وسط أزمة اقتصادية – اجتماعية متفاقمة ناجمة عن الفساد والتبعية، ووسط ارتفاع جنوني في الأسعار وتآكل القيمة الشرائية لدخل محدود اصلا، ووسط التداعيات الخطرة للأزمة السورية وما يراد لها من تغطية على جولة كيري وما تحمله من مخاطر على العرب عموما وعلى الأردن والقضية الفلسطينية خصوصا، بدأت تتشكل مناخات مسمومة لضرب الوحدة الوطنية، لا تلحظ أن ما هو أكبر من التطبيع الثقافي والاقتصادي… الخ مع العدو، هو العدو نفسه ومشروعه واستراتيجياته لتجديد نفسه ودوره الاقليمي ضد الأمة والمنطقة…
وما هو أكبر من قضية التجنيس، ما يجري تداوله من مناخات سياسية تضخ الدم في عروق العدو المتيبسة المتآكلة.. والخطير في كل ذلك هو إغراقنا بالتفاصيل والحيثيات وتحويل المقاربات والتباينات الثانوية الى مستوى التناقض الرئيسي على غرار ومنوال ما يحدث ويعم المنطقة كلها "سنة وشيعة، مسلمون ومسيحيون، وغدا شافعية ومالكية… الخ".
لا جدال حول أهمية التمييز بين العام والخاص والتعاطي مع تجليات الظواهر وتعبيراتها وقواعد اللعبة السياسية وموازين القوى في اللحظات الراهنة، ولكن دون تغييب الاستراتيجيات العامة أو التفريط فيها.
وتكمن اهمية هذا التنويه في ان العدو الصهيوني ومن خلفه الامريكان والعواصم الأطلسية يغذي التفاصيل ويؤطرها في اتفاقيات ومبادرات، ويقدمها على شكل حلول "مرحلية" قابلة للنقاش وهكذا… فندخل في سجالات واصطفافات حولها تغذي الكراهية والمخاوف والانقسامات….
لذلك كله لا بديل ابتداءً عن التأكيد على الثوابت والحقوق الأساسية، وبما يساعد على تعزيز الوحدة وتثميرها في عمل وطني مشترك، يقطع الطريق على أكاذيب العدو ومحاولاته اللعب على الوقت والتباينات الداخلية، وعلى رأس هذه الثوابت والحقوق، خيار المقاومة والتحرير وحق العودة الى أي شبر من فلسطين.