أخبار البلد - م. ياسر طبيشات
مشاريع الباصات السريعة في العالم عديدة ودرجات النجاح متفاوتة...لكن هنالك مؤشرات نجاح ومؤشرات فشل... فمثلا تكبد الشركة المتكاملة للنقل التابعة للامانة خسائر فادحة مؤشر فشل مع أن باقي شركات النقل العام في عمان تحقق أرباحا... لماذا ؟
الخبراء الأجانب الذين أستعانت بهم الحكومة لتقييم الباص السريع واوصوا بضرورة إكمال الباص السريع.. كانوا ليوصوا بنفس الشيء للشركة المتكاملة للنقل لو استعانت بهم الحكومة قبل أنشاء هذه الشركة.. وكذلك الأمر بالنسبة للتكسي المميز.
والسبب في ذلك أن الخبراء الاجانب خبراء فنيون وليس خبراء اجتماعيين وثقافيين واقتصاديين ويصممون مشاريعهم بناء على معلومات صحيحة ومدروسة.. وهنا المشكلة!
أذا كانت الامانة والجهات المسؤولة زودت الخبراء الاجانب بالمعلومات الصحيحة فان تأثير ذلك لن يظهر الا عند تشغيل المشروع.فمثلا في دول هؤلاء الخبراء مؤشرات نجاح وسائل النقل هي الراحة والأمان والسرعةوفي الاردن بالأضافة الى العوامل المذكورة تلعب الأجرة العامل الاهم ولهذا فشل مشروع التكسي المميز... والباص السريع مشروع خاسر لارتفاع التكاليف اذا تساوت او زادت الاجرة قليلا عن مثيلاتها من وسائل النقل الاخرى ولن يقبل عليه المستثمرون الا أذا كانت الاجرة تتناسب مع أستثماراتهم وأذا تولت الأمانة تشغيل المشروع فسيستنفد موازنتها.
وكوني مراقبا لمايجري في هذا المشروع ومتابعا له منذ البدايه فاني اتساءل عن مجموعة من العوامل التي لم بتم الأجابة عليها لتاريخه وهي:
1- الجدوى الاقتصادية للمشروع :
العامل الاهم في حساب الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع هو عدد الركاب الذين سيستخدمون الباص السريع وسعر التذكرة.
ولو أخذنا شارع الملكة رانيا من دوار صويلح الى المدينة الرياضية ( مسار الباص السريع) لنتعرف على عدد الركاب في هذا المقطع ؛
النقاط الحرجة في هذا المقطع هي دوار صويلح وبوابة الجامعة الاردنية (طلاب) ومسشفى الجامعة من المراجعين.
• معظم الركاب في هذة المقاطع إما قادمون من إربد وجرش ومخيم البقعه والسلط وصويلح والقرى التي على نفس الخط وينزلون على دوار صويلح للتوجه جنوبا نحو الدوار الثامن وغرب عمان لأن الباصات التي تقلهم معظمها تسير باتجاه شارع الملكة رانيا والجامعة الاردنية ومستشفى الجامعة ودوار المدينة الرياضية والداخلية فالطلاب ينزلون على بوابة الجامعة والمراجعون ينزلون مقابل مستشفى الجامعه والباقي بكملون المشوار نحو دوار الداخلية وجبل الحسين ووسط البلد.
ومعظم هؤلاء ليس لهم مصلحة في الباص السريع سواء صباحا او مساء وكذلك الامر بالنسبة للقادمين من منطقة أبو نصير ومايجاورها.
وكذلك الامر بالنسبه للقادمين من جنوب عمان باتجاه الجامعة او المستشفى عن طريق شارع المدينة المنورة لان الباصات التي يستقلونها من مناطقهم توصلهم الى غايتهم وهي الجامعة او المستشفى.
وينطبق هذا أيضا على القادمين من جبل الحسين المنطقة الاكثر جاذبية تجاريا واقتصاديا واكثر منطقة حيوية في عمان لان الباص السريع لايصلها ويلتف الى اليسار عند دوار المدينة الرياضية وكذلك الامر للقادمين من شمال عمان والذين يخدمهم الباص السريع هم وحدهم الذين يقطنون بعيدا عن مسار الباص السريع من 300-500 متر.
