اليد الخفية التي تدير العالم

اليد الخفية التي تدير العالم
توفيق السيف
أخبار البلد -  

مهما قيل في التأثير الهائل لأنظمة الدعاية الحديثة على تفكير الناس وميولهم، فلن تستطيع تحويل الإنسان إلى شبه آلة، تحركها تلك الأنظمة. بل أزعم أن التسليم المطلق بهذه الفكرة، يناقض الحكمة وتجربة البشر التاريخية. نعلم جميعاً أن التقدم المستمر كان سمة ثابتة في تاريخ البشرية. وما ينتجه البشر اليوم من المعارف والمنتجات المادية، دليل صريح على الفارق العظيم بين حالنا وحال البشرية قبل ألف عام مثلاً. تزيد العلوم التي ينتجها إنسان اليوم في عام واحد، عما كان ينتجه الأسلاف في عشرات السنين. وينتج من الغذاء ومصادر الطاقة ووسائل المعيشة، ما لم يصل إليه الأسلاف حتى في الخيال المجرد.

 

 

 

 

- حسناً... تأملوا معي في معنى التقدم، أليس جوهره هو التمرد على الأفكار السائدة والقناعات المعتادة والأعراف المعهودة.

تخيل أن نيكولاس كوبرنيكوس لم يتمرد على المبدأ الموروث، القائل بأن الأرض مركز الكون وأن الشمس تدور حولها، فهل كان علم الفيزياء والفلك سيقفز تلك القفزة العظيمة التي نعيش نتائجها اليوم، في حقل الاتصالات والطيران وتنبؤات المناخ وتطوير الإنتاج الزراعي... إلخ؟ في تلك الأيام كانت الكنيسة تعتمد نظرية الفلكي اليوناني القديم بطليموس، وفحواها أن الأرض مركز الكون. ولهذا جوبه كوبرنيكوس بالعزل والتكفير، فتردد كثيراً في نشر كتابه المتضمن نظريته الجديدة، حتى الأشهر الأخيرة من حياته.

تخيل أيضاً أن آلان تورينغ لم يتمسك بنموذج الحاسبة الذكية التي طوّرها في 1938 رغم إخفاقاته الأولية وسخرية زملائه وأرباب عمله، فهل سيكون لدينا الكومبيوتر والإنترنت التي باتت محرك حياة العالم في هذا الزمان؟ هذا وذاك، بل تاريخ البشرية كله، دليل على أن فطرة الإنسان الأولية، هي التمرد على السائد والمتعارف، وليس الانصياع له.

أقول هذا رغم أني - مثلكم - أنظر للحياة الواقعية الماثلة أمامي، فأرى غالبية الناس، تتأثر - كثيراً أو يسيراً - بتوجيه «الأيدي الخفية» التي تدير المسرح من وراء الستار.

- كيف نوازن إذن بين الاستنتاج المثبت علمياً، عن تأثير الدعاية والبيئة الاجتماعية على تفكير الإنسان وسلوكه، وبين رفضنا التسليم بهذا القول على نحو مطلق؟

لاستيضاح المفارقة، دعنا نستعن برؤية إيمانويل كانط، رائد الفلسفة الحديثة، حول الفارق بين حقيقة الأشياء وصورتها في الذهن.

أدرك قدامى الفلاسفة أن صورة الأشياء في الذهن، لا تطابق دائماً حقيقتها الواقعية. حين يخبرك شخص عن فرس سباق، فربما تتخيل صورة أجمل فرس رأيته. لكن حين ترى الفرس في الواقع، ستجده مختلفاً عن صورته في ذهنك.

أولئك الفلاسفة قالوا أيضاً إن معاينة الشيء تنهي تلك الازدواجية، حيث تتطابق الصورة الذهنية مع الواقع. وقالت العرب قديماً «فما راءٍ كمن سمعا». لكن إيمانويل كانط وجد أنك حين تنظر للشيء فإنك تراه من خلال الصورة التي في ذهنك، والتي غالباً ما تخالف الواقع قليلاً أو كثيراً. أي أن الفارق يبقى حتى لو رأيت الشيء بعينيك. هذه النقطة هي موضوع عمل الدعاية، التي تحاول تثبيت صورة ذهنية عن الأشياء، بغض النظر عن واقعها.

لكن كانط يقول أيضاً – وهو بالتأكيد صادق تماماً – إن عقل الإنسان ليس مرتبة واحدة. فهناك العقل العملي الذي يدير حياتك اليومية، وهناك العقل النظري الذي يتأمل حقائق الأشياء ويفكك معانيها، باحثاً عما وراء ظاهرها كي يتجاوزه، فيتحرر من الحاجة إليه، أو يستبدله بما يغني عنه. الدافع لاختراع الطائرة – مثلاً – كان شعور الناس بأن السيارة عاجزة عن تجاوز قيود الجغرافيا، مع أن أحداً ربما لم يتخيل يومذاك إمكانية أن يطير الحديد فوق الهواء. هذا العقل هو الذي يتمرد على تأثير الدعاية والتربية والبيئة ويختار طريقه المنفرد.

سوف أعود لهذا الموضوع في وقت لاحق. لكن يهمني التأكيد على لب الموضوع، أي وجود حالتين متوازيتين في واقع الحياة: سلوك القطيع ومسايرة الناس، مقابل الشك في هذا الواقع والتمرد على مسلماته. الأولى تكرّس النظام والراحة النفسية، والأخرى تؤكد قيمة العقل وكونه ماكينة التقدم الإنساني.

شريط الأخبار وزارة النقل والأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية توقعان مذكرة تفاهم لإنشاء نظام إدارة الجودة في الوزارة التحقيقات بأموال "جماعة الإخوان" المحظورة تُظهر جمعها لأكثر من 30 مليون دينار بشكل غير قانوني إدراج الثقافة المالية في منهاج التربية لهذه الصفوف العمــل : تسفـــير (4552) عامل غير أردني مخالف في النصف الأول من عام 2025 مدير الأمن العام يعين مدراء - اسماء بعد 17 عام خدمة "ناديا السعيد" تقدم استقالتها من بنك الاتحاد .. السيرة الذاتية الحكمة ومؤسسة التمويل الدولية توقعان اتفاقية تمويل بقيمة 250 مليون دولار أمريكي "المحطة الأخيرة" في افتتاح مهرجان ضمن فعاليات جرش 39 ريم سعادة شخصية العام.. ونخبة نجوم المسرح العربي أساتذة وموظفو "كلية الخوارزمي" بلا رواتب منذ شهور: مطالب بتدخل حكومي بنك الاتحاد "ابو خضرا" و "لينا جردانه" الى مجلس الادارة وتعيين "منتصر دواس" رئيسا تنفيذا المعارضة الإسرائيلية تهاجم نتنياهو بشدة بعد مقتل 3 عسكريين في غزة: يبيع جنوده ويُضحي بدمائهم وما يجري كارثة نسبة النجاح في امتحانات الشامل 61.1% البنك الأهلي أول بنك يطلق خدمة التقرير الائتماني الرقمي للشركات إعلان نتائج امتحان الشامل للدورة الربيعية اليوم طرح سندات خزينة بقيمة 150 مليون دينار وفيات الثلاثاء 15-7-2025 أجواء صيفية عادية فوق المرتفعات والسهول اليوم ترامب يهاجم رئيس الفيدرالي مجدداً بألفاظ نابية: لماذا لا تخفض الفائدة إلى 1%؟ مستوطنون يهاجمون شاحنات مساعدات أردنية متجهة إلى غزة مصرع 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين في كمائن للمقاومة بقطاع غزة