ما كان يُحرص على إخفائه منذ فترة طويلة، بات اليوم منشوراً عبر العديد من وسائل الإعلام، خلافات.... صراعات..... صدامات.... وتصفية حسابات ما بين الائتلاف السوري المعارض وميليشيا «الجيش السوي الحر».
هذه الخلافات لم تظهر على لسان أحد ممن يقف على المقلب الآخر، بل ظهرت من خلال أعضاء المعارضة والحر أنفسهم الذين راحوا يتبادلون التهم ويكشفون حقائق كانت تدور في مطابخ المعارضة خفيةً والآن أصبحت علنية.
ولعل الحدث الذي زلزل كيانات المعارضين وأظهر واقع الانقسام، لا بل العداء في بعض الأحيان هو إقالة رئيس أركان «الحر» سليم إدريس الأسبوع الماضي وتعيين عبد الإله البشير النعيمي بدلاً عنه، حيث وجه إدريس انتقادات لاذعة لرئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا، ووصفه بأنه «ديكتاتور». واتهمه بأنه سعى لإقالته من «الحر» لأسباب شخصية بحتة.
وقال إدريس في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزة البريطانية «bbc» أول من أمس إنه لا يعترف بشرعية القرارات الصادرة عن أسعد مصطفى، وزير الدفاع في «الحكومة المؤقتة المعارضة».
واتهم إدريس مصطفى بأنه «رجل فاسد جاء لينفذ مشروع فساد بإيحاء من الجربا».
وأكد أن قادة الجبهات والمجالس العسكرية على الأرض لا تعتبر إلا إياه رئيساً للأركان.
ونفى إدريس انشغاله بالسياسة عن القتال وعن العمل العسكري قائلاً إنه يذهب للدول الداعمة للجيش السوري الحر طلباً للعون والمدد، كما اشتكى من قلة الدعم المالي والعسكري من قبل تلك الدول.
وقال إن لديه إستراتيجية عسكرية وأمنية ولكن لم تقدم له متطلبات العمل اللازمة لتنفيذها.
ويقول خبراء إن هذا التغيير في قيادة «الحر» يمكن أن يكون محاولة لإعادة إحياء «المجلس العسكري السوري» المدعوم من الغرب.
وهذا ما أكده أعضاء في المعارضة أشاروا إلى أن إقالة إدريس هي مسألة شخصية، حيث قالت مصادر إعلامية نقلاً عن عضو في «المجلس العسكري الأعلى»، إن إدريس والجربا، لم يكونا على وفاق. وكان هناك توتر كبير على المستوى الشخصي بينهما وحتى بين الجربا والمتحدث باسم إدريس، لؤي المقداد، عقب قيام الجربا بصفع المقداد في أحد اجتماعات الائتلاف في تشرين الثاني الماضي. وقالت المصادر إن الجربا زاد من تدخله في المسائل العسكرية، وبنى علاقات قوية مع فصائل مسلحة من خلال تزويدها بالدعم المالي.
ووفقاً للمصادر فقد بنى الجربا علاقة مع أسعد مصطفى، وعندما هدد الأخير بالاستقالة، رفض الجربا، كما قيل، استقالته، وأقنع أعضاء «المجلس العسكري الأعلى» بإقالة إدريس.
ونقلت المصادر الإعلامية أن أعضاء المجلس الأعلى تلقوا مبالغ تتراوح بين 4000 دولار و9000 دولار للقيام بذلك.
وقوبل هذا القرار بردات فعل مختلفة. حيث رفضت العديد من فصائل «المجلس العسكري» إقالة إدريس وأصرت على أنه الممثل الشرعي «للحر» في سورية. مشيرةً إلى أن إدريس قد لا يرحل بسهولة.
إلا أن الائتلاف السوري رحب بهذا القرار في تلميح محتمل إلى تقارب في العلاقات بينه وبين المعارضة المسلحة التي تعمل على الأرض.
إقالة ادريس تلك جاءت بعد زيارة الجربا للمسلحين بريف إدلب في رسالة أراد منها القول أن هناك محاولات لربط «الجيش الحر» بالائتلاف بعد تصريح صدر من أحد قادة «الحر» بأن وفد الائتلاف الذي كان حاضراً مفاوضات جنيف لا يمثله وهو غير معني بالقرارات التي يتخذها، ولعل أولى بوادر هذا الربط الذي حرص الجربا على إظهارها جاء بتغيير رئيس الأركان والإتيان بآخر هو أقرب لرئاسة الائتلاف وبالتالي أقرب للسعودية التي كانت تعتبر أن «الحر» لا يمتثل لضغوطها بما يكفي كون تبعيته كانت غربية بامتياز.
ووفقاً لأرون لاند، الصحفي في الموقع الإلكتروني التابع لمؤسسة «كارنيجي أندومينت» للسلام الدولي، فإن جبهات القتال الجنوبية مشتعلة بضراوة في ضوء شحنات الأسلحة الممولة من السعودية التي وصلت مؤخراً. وقال إن تجدد التركيز على الجنوب يمكن أن تكون له علاقة بتعيين البشير كرئيس جديد «للحر»، بما أنه يأتي من محافظة جنوبية وكان قيادياً في «الحر» على هذه الجبهات.
والبشير هو قائد غير معروف على مستوى واسع، ولكن وفقاً للاند أنه ينتمي إلى قبيلة عربية كبيرة منتشرة في أنحاء المنطقة، وحتى في قطر. وهو كان رئيس مجلس القنيطرة العسكري التابع للمجلس العسكري الأعلى في الجنوب، ووفقاً لمصادر لديه علاقات وثيقة بالائتلاف.
في السياق ذاته يأتي ما قاله عضو الائتلاف المنسحب كمال اللبواني في لقاء مع «bbc» الخميس عندما اتهم الجربا بأنه يصفي حساباً شخصياً مع اللواء إدريس تُرجم بإقالته من «الجيش الحر» وأن الخلاف مبني على عداوات ومواقف شخصية عدائية مع إدريس وآخرين في «الحر»، كما شن اللبواني هجوماً شرساً على العديد من أعضاء الائتلاف من بينهم رئيسه أحمد الجربا بعد أن سماه بالاسم متهماً إياهم بشكل صريح ومباشر بالعمالة وقبض الأموال من بعض القوى الإقليمية والدولية وعملهم بالاستناد إلى اعتبارات شخصية وتصفية حسابات فيما بينهم.
وكان إدريس أعلن رفضه قرار إقالته بوصفه «ارتجالياً وفردياً وباطلاً».
وجاء الإعلان في مقطع مصور ظهر فيه إدريس بصحبة عدد من القيادات الميدانية بميليشيا «الحر». وتلا إدريس بنفسه بياناً قال فيه إن «بعض أطراف المعارضة السياسية والعسكرية تقوم باتخاذ تدابير ينبع أغلبها من مصالح فردية وشخصية».
وأوضح إدريس أن المجتمعين قرروا «فك الارتباط مع مجلس الثلاثين ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة كون قراراتهم ارتجالية وفردية وباطلة شرعاً وقانوناً».
«الحر» يصف جماعة الإخوان المسلمين في سورية بـ«التنظيم الإرهابي»
هذا وطالبت جماعة الإخوان المسلمين في سورية هيئة أركان «الحر» بـ«بيان واضح وموقف صريح» من البيان الذي أصدرته «القيادة المشتركة للجيش السوري الحر»، والذي صنف الجماعة بوصفها تنظيماً إرهابياً على حد وصف البيان المنسوب لـ«إدارة الإعلام المركزي» في ما سمي بالقيادة المشتركة.