أي ان الباص السريع لن يكون منافسا لوسائل النقل الحالية لأن معظمها قادم من خارج وسط العاصمة والمناطق الحيوية فيها على عكس الباص السريع، هذا بالأضافه الى أن أسعارها أرخص من الباص السريع فيما حتى ولو وفر الباص السريع متطلبات رحلاتهم. ومن الملاحظ هنا أن الباص السريع لايصل الى جبل الحسين مع أن هذة المنطقه من أكثر المناطق حيوية تجاريا واقتصاديا في عمان ومنطقة جاذبة للرحلات من جميع المناطق ومع ذلك غير مستفاد منها في مشروع الباص السريع.
2-العوامل الفنية للمشروع :
للعلم مشروع الباص السريع سيكلف الأمانه عشرات الملايين لتحسين البنيه التحتيه للتقاطعات والجسور التي يمر بها وهذه التكاليف أضافية لاتدخل ضمن تكاليف مشروع الباص السريع. والتساؤل الذي يدور في بال كل مواطن هو:
1-لماذا تم تصميم مسرب الباص السريع في منتصف شارع الملكة رانيا وليس على احد الجانبين.... فهل سيتم مثلا أزاله الحوائط الحامله للجسور التي يمر بها مثل جسر الجامعة والصحافة.... لأن اي اجراء لتجنب ذلك مكلف جدا والتفاف الباص السريع يمينا اويسارا يقلل من فاعليته ويصبح كأي وسيله نقل أخرى وكذلك الامر عند الاشارات المرورية هذه الاجراءات مكلفة أكثر من مشروع الباص السريع نفسه.
2-عرض المسرب 7 أمتار في الأتجاهين ولمسربين والمواصفات العالمية لمسرب سيارات الركوب المتوسطة مابين (3.3- 3.6 ) متر اما الباصات بقاطرات فمن الطبيعي أن يكون عرض المسرب اكبر من ذلك وخصوصا أن المسربين في أتجاهين متعاكسين واي مشكلة على أكتاف المسربين سيسبب مشاكل لمسير الباص السريع وخصوصا أذا ماداهمته الثلوج حيث سيصبح عرضه اقل من 6 متر في حال تجمع الثلوج على جانبيه
3- العوامل الأجتماعية :
لأي مشروع اصحاب مصلحه مستفيدون او متضررون من هذا المشروع ومقدار نجاح اي مشروع يتم تقييمه من خلال مايعود بالفائدة على أصحاب المصلحة هؤلاء ولو استعرضنا أصحاب المصلحة في مشروع الباص السريع لوجدنا أنهم :
1- الركاب الذين لايملكون وسيلة نقل ويخدم الباص السريع وجهتهم سواء كانوا مواطنين او طلاب جامعات او مراجعين لمستشفى الجامعه...كم نسبةهؤلاء من مجمل الركاب ؟
2- اصحاب وسائل النقل التي تمر بشارع الملكة رانيا (خط الباص السريع) هل هؤلاء سيتضررون أم لا ؟
3- التجار على طول المسرب السريع... هل سيؤثر الباص السريع على تجارتهم سلبا او أيجابا ؟
4- المستثمرون المهتمون بالأستثمار بوسائل النقل...هل الباص السريع مجد أقتصاديا لهم ولأستثماراتهم ؟
5- مالكو السيارات الخاصة.. هل سيؤثر مشروع الباص السريع على تغيير نمط تحركهم وتغيير سلوكهم وتشجيعهم على استخدام الباص السريع لتجنب الازدحام؟
قد يكون هنالك أصحاب مصلحة غير هؤلاء... ولكن هل يستطيع أحد أن يستنتج من الان الإجابه عن كل ماذكر من تساؤل؟
لا أريد الأجابه على كل ماتم ذكره تجنبا للجدل واترك الأجابة للقاريء ليجيب ؟
وأتساءل؟ لماذا فشل مشروع الشركة المتكاملة للنقل؟.. لعشرات الاسباب.. وعلى الأمانة تقديم دراسه شاملة وكاملة في هذا الشأن لنفسها اولا وليس للأخرين حتى تستفيد منها في مشروع الباص السريع... ولماذا فشل مشروع التكسي المميز ؟
الأردن له ثقافة وميزات خاصة يجب أخذها بعين الأعتبار والخبراء الأجانب فنيون فقط لايعرفوننا كما نعرف أنفسنا..
على الامانة الأستفادة من الاخطاء السابقة ومحاولة تجنبها حتى لايكون الباص السريع مشروعا فاشلا
رئيس اختصاص هندسة مرور