أثارت مشاهد افتتاح مول تجاري في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، على وقع الموسيقى والأغاني، وبمشاركة رسمية من قبل بعض قيادات السلطة ومحافظة مدينة رام الله ليلى غنام، حالة من الاستياء بين أوساط الكثير من النشطاء والمتابعين لتزامنها مع حرب الإبادة المستمرة من قِبل الاحتلال في قطاع غزة وحرب التضييق والتهجير في الضفة وبالتحديد في شمالها.
وعدّ المتابعون والنشطاء هذه المشاهد، انسلاخا عن القيم الوطنية، وموتا للروح الإنسانية، وتعايشا مع حالة الذل والهوان التي فرضتها قوات الاحتلال، وانسياقا وراء خطط رامية لسلخ المواطن الفلسطيني عن همومه، وامعانا في تدمير النسيج الاجتماعي والوطني الفلسطيني.
وأشار الناشط الأستاذ لأستاذ أحمد الزعتري في تدوينة له بعنوان: الضفة الغربية ومشاريع الخذلان الى ان حرب الإبادة في غزة بدأت قبل ما يقرب عام ونصف، لكن حـرب التهجير والتـهـويد في الضفة منذ سنين طوال، ولا زال فريق من أبناء هذا الشعب يغلب مصالحة الخاصة على كل ما له علاقة بهذا الوطن، بل ويتقاطع مع الاحتلال على حساب كرامة أبناء شعبة وقضيته العادلة.
وتابع:" وفي هذا السياق تستمر نخب سياسية واقتصادية في مشاريعها الاستثمارية دون أي مراعاة لما يحدث في كل الوطن من إبادة وتهجير.
وأردف:" مول رام الله نموذج من نماذج التجريف والخديعة وإظهار أن الوطن وأهله بخير، لذلك أقول لكل حر شريف في هذا الوطن: إذا لم تستطع فعل أي شيء لمساعدة المظلومين، قاطع ثم قاطع ثم قاطع كل الفاسدين والمفسدين وكل من يسلك سلوك لا ينتمي لهذا الوطن ولا يعيش معاناة آهلة وشعبه.
وكتب الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور قائلا:" قبل 5 أشهر تم افتتاح (ايكون مول) افتتاحية تجريبية على اساس ان يتم الافتتاح رسميا عندما تهدأ الامور، ويبدو انهم رأوا بان الامور هدأت، لا شهداء ولا قصف بيوت ومشافي مثل المعمداني.. شراهة رأس المال تعمي الابصار عن رؤية الجثث والرؤوس المقطوعة في غزة."
وعقب الصحفي رغيد طبسية قائلاً: "ظهرت في السنوات العشرين الماضية طبقة اجتماعية غريبة على المجتمع الفلسطيني، منفصلة عن واقعه، تحتكر موارده، وتتغذى على عذاباته، وتنتفع من سيطرة المحتل عليه.
وأكمل:" غرقت هذه الطبقة في المال والمناصب الوهمية والمكاسب الشخصية وأرادت أن تغرق المجتمع في بيئة لا تشبهه، مرة تأتينا بروابي التي لم يدخلها معظم أهل الضفة، ومرة تأتينا بحفلات ومراقص ومتاجر لا يعرفها من ينتظرون نصف الراتب لدفع الإيجار.
وبحسب طبسيه فان هذه الطبقة أطالت أمد الاحتلال، وشاركته في مشاريعها، وحسنت صورته أمام العالم، وإذا أردت أن تعرف من هم الأمر سهل، أنظر إلى من يقص الشريط ويلتقط الصور.
وتسائل:" هذه الطبقة تربح وتكبر على حساب من؟ على حساب شعب يباد في غزة ويهجر في الضفة، تسيطر هذه الطبقة على أي أرض؟ على أرض يقلص المحتل مساحتها كل يوم ويبتلعها الاستيطان.
وختم:" إن المحتل الذي يبيد ويهجر الناس البسطاء العزل، لن يرحم أصحاب المصالح والمناصب ومهما حاولوا العيش في برج عاجي، سيهدمه المحتل، والجيد أن الناس يدعون لمقاطعة المول القائم على جثث الشهـ داء والمقاطعة واجبة حتى لا يتحكم هؤلاء في رقابنا.
وكتب الناشط الشبابي جاد قدومي قائلا:" لم يعد الانتقاد منطقي او مناسب لهذا الواقع الوقح الخائن، الآن هناك تعمد لخلق نماذج، حتى لو بالوهم وداخل البوابات الصفراء، ملابس فارهة بحشوات فارغة بمظاهر خادعة كاذبة..
وأضاف: "الآن وهذه نصيحة شخصية وسط هذا السقوط: انجُ بنفسك وتبرأ من كل ما تراه.. النجاة الحقيقية ليست الهروب نحو الرفاهية وقت الإبادة، بل النجاة أن تكون انت كإنسان بوجدانك وجوارحك وانتماءك وما تستطيع مع المقهورين المظلومين المكلومين وان تبقى جزءًا منهم..
وختم:" لا يحزنكم ما ترونه من مظاهر.. ولا تتأملوا خير من لا أمل منهم ولا فيهم، إن الله يسمع ويرى" "إن الله مع الصابرين".
ودون الصحفي والكاتب احمد البيتاوي تدوينته بعنوان: رام الله بين الليالي الحمراء والبوابات البرتقالية قائلا: "على بعد خمس دقائق بالسيارة وإلى الشرق من "المول" الذي شهد بالأمس حفلاً بعيداً عن الواقع، بوابة برتقالية وضعها الاحتلال بالقرب من حاجز عطارة في رام الله، بوابة جعلت آلاف السيارات الحديثة في وضعية السكون، وفي أحسن الأحوال حولتها لمركبات بطيئة لا يتجاوز مؤشر سرعتها العشرين، جنديٌ في العشرين يعيق حركة المئات من أصحاب البدلات الرسمية وربطات العنق العصرية."
وأردف:" رام الله تلك المدينة التي أرادوا عزلها عن الواقع وجعلها مدينة تتعايش مع الاحتلال وترضى بوجوده، رام الله اليوم تدفن رأسها في الرمال أو تحاول، رفاهية كاذبة ومظاهر خداعة، رقص وغناء وبساط أحمر، وسيادة مدعوس عليها، كلها متناقضات لا يفهمها العقل."
وتناقلت وسائل الاعلام وشبكات وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد صاخبة لافتتاح احد المولات التجارية في مدينة رام الله ، بحضور رسمي من محافظة مدينة رام الله ليلى غنام ، والتي تعتبر احد رموز السلطة وحركة فتح في المدينة ، الامر الذي اثار زوبعة كبيرة من ردود الأفعال كونها تزامنت مع مجازر الاحتلال وجرائمه في غزة و الضفة.