي مشابه لما تواجهه الدول الناشئة .
أن للتقاعد تأثيرات على, الانتاجية , فنقص العمالة الماهرة عند تقاعد عدد كبير من ذوي الخبرة تواجهه المؤسسات والشركات صعوبات في تعويضهم ، مما يؤدي الى انخفاض الانتاجية وغيابهم يؤدي الى بطىء الابتكار والتطوير وحل المشكلات والمهارات المطلوبة .
وله تأثير ايضاً على النظام الاجتماعي , من زيادة الطلب على الرعاية الصحية والخدمات الترفيهية لكبار السن , والاعتماد على الدعم العائلي في بعض المجتمعات , والتأثير النفسي والاجتماعي وقد يواجه بعض المتقاعدين الشعور بالعزلة أو فقدان الهوية مما قد يؤثر على صحتهم النفسية والاجتماعية .
وخلاصة القول ، التقاعد جزء طبيعي من دورة الحياة الاقتصادية لكنه يتطلب تخطيطا جيد لضمان استدامة صناديق التقاعد وتعزيز سياسات تعويض العمالة , ودعم التكيف الاجتماعي لكبار السن .
وفي نفس الوقت هنالك العديد من الحلول لتخفيض الانفاق واعداد المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم وكما يلي : -
1 – ترشيد الانفاق على الرواتب والمزايا من خلال :
-اعادة هيكلة أنظمة التقاعد ومراجعة الامتيازات لضمان عدالة توزيع الموارد .
-تقديم دعم موجه بناء على الاحتياجات الفعلية بدلا من الدعم العشوائي .
-تشجيع التقاعد التدريجي السماح الى الموظف بخفض ساعات العمل تدريجبا بدلا من التقاعد الكامل مما يقلل الضغط على صناديق التقاعد .
2 – الاستفادة من خبرات المتقاعدين من خلال :
-تأسيس برامج استشارية توظف المتقاعدين كخبراء ومستشارين في مجالاتهم لدعم القطاعات المختلفة .
3- تشجيع العمل الجزئي والتطوعي من خلال :
-اتاحة فرص العمل المرن والسماح لهم بعمل جزئي في القطاعات التي تحتاج لهم .
-التطوعي وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الإنتاجية والخدمية لكي يساهموا في العمليات الإنتاجية ومستثمرين فيها بدلاً من ان يكونوا مستهلكين في الإقتصاد الوطني.
4-انشاء منصات الكترونية للتواصل , تربط المتقاعدين بالمؤسسات التى تحتاج الى خبراتهم
-وفي هذا المجال وبناءً على مبادرة جمعية المتقاعدين المدنيين بكتابها رقم ج م م /رئاسة الوزراء / 1/2025 تاريخ 3/3/2025، الموجه الى دولة رئيس الوزراء بإطلاقالمنصة الألكترونية ، بالتعاون مع مؤسسة الضمان الإجتماعي ،بحصركفاءات المتقاعدين المدنيين للإستفادة من الخبرات لدى المتقاعدين المدنيين في داخل الأردن وخارجه لما يخدم ويعزز علاقات الأردن بالدول العربية والصديقة ، فقد تجاوب دولته مشكراً بهذا الشأن بالموافقة والإيعاز الى الجهات المعنية الإسراع في إطلاقها ، وقد تم استكمال كافة الإجراءات من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية والمتوقع إطلاقها في القريب العاجل ، وذلك اسوة بتجربة البلدان المتقدمة بهذا المجال التي تقدم المساعدات الفنية لدول العالم الثالث من خلال الإستفادة من خبرة المتقاعدين لديهم وذلك من اجل تعزيز العلاقات السياسية والإقتصادية بين دولهم والدول الأخرى المتلقية للمساعدات الفنية التي يقدمها الخبراء المتقاعدين في الدول المتقدمة لتلك الدول النامية وغيرها .
-ونظراً لما يمتاز به متقاعدي الأردن من خبرات ومهارات ومعرفة فنية وعملية وعلمية عالية ومتقدمة في شتى المجالات الإقتصادية والإدارية والمالية والتكنولوجية ، فإنه بإمكان الأردن ان يقدمها كمساعدات فنية للدول العربية ودول العالم الثالث وخصوصا في قارتي آسيا وافريقيا مما يعزز ويقوي من علاقة الأردن السياسية والإقتصادية بهذه الدول ويعود بالنفع على الإقتصاد الأردني.