علمت 'امصادر ان الاردن ودولة الامارات العربية يقومان بدور الوساطة بين السعودية والولايات المتحدة، للحيلولة دون تفاقم الازمة التي اندلعت بينهما مؤخراً، جراء اختلاف المواقف والاراء لدى كل منهما بخصوص الموضوعين السوري والايراني.
وقالت مصادر دبلوماسية حسنة الاطلاع ان لقاء جدة الذي انعقد يوم الاثنين الماضي بين خادم الحرمين، وكل من الملك عبدالله الثاني، والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد ابو ظبي، قد جاء تجسيداً لاول حلقات هذه الوساطة التي تستهدف رأب الصدع، واحتواء الخلاف الطارئ، ومنع تدهور العلاقة التاريخية بين واشنطن والرياض.
واوضحت المصادر ان الوسيطين الاردني والاماراتي قد نصحا حكام السعودية بضرورة التروي والتحلي بالصبر والحكمة في خلافهم مع ادارة اوباما التي باتت تضيق ذرعاً بالعصي التي تحاول السعودية وضعها في دواليب الاستراتيجية السياسية والامنية الجديدة التي تعكف هذه الادارة على اعتمادها في الشرق الاوسط، عبر التوافق والتفاهم مع الشريك الروسي.
وقالت هذه المصادر ان الادارة الامريكية قد اوعزت لهذين الوسيطين ابلاغ حكام السعودية تصميم الولايات المتحدة وروسيا على عقد مؤتمر جنيف2 لمعالجة القضية السورية سلمياً وبالحوار المباشر وغير المشروط بين النظام السوري وفصائل المعارضة، باستثناء عصابات داعش والنصرة وباقي الجماعات الارهابية التي بات معروفاً انها تتلقى دعماً مالياً وتسليحياً سعودياً.
وافادت هذه المصادر الدبلوماسية ان واشنطن قد حذرت، عبر هذين الوسيطين، القيادة السعودية من التدخل في المخططات السياسية الامريكية او العمل على اعاقتها وعرقلتها، وبالذات لجهة الانفتاح على ايران والتفاهم معها حول عدد من القضايا والموضوعات العالقة وفي مقدمتها الموضوع النووي الايراني.
وذكرت المصادر ان القيادة السعودية التي ابدت رغبتها من حيث المبدأ في التهدئة، قد عددت للملك عبدالله والشيخ محمد بن زايد مبررات موقفها المختلف مع التوجهات الجديدة والمفاجئة للادارة الامريكية، وما تنطوي عليه من ضعف وارتباك في قضايا ومسائل مفصلية لا يجوز لدولة عظمى ان تتهاون فيها، وقالت القيادة السعودية انها لن تسلم بانتصار المحور الروسي - السوري - الايراني، وستثبت لادارة اوباما انها قادرة على مواجهة هذا المحور في الميدان ودون دعم او غطاء من الولايات المتحدة.
واشارت المصادر الى ان خادم الحرمين قد ابدى من طرف خفي رغبة بلاده في مؤازرة الاردن والامارات لها في مواقفها الراهنة حتى لا تبدو معزولة او بعيدة عن الصف العربي، خصوصاً بعد تراجع كل من مصر وقطر عن مواقفهما المناهضة للنظام السوري والداعمة للمعارضة السورية التي تعاني حالياً من خذلان عربي وعالمي كبير.
وفي هذا السياق دعت صحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية الى ضرورة العمل فورا على إنقاذ العلاقات الأمريكية-السعودية، وجاء في مقال نشرته يوم الخميس الماضي للكاتب ديفيد إغناطيوس أن العلاقات بين واشنطن والرياض كانت تتدهور على مدى السنتين الماضيتين، دون أن يعمل أحد في كلا العاصمتين شيئا للحيلولة دون وقوع أزمة.
وأشار إغناطيوس الى أن قرار الرياض رفض المقعد الذي فازت به في مجلس الأمن الدولي، كان رسالة موجهة الى الولايات المتحدة وليس الى الأمم المتحدة.
وأضاف: ما يثير القلق هو أن اربعة حلفاء آخرين لواشنطن في المنطقة وهم مصر والأردن والإمارات واسرائيل، يشاطرون السعودية تحفظها على السياسة التي تمارسها إدارة باراك أوباما في المنطقة.
ونقل إغناطيوس عن مصادر شرق أوسطية أن هذه الدول تعتبر أن أوباما أضر بالنفوذ الأمريكي في المنطقة بعد أن تخلى عن مبارك ودعم 'الإخوان المسلمين' ومحمد مرسي في مصر، بالإضافة الى تغيير موقفه من سورية وتحالفه مع موسكو بشأن أسلحتها الكيميائية وتوجهه لبدء مفاوضات مع إيران.
ونقل الكاتب عن مسؤول عربي مطّلع أن خادم الحرمين قد أعرب عن خيبة أمله من السياسة الأمريكية، خلال لقائه الاخير مع الملك عبد الله الثاني والشيخ محمد بن زايد، وقال لهما انه يعتبر واشنطن طرفاً لا يمكن الاعتماد عليه، مضيفاً أنه لا يرى بوادر مشجعة لسعي أي من الطرفين لإصلاح هذه القضية.
وقالت 'واشنطن بوست' ايضاً ان الموقف السعودي من الازمة السورية لم يعد لغزاً يحتاج الى تفسير.. فقد اعلن الامير تركي بن فيصل صراحة ان امريكا كان عليها ان تدمر سلاح الجو السوري ومراكز السيطرة بدلا من قبول الاتفاق السوري الروسي بنزع السلاح الكيماوي ... وما رفض السعودية عضوية مجلس الامن الا حجة لمواصلة التحريض على سوريا وللتغطية على ذلك اشارت السعودية الى القضية الفلسطينية من باب رفع العتب.
واكدت الصحيفة ان 'الغضب السعودي، قد عزز إحباط البيت الأبيض من الرياض كحليف جاحد'، موضحة أنه 'حين زار كيري المنطقة قبل أسابيع، طلب زيارة الأمير بندر بن سلطان، لكن بندر- كما قيل- ردّ بأنه متوجه إلى خارج المملكة، وبإمكان كيري مقابلته في المطار، ما صعق المسؤولين الأميركيين'.