في عمان اجماع نيابي غير مسبوق على طرد السفير الاسرائيلي,وفي تل ابيب تأليب اعلامي سمج على مجلس النواب الاردني لتصنيفه معاديا لاسرائيل,اما في الصحافة الاردنية فالاهتمام تركز على كيفية اخراج المجلس مما وصفته بعض الصحافة بالمأزق ,والصحيح ان مجلس النواب لم يدخل مأزقا بتبنيه قرار طرد السفير وسحب السفير ,بل انسجم تماما مع موقف الاردن شعبيا ورسميا ومع اتفاقية الوصاية التي جددت رعاية وحماية جلالة الملك للمقدسات الاسلامية في القدس الشريف,
فالقضية اردنية بامتياز ولكنها عربية اسلامية في الاطار العام ولا بد للأردن ان يقف بحزم لمواجهة تعديات المستوطنين على الحرم القدسي والتي لا تحدث الا بمباركة حكومة المتطرفين بزعامة نتنياهو ,والاردن الرسمي يحتاج الى دفعة شعبية قوية من خلالها يخاطب المجتمع الدولي ويبرق برسالة الى اسرائيل مفادها ان مجلس النواب الاردني اصبح لاعبا رئيسيا فيما يخص العلاقات مع اسرائيل تماما كما هو الكنيست الذي صنف منذ سنوات طويلة بمعاداته للأردن وللاردنيين بوضعه العقبات امام اية تفاهمات للحكومة الاسرائيلية مع العرب عموما او انه يضغط لاجبار الحكومات الاسرائيلية على اتخاذ اكثر المواقف تطرفا حتى ازاء اتفاقية السلام مع الاردن ,وعليه فان على اسرائيل ومؤيديها معرفة وفهم التغيرات التي طرأت في الاردن حيث لم يعد مجلس النواب اطارا شكليا وقابلا للثني كيفما تريد الحكومات.
صحيح ان قرار سحب السفراء لا يعني الغاء اتفاقية السلام او التراجع عنها ولا حتى تجميدها ,فالنواب يدركون ان الاتفاقية تخدم المصالح الاردنية أكثر مما تخدم المصالح الاسرائيلية وبالتالي فأن الاجراء الانسب والافضل للتعبير عن غضب الشعب الاردني هو القرار الذكي بابقاء اسرائيل في عزلة حتى ضمن محيطها القريب فلا تتبجح – كما تفعل – بتوقيعها اتفاقية سلام مع الاردن وتبجحت في الماضي بتوفيعها اتفاقية مثيلة مع مصر,وبالتالي فان قرار سحب السفير مطلب عادل ويبقى ما لم تلتزم حكومات اسرائيل باحترام الوصاية الهاشمية على المقدسات في اطار تعهد ملزم .
ابواق الصحافة الاسرائيلية في واشنطن كثيرة وفاعلة,وسوف ينتقل الموقف الاسرائيلي من البرلمان الاردني الى الولايات المتحدة ليتحول الى فزاعة جديدة كأن يتهم النواب الاردنيين بمعاداة السامية مما سينعكس حتما على العلاقات بالكونغرس الاميركي وموقفه الداعم نسبيا للاردن ,اي ان الضرر سوف يحدث كما خططت المنظمات الصهيونية العالمية بهدف التأثير على زيارة جلالة الملك وحراك الاردن الدبلوماسي النشط في الفترة الاخيرة ,فالاقتراب من الادارة الاميركية لن يكون الا على حساب الطرف المعتدي والمحتل, وهذا الطرف هو اسرائيل التي جندت مرتزقتها في الولايات المتحدة لاحراج الاردن باستقدام عصابة من المتصهينين وتشجيعهم على الاعتداء الاثم على الاقصى ,في مقابل الضرر هناك فوائد كثيرة لموقف مجلس النواب على رأسها اسناد الموقف الرسمي وموقف جلالة الملك بتأييد شعبي كبير لن تجرؤ قوة على التشكيك فيه .
سيلتقي الملك نواب الشعب اليوم ,وهناك الكثير ما يمكن التحدث عنه بعد مئة يوم على الانتخابات النيابية وعلى تشكل مجلس النواب السابع عشر,وعلى ضوء مستجدات كثيرة من بينها الانتهاكات الاسرائيلية للحرم القدسي وجملة من القضايا الداخلية المهمة ,فالملك طالب بتسريع وتيرة العمل على جبهة التشريع ومجلس النواب ينشغل بتفاصيل جانبية عديدة والى اليوم لم يقر المجلس قانونا واحد من بين اربعة او خمسة قوانين مهمة كان يفترض ان ينتهى منها المجلس,ومع ذلك تبقى هبة المجلس لنصرة المقدسات هي العلامة الابرز لانها ستحمل عن جدارة جميع المواقف التصعيدية للحكومة الاردنية .
جهاد المومني