|
منذ زمن بعيد والحديث عن استلام الأردن لأبي قتادة من بريطانيا قيد التناول الإعلامي، وذهبت وفود رسمية من البلدين للتشاور، وأقسمنا أغلظ الأيمان بأن هذا الرجل لن يتعرض للتعذيب بل سينال محاكمة عادلة وفق القانون الأردني. لقد سألت نفسي مراراً: ما حاجة الأردن للاهتمام بهذا الموضوع؟ ماذا يستفيد الأردن من استقباله ومحاكمته وسجنه؟؟ هل يشكل لنا أولوية؟ أم هي مشكلة بريطانية نريد حلها لهم؟؟!! أعتقد جازماً أن الحكومة مدعوة لترك الموضوع وعدم قبول أي ضغوط لاستقباله، فنحن لدينا من المشاكل ما يجب أن نلتفت إليه، أما صفة المواطنة التي يحملها فهذا يعود لنواح إنسانية فقط كأن يكون له أهل في الأردن ويريدون أن يكون ابنهم قريباً منهم لزيارته والاتصال به، أما إذا لم يطلب هو ذلك، ولم يطلب أهله فلا داعي للهرولة لطلبه لأنه في ظني لا يرغب بذلك قناعة منه بأن القضاء البريطاني والسجون البريطانية قد تتعامل معه وفق المعايير الأوروبية وهناك منظمات حقوق الإنسان التي تعج بها بريطانيا والتي قد تمارس له الحماية القانونية والإنسانية. الأولى بالحكومة السعي لجلب كل من سرق الملايين وهو حر طليق يسرح ويمرح بدءا بأحمد الجلبي وانتهاء بالمتهم في قضية الفوسفات، فما يهم المواطن الأردني هو لقمة العيش واسترداد ماله المنهوب مرة عبر بنك البتراء ومرة عبر الخصخصة وثالثة عبر الفوسفات. ما نريده لبلدنا الانفراج السياسي والاقتصادي والاجتماعي وجلب المتهمين بالمال يساعدنا في تحقيق هذا الهدف. أما المتهمون بالإرهاب مثل أبي قتادة فيزيد الأمر تعقيداً وربما زاد في عدد المسيرات والاعتصامات المتخم أصلاً حتى أننا لا يمر يوم إلا وهناك معتصمون وغاضبون ومطالبون!!! إن استقدام أبي قتادة سينعش التيار الذي ينتمي إليه وسيكون الأردن يومياً في القنوات الفضائية وسيكون التناول سلبياً لا محالة حيث سيكون حديث الناس: إن المتدينين يضطهدون بينما اللصوص هاربون والفاسدون طليقون !!! على الحكومة الأردنية أن لا تقسم أغلظ الأيمان للبريطانيين ولتتذكر الحكومة أن حكومات كثيرة لم تلتفت لمثل هذا بل أهملت الموضوع إلا إذا كنا أمام حالة إنسانية فهنا تكون المطالبة محققة لفائدة للأردن، حيث سيوجه له الشكر والامتنان وبغير هذا الدافع فلا حاجة لنا بأبي قتادة لأنه لم يسرق الملايين بل سنصرف عليه نفقات مالية وسياسية وإعلامية في آن واحد.
أ.د بسام العموش |
الأردن وأبو قتادة
أخبار البلد -